تقرير / لا ميديا -
مرةً أخرى، تكشف آلة القتل الصهيونية وحليفتها الأميركية عن وجههما الحقيقي: عدوان إبادة متواصل، وتجويع ممنهج، وتضليل سياسي، يُخفي حقيقة واحدة لا تقبل الشك: أن الكيان الصهيوني والولايات المتحدة هما المسؤولان المباشران عن إفشال كل مسارات التهدئة، وعن إطالة أمد المعاناة الجماعية لشعب يُذبح يومياً على مرأى من العالم.
في الساعات الأخيرة، استُشهد 89 فلسطينياً، وجُرح 467 آخرون خلال 24 ساعة فقط، بغارات متفرقة استهدفت تجمعات للمدنيين وخيام النازحين وشققاً سكنية، باتت تُقصف كأنها مواقع عسكرية، بعدوان مستمر منذ أكثر من 21 شهراً على قطاع غزة. ومع هذا، لا تزال واشنطن تتحدث بلغة فارغة عن «سلام دائم»، بينما تغذّي آلة الحرب الصهيونية سياسياً وعسكرياً.
لا يكتفي العدو الصهيوني بالتدمير، بل يمعن في استخدام المجاعة سلاحاً حربياً. وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، ارتقى 122 شهيداً نتيجة التجويع، بينهم 83 طفلاً. هذه ليست أرقاماً مجردة، بل عارٌ موثّق على جبين العالم، وإدانة دامغة لكيان الاحتلال، الذي يمارس أبشع أنواع الإبادة البطيئة أمام أعين المجتمع الدولي. ورغم الكارثة، يصر العدو الصهيوني على إغلاق المعابر، وحرمان الأطفال من الحليب، والمرضى من الدواء، والمشافي من الوقود.
وفي الوقت ذاته، تحاول واشنطن قلب الحقائق. فبينما تؤكد الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية نفسها أن «لا دليل على أن حماس تسرق المساعدات»، لا تتوقف الخارجية الأمريكية عن تكرار تلك الأكذوبة ذاتها، مرفقة بها اتهامات سياسية جوفاء، تهدف لتبرير الجرائم التي ترتكبها مع قوات الاحتلال في غزة.

القنابل الصهيوأمريكية تدمر المفاوضات
أما على طاولة المفاوضات، فالمسرحية الأمريكية الصهيونية مستمرة. فبينما أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، في بيان رسمي، أنها تعاملت بمسؤولية وطنية ومرونة عالية، وتفاعلت بإيجابية مع جهود الوسطاء، وقدّمت ردها بعد مشاورات مع الفصائل.
كان رد الطرف الآخر انسحاب الوفدين الصهيوني والأمريكي من مفاوضات الدوحة، زاعمين أن حماس هي «العقبة». أي عقبة؟! عقبة في وجه اتفاق هزيل لم يتضمن حتى تعهداً بسيطاً بعدم خرق هدنة الستين يوماً!
تصريحات المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، جاءت بوقاحة سياسية غير مسبوقة، متهماً حماس بأنها «غير منسّقة»، و»أنانية». لا يبدو أن ويتكوف قد قرأ تقارير الوسطاء القطريين والمصريين، الذين أكدوا حدوث تقدّم حقيقي، بل إنهم وصفوا موقف حماس بـ»البنّاء والإيجابي». لكنّ ذلك لا يهم، طالما أن القرار الأميركي -كما كان دوماً- مرتهن بالكامل للإرادة الصهيونية، التي ترفض أي اتفاق لا يحقق حلم «إسرائيل» في الاستيلاء على كل فلسطين قطعة قطعة.
وفي هذا السياق، زعم رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، أن «المبعوث الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، كان مُحقاً؛ حماس هي العقبة أمام صفقة الرهائن»، مضيفاً: «ندرس الآن، بالتعاون مع حلفائنا الأميركيين، خيارات بديلة لإعادة رهائننا إلى ديارهم، وإنهاء حكم حماس، وتحقيق سلام دائم لإسرائيل، ومنطقتنا».
ووفق مراقبين فإن الخيارات البديلة للعدو الصهيوني هي مزيد من جرائم التجويع والإبادة والبدء بجهود عملية لتهجير سكان قطاع غزة.

مظاهرات في «تل أبيب»
في عاصمة العدو «تل أبيب»، تظاهر الآلاف، وبينهم عائلات الجنود الأسرى، احتجاجاً على فشل حكومتهم في إبرام صفقة تبادل، مؤكدين أن «كل يوم يمر هو جريمة ضد أبنائهم»، ومع ذلك يصر نتنياهو على تضييع الفرص. هو لا يريد اتفاقاً، بل نصراً دعائياً زائفاً، ولو على جماجم الأطفال في غزة.
وفي هذا السياق، نقلت القناة 12 «الإسرائيلية» عن عضو مجلس الحرب السابق غادي آيزنكوت قوله: «نتنياهو أحبط مرات عدة صفقات تبادل لأسباب سياسية».

كلمات قاتل
بالتزامن، ظهر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مجدداً، بخطاب كراهية وتحريض دموي، زاعماً أن «حماس يجب أن تُباد»، وأنها «لا تريد اتفاقاً، لأنها تعرف ما ينتظرها بعد استعادة الرهائن». كلمات لا تصدر عن سياسي، بل عن قاتل يُعلن نيته مسبقاً إكمال المجازر، وكأن غزة حقل اختبار أخلاقي لتفاهة الغرب.
ولا غرابة؛ إذ رفضت واشنطن إعلان الرئيس الفرنسي ماكرون الاعتراف بدولة فلسطينية. هكذا، تُصر أميركا على البقاء في خندق الاحتلال، ترفض الاعتراف بالحقوق، وتشن الحرب الدبلوماسية والسياسية توازياً مع القصف والنار.
يأتي هذا بعد أن أعلن الرئيس الفرنسي، أمس الأول، أنّ باريس قررت الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين، مشيراً إلى أنّ بلاده ستُعلن موقفها رسمياً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر المقبل.

3 شهداء في الضفة الغربية
في الضفة الغربية، تستمر جرائم العدو الصهيوني والغاصبين بلا هوادة. من بيت فجار إلى الخليل، ومن نابلس إلى قبر يوسف، يواصل الاحتلال سياسة إطلاق النار على الأطفال والمارة، بزعم «محاولات طعن» أو «رشق الحجارة»، بينما يُحرق الغاصبون الأرض والحقول، ويحجّون إلى مزارات مزعومة تحت حماية قوات مدجّجة بالبربرية.
واستشهد أمس فلسطينيان، أحدهما برصاص قوات الاحتلال والآخر برصاص غاصب، جنوب بيت لحم وجنوب الخليل.
كما استشهد فتى متأثراً بجروح أصيب بها برصاص قوات الاحتلال، خلال اقتحامها مخيم العين غرب نابلس، الأربعاء الماضي.