تقرير / لا ميديا -
في اليوم الـ655 من أبشع حرب عرفها التاريخ الحديث، يواصل العدو الصهيوني ارتكاب جرائمه الجماعية في قطاع غزة، متخذاً من القتل والتجويع سلاحاً مزدوجاً لإبادة شعب أعزل. لا يمر يوم دون أن يرتقي عشرات الشهداء؛ لكن الجريمة الكبرى باتت تُكتب على جلود الأطفال الجائعين، وأكباد الرُضع الذين يموتون بصمت أمام عجز وتواطؤ العالم.
من جديد، مسوخ الكيان الصهيوني يرتكبون مجزرة دموية استهدفوا فيها خيام النازحين قرب «القضاء العسكري» في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة. عشرات الشهداء والجرحى سقطوا في مكان لا مأوى فيه سوى الأمل بالبقاء، قبل أن تدوسه صواريخ الحقد الصهيوني.
هذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة في سلسلة المجازر التي يرتكبها العدو تحت غطاء الصمت الدولي، وبمباركة عواصم الغرب «المتحضّر». مجازر يومية بحق المدنيين، الباحثين عن لقمة خبز أو نقطة ماء، تصاحبها حرب تجويع ممنهجة ضمن إبادة جماعية مكتملة الأركان.
ووفق وزارة الصحة في غزة فقد استشهد 81 فلسطينيا بينهم 31 من طالبي المساعدات خلال 12 ساعة فقط.

قصف البطون
على صعيد البطون التي يمزقها الجوع، وفي الساعات الـ24 الأخيرة، أعلنت وزارة الصحة في غزة استشهاد 20 شخصاً نتيجة الجوع الشديد، منهم ثلاثة أطفال، هم عبد الحميد الغلبان (14 عاماً)، والرضيع يوسف الصفدي، والطفل أحمد الحسنات، الذين فارقوا الحياة في مشهد يجسّد قمة الانحطاط الأخلاقي للعالم الذي يدعي الإنسانية والتقدم برمته.
العدد الكلي لضحايا المجاعة بلغ 101 شهيداً، بينهم 80 طفلاً. إنها أرقام تقشعر لها الأبدان؛ لكنها تمرّ مرور الخذلان على تلفاز العالم العربي، بينما تموت الضمائر قبل الأطفال.
كذلك أكثر من 1026 شهيداً من طالبي المساعدات ارتقوا منذ بدء عمل ما يسمى «مراكز المساعدات» قبل نحو 3 أشهر، والعدد في تصاعد. هذا ليس رقماً في تقرير حقوقي، بل لائحة عار تعلق على جبين أمريكا والغرب والعرب من خلفها.
الحصار الصهيوني حوّل غزة إلى سجن جماعي بين الأرض والسماء، حيث لا مستشفى قادر على إنقاذ المصابين، ولا مخازن دواء قادرة على توفير الأمل.
المستشفيات تنهار، والأطباء يسقطون من الجوع أثناء عملهم، كما أكّد مفوض الأونروا فيليب لازاريني، قائلاً: «غزة تحولت إلى جحيم على الأرض... المجاعة تقرع كل الأبواب».

غوتيريش: الرعب في غزة لا مثيل له
أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قالها صراحة: «الموت والدمار في غزة لا مثيل له في التاريخ الحديث».
وأضاف غوتيريش خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي: «تكفي مشاهدة الرعب الذي يدور في غزة، مع مستوى من الموت والدمار لا مثيل له في التاريخ الحديث. سوء التغذية يتفاقم، والمجاعة تقرع كل الأبواب».

وصمة عار
رغم كل هذه الوحشية، تحاول المقاومة التعامل بجدية مع المقترحات الدولية لوقف إطلاق النار؛ لكنها تُدرك أن العدو الصهيوني يحاول فرض شروطه عبر الدم والمجاعة.
وفي بيان قوي، استنكرت حركة المقاومة حماس الصمت العربي والإسلامي، وقالت إن هذا الصمت «يشجّع نتنياهو على المضي في سياسته الإجرامية».
المخجل أن شاحنات الإغاثة تتكدّس على الجانب المصري من معبر رفح، بينما يموت الأطفال على الجانب الآخر. إنها مهزلة إنسانية ستبقى وصمة عار على جبين النظام العربي قبل غيره.

العالم يتحدث... لكن لا يتحرك
البيانات تتوالى من أوروبا والعالم، حيث أعلنت وزيرة الخارجية الفنلندية، إلينا فالتونين، أمس، توقيعها مع نحو 30 وزير خارجية، بياناً يدعو إلى وقف إطلاق نار فوري وغير مشروط ودائم في قطاع غزة.
وكان بيان مشترك لـ25 دولة صدر أمس الأول في العاصمة البريطانية لندن، قد دعا إلى إنهاء العدوان على غزة، مشيراً إلى أنّ معاناة المدنيين بلغت مستويات غير مسبوقة.
من لندن كذلك، دعا 60 نائباً بريطانياً إلى وقف تصدير السلاح إلى «إسرائيل».
النائب ستيف ويذردن كشف أن 15% من مكونات الطائرات التي تدمر غزة بريطانية الصنع. هذه ليست شراكة سياسية، بل تواطؤ مباشر في المذبحة.
بيانات وحدة مراقبة الصادرات البريطانية تكشف أن أكثر من نصف التراخيص كانت مخصصة للاستخدام المباشر في «إسرائيل»، رغم مزاعم الحكومة أنها «لإعادة التصدير». الحكومة تكذب، بينما القنابل تسقط، والأطفال يموتون.

فقدان أسير جديد
وفي حدث لافت ومهم، أعلنت سرايا القدس - الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي فقدان الاتصال مع مجموعة تأمين أسير العدو روم بريسلافسكي، بعد اجتياح صهيوني دموي.
وأضافت السرايا في بيان: «منذ بدء حرب الإبادة بحق شعبنا، يتعمّد المجرم نتنياهو وحكومته الإرهابية اليمينية المتطرفة تجاهل ملف أسراها وقضيتهم، ويسعى بكل قوة لقتلهم وإعادتهم إلى عائلاتهم في توابيت».

خسائر بشرية جديدة للاحتلال
برغم المجاعة والمحارق لا تزال المقاومة تؤلم العدو الصهيوني ولا سبيل للعدو إلى إيقافها.
وأعلن العدو الصهيوني، أمس الثلاثاء، مصرع ضابط احتياط خلال العمليات العسكرية الجارية جنوب قطاع غزة. وأفاد المتحدث باسم قوات الاحتلال بأن القتيل هو الرائد فلاديمير لوزا (36 عاماً) من سكان مدينة عسقلان، ويخدم في الكتيبة 7020 التابعة للواء الخامس.
كما أشار إلى إصابة جندي آخر برتبة رقيب تقني في وحدة الصيانة التابعة للواء «غولاني» بجروح خطيرة، نتيجة استهدافه بصاروخ مضاد للدروع في منطقة دير البلح وسط القطاع.
من جهتها، أعلنت كتائب القسام مسؤوليتها عن استهداف دبابة «ميركافا» بقذيفة في محيط منطقة شاليهات الجعفراوي جنوب شرق مدينة دير البلح، مشيرةً إلى هبوط مروحية في المكان لتنفيذ عملية إخلاء.