مأدبة الغدر المستمر
 

أحمد عارف الكمالي

أحمد الكمالي / لا ميديا -

مراسيم مأدبة الغداء الغادر ما زالت مستمرة. والسُّفرة المضرجة بالدم الزكي لم ترفع من ديوان الغشمي، بل مدت لتغطي ربوع اليمن!
القاتل لم ينسحب من مسرح الجريمة، بل أصبح بكل قبح يزمجر ويحلق بطائراته فوق جثة الضحية!!!
ومشروع الهيمنة الأمريكي، الذي لم يطق توجه الحمدي في بناء وتنمية واستقلال اليمن والتمسك بوحدتها والحفاظ على استقرارها واستثمار مواردها والاضطلاع بأدوارها الطبيعية تجاه الأمة العربية والإسلامية، وصونها للأمن القومي اليمني والعربي، كان السبب في جعل الحمدي هدفاً للإمبريالية الاستعمارية والصهيونية وأدواتها في المنطقة، وهو نفسه الدافع لشن عدوانهم المستمر على اليمن منذ خمسة أعوام، والبحر الأحمر الذي كان سبباً في تعجيل الاغتيال مازال في مكانه قبيل وأثناء شن العدوان على اليمن ولن يتحرك أبداً!
إلى اليوم لم يتغير شيء منذ ذلك اليوم، عدا أشياء تفصيلية بسيطة مثل: طريقة القتل، درجة وضوحها، الغشمي الذي أصبح تحالفاً وجيوشاً، والكم الكبير من العاهرين المتسابقين إلى العار بإرادتهم، لا مستدرجين كما تم استدراج الفرنسيات!!!
لكن بالمقابل ثمة شيء جوهري تغير، وهو الحمدي، الذي يقاوم ويرفض أن يموت مجدداً، الحمدي الذي يصر على منع التاريخ من إعادة تكرار أقذر ما فيه، وبصورة أكثر فجاجة ووقاحة!!
يد الغدر التي اغتالت الوطن الفتي في صدر إبراهيم الحمدي، هي نفسها التي تستميت اليوم من أجل قتل إبراهيم المشتعل حماساً في صدور كل أحرار الوطن. 
نعم، إبراهيم لم يكن يوماً غير اليمن، الأرض والتاريخ والحضارة والكبرياء والازدهار والقوة والبناء والعروبة والإسلام، واليمن لم تتجلَّ في شخص كما ارتسمت في الشهيد الصادق والبليغ والشجاع والمناضل والمكافح والكريم والمؤمن التقي إبراهيم. وأي قراءة أو جدل خارج هذا السياق للاغتيال لن يعطي مشروع الحمدي قدره وعظمته، ولن ينصف اليمن من حيث أهميته وتأثيره وعراقته.
 هذه هي الحقيقة الواضحة في حادثة اغتيال الحمدي التي لا تحتاج منا إلى بحث وإنما تتطلب أن نفهمها ونجسدها في نفوسنا ومناهجنا وأفكارنا ومشاريعنا وصمودنا ونجعلها معياراً في تخندقنا وقراراتنا في كل نواحي الحياة!
وما دونها يبقى أيضاً حقاً لنا كأجيال أن نعرف كل ملابساته، نعرف القتلة ونحاكمهم ونظل نلعنهم جيلاً بعد جيل حتى يأذن الله، وحقاً للشهداء ومشروعهم وتيارهم وتجربتهم، أن ينصفوا ويقيموا ويعاد الاعتبار لهم، وحق جبر الضرر لأسرهم وأهلهم، وحقاً للشعب كل الشعب أن يعرف ملابسات اغتيال رموزه وأنبيائه!!! وحقاً للتاريخ والحقيقة والقيم.

أترك تعليقاً

التعليقات