دمشق - أحمد رفعت يوسف / لا ميديا -
كل الوقائع الميدانية والسياسية، تؤكد أن المنطقة دخلت المرحلة الثانية من الصراع، منذ فشل مفاوضات القاهرة، والفشل «الإسرائيلي» -الأمريكي، في تحقيق الأهداف في المرحلة الأولى للعدوان، والمفاجآت غير المتوقعة للأمريكيين، وخاصة في البحر الأحمر.
التداعيات الميدانية لهذه المرحلة ستظهر تباعا، وستتجاوز قطاع غزة بكثير، وجاءت أول إشارة إليها، في بيان المقاومة العراقية، يوم الخميس الموافق 14 آذار الجاري، حول استهدافها بالطيران المسيّر، قاعدة بالماخيم الجوية في عمق الكيان الغاصب، حيث أكد البيان «استمرار ومضاعفة عملياتنا، خلال شهر رمضان المبارك، في دك معاقل الأعداء، استكمالاً للمرحلة الثانية لعمليات مقاومة الاحتلال».
واستعدادا لهذه المرحلة، تعمل الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني، على إقامة منصة عائمة، بحجة توصيل المساعدات لأهالي القطاع، فيما الواقع يقول بأن الولايات المتحدة، لو كانت جادة في ذلك، لأمرت بفتح معبر رفح، حيث تصطف آلاف الشاحنات، الجاهزة للدخول إلى القطاع، مع تأكيدات بأن الهدف الرئيسي منها، تهجير أهالي القطاع.
كما تم تجهيز ميناء في قبرص، ليكون بديلاً عن ميناء حيفا، فيما لو تم تعطيل الملاحة إليه، مع توسيع نطاق القتال.
كما كشف موقع «فوكس نيوز» الأمريكي، أن الولايات المتحدة الأمريكية سحبت أكثر من 63 قطعة بحرية من بحر الصين، منها بوارج وفرقاطات ومدمرات، حشدتها في الخليج العربي وبحر عُمان والبحر الأحمر وشرق المتوسط، وثلاث حاملات للطائرات، تمركزت واحدة منها قبالة سواحل فلسطين المحتلة، القريبة من لبنان، واثنتين في بحر عمان.
كما شحنت أكثر من 60 بطارية صواريخ باتريوت، من الجيل المتطور، من القاعدة الأمريكية في الكويت، ونصبتها في السعودية، ونصبت 19 بطارية في الكويت، و10 في البحرين، و23 في الإمارات، وجهزت سفنها بالمضادات الصاروخية الاعتراضية.
كما زودت الكيان الصهيوني، بمنظومات باتريوت، وتم خلال الأيام القليلة الماضية، نشر 8 منظومات مضادات للصواريخ من نوع ثاد، حول كل مدينة في فلسطين المحتلة، و4 في داخل كل مدينة، وعززت مواقعها الحدودية، بجدار من القبة الحديدية، وبطارية صواريخ باتريوت كل 10 كيلومترات.
كما نشرت «إسرائيل»، قوات كبيرة في المنطقة الشمالية، المحاذية للحدود مع لبنان، ومنها بعض ألوية النخبة مثل لواء غولاني، وحشدت فرقة قتالية، في الجولان السوري المحتل.
ما يمكن تأكيده، أن هذه التحشيدات «الإسرائيلية» -الأمريكية، تجري تحت أعين غرفة عمليات المقاومة، التي ترصد، وتراقب، وتحلل، وتخطط، وتنفذ، وأثبتت قدرتها الكبيرة، على تقدير الموقف، والتعامل مع الوضع الميداني والسياسي، ومن السهل التوقع أن الروس والصينيين، غير بعيدين عن عملها.
ورغم حالة السرية، التي تتسم بها المخططات والأهداف العسكرية، لكن معلومات عديدة ومتقاطعة، من مصادر مقربة من محور المقاومة، تؤكد جاهزية أطراف وفصائل محور المقاومة، لمواجهة أي تصعيد أمريكي -«إسرائيلي»، وأكثر من ذلك، فقد تكون هي المبادرة في توسيع عمليات القتال، وجر «الإسرائيليين» والأمريكيين إلى المواجهة، خاصة وأن المرحلة الأولى من الصراع، التي بدأت مع عملية «طوفان الأقصى»، أكدت أن أطراف محور المقاومة، تقوم بعملية تصعيدية، لاستنزاف العدو، والسيطرة على زمام المبادرة، رغم أن ميدان المواجهة المباشرة، كان فقط مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وشكلت بقية الساحات عملية إسناد لها.
وتؤكد هذه المعلومات، أن محور المقاومة، أعد مفاجآت كثيرة، وغير متوقعة للعدو، ستضرب في في ما تبقى من نقاط قوته، ومنها سلاح الجو «الإسرائيلي»، الذي يشكل عامل التفوق والقوة لـ«الإسرائيليين»، وكذلك بطاريات الباتريوت، والسفن الحربية الأمريكية والبريطانية، في الخليج وبحر عُمان والبحر الأحمر.
وقد كان لافتاً جداً، حديث مصادر عسكرية روسية، عن امتلاك اليمن صواريخ «الهايبرسونيك» الفرط صوتية، وأنها أجرت اختبارات لهذه الصواريخ، وقد تعلن عنها، وهذا ما قد يجعل القوات المسلحة اليمنية، ضمن الدول المحدودة، التي تمتلك هذه التقنية الحساسة، والتي تكمن في عدم استطاعة كل أنظمة الدفاع الجوي في العالم، اعتراضها أو حتى كشفها.
وبحسب موقع «فوكس نيوز» الأمريكي أيضاً، فقد اتخذت دول وأطراف محور المقاومة، إجراءات ميدانية، خاصة في جبهتي جنوب لبنان والجولان السوري المحتل، حيث قام حزب الله -بحسب الموقع- بسحب مقاتليه من سوريا، ونشرهم على الحدود مع فلسطين المحتلة، كما نشر أكثر من 34 بطارية صواريخ إيرانية، على طول الشريط الحدودي، وحول المدن، ومواقعه الرئيسية، كما قام الحرس الثوري الإيراني -بحسب الموقع الأمريكي أيضاً- بسحب عناصره من منطقة البوكمال، والحدود بين سوريا والعراق، باتجاه حدود سوريا مع الجولان المحتل.
كما كشف الموقع «أن سورية تستعجل بالحصول من روسيا، على منظومات (إس 300)» وسط توقعات بأن يتم ذلك، لمصلحة استراتيجية روسية، ولترابط ما يجري مع الجبهة الأوكرانية، والمخططات الأمريكية الغربية ضد روسيا، حيث يقول الموقع الأمريكي إن «الوقت بدأ يضيق جدا على بوتين، للسرعة بتسليم سوريا هذه المنظومة.. وهي لن تقف مكتوفة الأيدي، في أي حرب محتملة ضد إيران وحزب الله».
وسط هذا التحشيد والاستعدادات العسكرية، تؤكد معلومات المصادر المقربة من المقاومة، أن نطاق عمليات هذه المرحلة، ستشمل إضافة إلى الضفة الغربية، وقطاع غزة:
- جنوب لبنان والجولان السوري المحتل، وتوسيع نطاق المنطقة العازلة، داخل حدود فلسطين المحتلة، وزيادة عدد المستوطنات التي سيتم تهجير المستوطنين منها، بما فيها كل مستوطنات الجولان السوري المحتل.
- القواعد والمواقع الأمريكية في سورية والعراق، التي ستتعرض لاستهداف أكثر قوة وتركيزا، من المرحلة السابقة.
- توسيع عمليات اليمن (المقاوم) لتشمل إغلاق مضيق هرمز، وباب المندب بالكامل، وتوسيع نطاق ملاحقة السفن المتوجهة إلى فلسطين المحتلة، لتشمل المحيط الهندي، ورأس الرجاء الصالح، وتركيز العمليات على الإمارات، بسبب دورها العدواني في اليمن، ولقيادتها عملية التطبيع، وإمداد «الإسرائيليين» بالمواد الغذائية والحيوية، ولأنها تشكل خاصرة رخوة، بسبب طبيعة اقتصادها، القائم على الخدمات والسياحة، وهي الأكثر هشاشة في الحروب.
الوقائع الميدانية، ونتائج المرحلة الأولى، تؤكد أن توازن القوى، لا يمكن أن يتم حسابه، على أساس ما يمتلك كل طرف، من معدات وتجهيزات عسكرية، وقوة نارية، وإلا لكانت إسرائيل حققت كل أهدافها، في قطاع غزة ولبنان، وكانت أمريكا حسمت معركتها مع اليمن، وإنما هناك معطيات وحسابات جيوسياسية، تشكل أهمية أكثر من القوة العسكرية، وهذا يعطي أرجحية لأطراف محور المقاومة.
كما تمتلك أطراف محور المقاومة، قدرة أكبر على المناورة، وخوض معركة طويلة الأمد، وهو ما يشكل نقطة ضعف قاتلة، عند الكيان الصهيوني والأمريكيين.
هذه الوقائع، تؤكد أن الوضع في المنطقة، سائر نحو التصعيد، والأمور باتت مفتوحة على كل الاحتمالات.