لا ميديا -
إن ما فعله هذا الشاب، الذي لم يتجاوز العشرين من العمر، هو أمر نوعي متقدم، ويحمل إشارات متطورة عن كيفية مواجهة العدو والانتصار عليه. كانت أشبه بصرخة جنوبية جهادية مقاومة تحمل عبارة: «لم نستسلم، ولن نُهزم».
وُلد هيثم صبحي دبوق في مدينة صور عام 1968، وتميّز في طفولته بالذكاء والهدوء وقدرات لافتة في التركيز والانتباه، ورصد التغيرات. تأثر بانتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، واختار على إثرها دراسة العقيدة والعلوم الدينية.
عاصر مراحل تنكيل الاحتلال الصهيوني بجنوب لبنان وأهله، وناله هو وعائلته نصيب من ذلك؛ إذ دمّر الاحتلال منزل عائلته عام 1978، فانتقل إلى مدينة معركة الجنوبية، وهناك تعرّف على بعض المجاهدين، ثمّ التحق بصفوف المقاومة، وعُرف فيها باسمه الجهادي «عبد الرؤوف».
شارك في عمليات عديدة، ثم أبدى استعداده لتنفيذ عملية فدائية. وفي 19 آب/ أغسطس 1988، وعلى طريق تل النحاس ـ مرجعيون، المحاذية لفلسطين المحتلة، تغلغل وسط خمس آليات عسكرية تابعة لجيش الاحتلال، وفجر سيارته المفخخة بأكثر من 100 كيلوجرام من مادة (c4)، شديدة الانفجار، فتطايرت أشلاء جنود الاحتلال ودمرت آلياته.
أصدرت المقاومة بياناً قالت فيه: «أسفر عن العملية الاستشهادية، حسب المعلومات الأولية الواردة من شهود عيان في المنطقة، خسائر جسيمة في صفوف العدو تقدر بما لا يقل عن ثلاثين صهيونياً كانت أشلاء جثثهم تغطي أرض العملية، وتدمير معظم آليات القافلة وإحراقها.»
واعتبرت المقاومة أن هذه العملية هي «أول الغيث في زمن إسقاط مشاريع الصلح مع العدو الصهيوني وحفظ أمنه وأمن مستوطناته»، متوعدةً أن «تستمر مسيرة المقاومة الإسلامية حتى تحرير كل الأرض الإسلامية المحتلة».
لم تُحسب أهمية هذه العملية بعدد قتلى العدو، بل بنوعيتها وتوقيتها ومكانها، تحديداً لناحية المرحلة الأمنية والعسكرية واللوجستية التي كانت تعيشها قرى الجنوب حينها، حيث علّق وزير حرب الاحتلال آنذاك إسحاق رابين بالقول: «إننا نواجه موقفاً صعباً».