مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية:
تتطلع وزارة الدفاع الامريكية البنتاغون الى زيادة الدعم لحرب السعودية المستمرة منذ عامين ضد الحوثيين فى اليمن مما يشير الى احتمال توسيع الدعم الامريكى المثير للجدل للحملة التى تقول منظمات حقوق الانسان انها قتلت مئات المدنيين وتسببت فى ازمة انسانية متنامية.

وقال العديد من مسئولى الدفاع لمجلة فورين بوليسي أن احتمال زيادة المساعدات الأمريكية للتحالف الذى تقوده السعودية فى اليمن كان قيد المناقشة حتى والإدارة تدرس استراتيجيتها الأوسع نطاقا فى المنطقة، بما فى ذلك النظر فى سبل مواجهة إيران وهزيمة مسلحي الدولة الإسلامية. ويرى البنتاغون زيادة الدعم للتحالف الذي تقوده السعودية كوسيلة محتملة للتأثير على النفوذ الإيراني في اليمن، فضلا عن دعم العلاقات مع حليف شعر بالإهمال من قبل الإدارة السابقة.

وقال احد المستشارين ان ادارة ترامب لم تتخذ بعد قرارا نهائيا، وان مسئولى وزارة الدفاع يخوضون نقاشا حول المسألة مع البيت الابيض، مع بعض كبار مساعدي ترامب الذين يفضلون مواجهة ايران فى اماكن اخرى.

وقال خبراء ومسؤولون سابقون ان المضي قدما فى المزيد مع الاجهزة والمخابرات الامريكية من أجل التدخل المضطرب للسعودية فى اليمن يجلب معه مجموعة من المخاطر والمزالق.

ومن خلال صب المزيد من الأسلحة والذخائر في الحرب الأهلية، التي تدخل الآن عامها الثالث، فإن بالإمكان لواشنطن أن تعزز عن غير قصد يد الفرع الأكثر فتكا في تنظيم القاعدة، الذي استغل الفوضى بالفعل لمصلحته.

و تشجيع التحالف الذي تقوده السعودية في حملته العسكرية، التي لم تتمكن حتى الآن من هزيمة الحوثيين المسلحين بشكل افضل، من شأنه أن يطيل معاناة السكان المدنيين التي تحذر وكالات المعونة من أنهم على وشك المجاعة.

السعى إلى التحقق من نفوذ إيران في اليمن يمكن أن يؤدي إلى انتقام من طهران ضد الولايات المتحدة وحلفائها في أماكن أخرى في المنطقة، مما قد يشكل خطرا على الممرات الحيوية أو على المستشارين العسكريين الأمريكيين المنتشرين في العراق.

ومن المحتمل أن تشمل الزيادة المحتملة في الدعم الأمريكي بعض العناصر الرئيسية: المضي قدما في شحنات الأسلحة المتوقفة إلى الحكومة السعودية، استخدام طائرات بدون طيار للمساعدة في جمع المعلومات الاستخباراتية عن الضربات على أهداف الحوثيين، والمساعدة في التخطيط لإعادة الاستيلاء على مدينة الحديدة الهامة والواقعة على البحر الأحمر من قوات الحوثيين، الأمر الذي من شأنه أن يسمح للإمدادات الإنسانية بالتدفق إلى البلد الذي مزقته المجاعة.

ووفقا لوكالات الاغاثة فان الميناء يفتح بوابة لتقديم المساعدات الانسانية فى بلد يواجه 60 فى المائة من السكان خطر المجاعة. وقد طرحت الرياض مؤخرا فكرة أن تسيطر الامم المتحدة على الميناء، وهو ما استبعدته الهيئة الدولية. إجبار القوات الحوثية على الخروج من الحديدة سيقطع عليهم الإمداد عن طريق النقل الرئيسية إلى العالم الخارجي.

وقال مسؤول دفاع امريكى طلب عدم ذكر اسمه لشرح التفكير داخل البنتاغون والقيادة المركزية الامريكية “اننا مهتمون ببناء قدرات السعودية” للعمل فى اليمن وفى اماكن اخرى.

وجاء السعوديون مسرورين للغاية عقب سلسلة من اللقاءات في واشنطن الأسبوع الماضي والتي شهدت زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للبيت الأبيض. واحتفل المسؤولون السعوديون بالاجتماع باعتباره معلما بارزا في إعادة العلاقات التي تلاشت في عهد إدارة أوباما.

وصرح الجنرال السعودي احمد عسيري الناطق باسم التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن للصحافيين في واشنطن ان “ما سمعناه هو انهم سيزيدون التعاون على جميع مستويات” الدعم العسكري وتقديم اسلحة جديدة. وقال ان فرقا من البلدين تجرى بالفعل محادثات، ومن المحتمل ان يشمل التعاون المتزايد “تبادل المعلومات الاستخباراتية والمعدات والتدريب” للطيارين والقوات السعودية.

وقال عسيري ” لدينا التزام بانها ستزيد من التعاون”.

إن إمكانية المزيد من المساعدة الأمريكية ستمثل تقليصا كبيرا للعلاقات المتوترة لإدارة أوباما مع المملكة. وواجه السعوديون إدانة دولية واسعة النطاق للقصف بالقنابل والتي تسببت في وقوع العديد من الضحايا المدنيين، إضافة إلى الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحرب الأهلية.

وعلق البيت الابيض العام الماضي على شحنات لآلاف من الذخائر الدقيقة الموجهة والقنابل العنقودية، وقام بسحب بعض الدعم لجمع المعلومات الاستخباراتية بسبب المخاوف بشأن استهداف محتمل في الضربات الجوية السعودية. ادى تفجير صالة عزاء مزدحمة على يد طائرات التحالف يوم 8 اكتوبر من العام الماضى فى العاصمة صنعاء الى مصرع اكثر من 100 شخص واصابة المئات.

قال مسؤولون انه في ظل ادارة ترامب وافقت وزارة الخارجية الاميركية مؤخرا على بيع مقذوفات موجهة بدقة الى الرياض بقيمة 390 مليون دولار، ويُتوقع ان يقوم البيت الابيض لإخبار الكونغرس قريبا بالصفقة المقررة.

وحذرت جماعات حقوق الانسان واشنطن من ان مثل هذه الصفقة ستغذي الازمة في اليمن، حتى مع محاولات الولايات المتحدة لمنع دخول المدنيين الذين يحاولون الفرار من النزاع في ظل حظر السفر المقترح الذي سيشمل المسافرين من اليمن والعديد من الدول الأخرى الإسلامية.

وقالت منظمة العفو الدولية فى رسالة الى البيت الابيض فى الشهر الحالى ” يتعين على الولايات المتحدة الا تستمر فى تسليح الحكومات التى تنتهك حقوق الانسان الدولية والقانون الانسانى والا تغلق ابوابها فى الوقت نفسه امام الذين يفرون من العنف الذى تساعد هي على تصعيده”.

إن تورط الولايات المتحدة في اليمن يتلاءم مع الصورة الأوسع للصراع الإقليمي على السلطة. يرى مسؤولون في ادارة ترامب والبنتاغون ان ايران تلعب دورا مزعجا في الحرب الاهلية في اليمن، ويعتقدون ان طهران تسعى الى توسيع نطاقها في منطقة الخليج مع ابقاء خصمها  في الرياض غير متوازنا. أي دعم أمريكي للجهود السعودية في البلاد سيكون وسيلة للتحقق من طموحات طهران، الأمر الذي اشتكى منه حلفاء واشنطن السنة في الخليج وتجاهلته إدارة أوباما.

وقال جيرالد فيرستين، عمل سفيرا في اليمن خلال الفترة من 2010 إلى 2013: “لا يمكنك المبالغة في تقدير الدرجة التي كان يشعر بها السعوديين بالإحباط عندما كان البيت الأبيض في عهد أوباما معاديا لهم”.

واضاف فيرستين ” تلعب ايران دورا رئيسيا في ما يحدث في اليمن. انهم يقدمون الاسلحة والمساعدة للحوثيين، وقد عادوا منذ  فترة طويلة جدا”، قبل اندلاع الحرب الاهلية. وقد اعترفت ادارة اوباما بالتورط الايراني، لكن بعض المسؤولين كانوا يترددون في مواجهة طهران بشأن الصراع، قائلين انهم يستطيعون “تحقيق بعض التقدم الاضافي في تطبيع العلاقات مع ايران”. وقال فيرشتاين “لقد رأوا الصراع في اليمن يسير في ذلك المسار “.

وقد اتخذت إدارة ترامب موقفا أكثر عدوانية بشأن إيران، على الأقل خطابيا. داخل البنتاغون – حيث وزير الدفاع جيم ماتيس – والقيادة المركزية الامريكية التي تشرف على القوات في الشرق الأوسط، يتطلع المخططون ون إلى بذل المزيد من الجهد، وبسرعة.

كما بحث الجانبان الدعم الامريكى المحتمل لاستعادة ميناء الحديدة في اليمن. وقال احد الضباط “اننا مهتمون جدا بالمساعدة ولكننا نريد التأكد من ان هناك بعض الصبر الاستراتيجى” من اجل تجنب وقوع خسائر فى صفوف المدنيين.

 ترجمة: جواهر الوادعي: المراسل نت