علي جاحز

علي جاحز / لا ميديا -
يحتفل الإعلام والنخب السياسية بتحرك جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية. ويلمس الكثيرون كيف أن قنوات «الجزيرة» و»العربية» و»الحدث» وغيرها تكرس الحدث باعتباره الفرج والمخرج لغزة وفلسطين.
وإن مطابخ التخاذل أيضا وعلى سبيل المثال العفافيش عندنا في اليمن يروجون أن تدخل اليمن في مناصرة فلسطين وحظر القوات البحرية اليمنية للسفن الصهيونية والمتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة في البحر الأحمر والبحر العربي إنما يحرف الأنظار عن المحكمة الدولية وتأثيرها.
ما لا يعرفه الكثيرون أن تحريك المحكمة ليس أكثر من حدث إعلامي الغرض منه السيطرة على الرأي العام والغضب الشعبي العربي والإسلامي، بل والعالمي، وحقن للوعي العام العربي والإسلامي بشكل خاص وللوعي العالمي عموما بجرعة تخديرية تجعله يتوهم أن الكيان الصهيوني في قفص المحاكمة وأمام حبل المشنقة، وأن المحكمة ستنصف الفلسطينيين وتوقف حرب الإبادة، وأن غزة انتصرت و... و... و... إلخ.
اعطوني قضية رفعت إلى المحكمة الدولية وتم البت فيها قبل عشر سنوات، والقضايا التي تم البت فيها هل تم تنفيذها؟! ومن الذي يستطيع تنفيذ الأحكام الصادرة عنها؟!
طبعا، بحسب ميثاق المحكمة، لا تمتلك المحكمة القدرة على تنفيذ أحكامها. وباعتبارها مؤسسة دولية فإن المعني بتنفيذ أحكامها هو مجلس الأمن الذي بدوره تحت سيطرة الصهيونية ولا ينفذ قراراته إلا أمريكا وغيرها من أيادي الصهيونية.
أستغرب التعويل الأعمى على تلك المحكمة، وما الذي يجعلها أصلا موضع أمل، ونحن نعرف حالها وضعفها، والأمثلة الماضية كثيرة، أشهرها قضية محمد الدرة التي تم البت فيها بعد 15 عاما ثم رميت في الزبالة.
زادت قناعتي بأنها مجرد محكمة تخدير دولية عندما سمعت أول تصريح لممثل جنوب أفريقيا وهو يتحدث عن حل الدولتين على حدود 67 وعاصمة فلسطين القدس الشرقية وضمان أمن الكيان الصهيوني وفلسطين بالتساوي.
الكارثة أن هذه البروبجندا الإعلامية نجحت في السيطرة على معظم اهتمام الرأي العام. وللأسف نجحت في غزو بعض إعلام محور المقاومة، وتكاد تأخذ مساحة واسعة من خطابه الذي يفترض أن يبقى ثابتا على الخطاب التعبوي الجهادي.
لفت نظري أداء قناة «الميادين» التي شغلت برنامجها بالمحكمة، وبدت للأسف وهي تجاري توجه «الجزيرة» و»العربية» وغيرهما، كما لو كانت مُخدَّرة بالمحكمة أمام الحدث اليمني المزلزل الذي هز العالم واستنفر رؤوس الصهيونية لحشد تحالف لضرب اليمن، وفي ذروة الحدث بعد أن شن التحالف الثلاثي الصهيوني عدوانه على اليمن.
في المحصلة، علينا أن نستيقظ. محكمة العدل القوية والمؤثرة والتي ستحاكم الصهيونية تتجلى اليوم في اليمن.
المحكمة الفاعلة والمؤثرة والقوية والقادرة والمنصفة هي محكمة القوة وسيادة قانون الجهاد، تتجلى في قول الله الحكيم العليم: «وإن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرَّقَ بكم عن سبيله»، وفي قوله تعالى: «كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم»، وقوله تعالى: «أُذِنَ للذين يقاتَلون بأنهم ظُلموا وإن الله على نصرهم لقدير»، وقوله سبحانه: «إن تنصروا الله ينصركم»، وقوله جل وعلا: «وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة»، وقوله تبارك من قائل: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل»...
هذه هي محكمة العدل الإلهية التي يحاول الصهاينة أن يحرفوا الوعي العام عنها، وأن يقدموا بديلا منقذا يطفئ غضب الشعوب والنخب، عبر صناعة حدث إعلامي يمتص غضب الشعوب ويخدرها ويبعدها عن الطريق الوحيد والملاذ الأقوى والمحكمة العادلة التي يجسدها اليمن واليمنيون مع رفاقهم في كل محور المقاومة من غزة إلى لبنان والعراق عمليا بالحشد والتعبئة والمواجهة جوا وبرا وبحرا.
والله غالب على أمره وهو القاهر الحكم العدل.

أترك تعليقاً

التعليقات