أحمد الشريفي

أحمد الشريفي / لا ميديا -

اجتماع طارئ عقدته اللجنة الاقتصادية العليا تمخض عن بيان قوي ربما يكون مؤشراً على رد عسكري مدوٍّ في مضيق باب المندب الاستراتيجي. البيان شديد اللهجة أوضح أن اللجنة العليا تدرس كافة الخيارات للرد وبطرق فعالة ومزعجة، وستقوم برفع الخيارات المتاحة والمناسبة إلى القيادة السياسية خلال أسبوع، وتحمل أمريكا والمجتمع الدولي مسؤولية وآثار وتداعيات وتبعات الردود أو الخيارات بعد رفض تحييد الاقتصاد حد توصيف البيان. ولنا أن نضع علامات استفهام حول كلمتي تداعيات وتبعات، وتوجيه الخطاب لأمريكا والمجتمع الدولي بشكل مباشر، وحصر المدة الزمنية بأسبوع واحد فقط من صدور البيان، ألا توحي جميعها بأن باب المندب هو المقصود؟ وبأن مدة أسبوع واحد توحي بأن كل شيء قد تم الإعداد له وحسم أمره، ولم يتبقَّ سوى شكليات للبدء بمراسيم إغلاق باب المندب، وهذه الشكليات قد تنحصر بمظاهرة تأييد للخيارات التي سيتم اتخاذها، وإعلان رسمي تقول ديباجته إنه ونزولاً عند مستوى المسؤولية، وبحسب رؤية اللجنة الاقتصادية العليا، وتكليفاً من الشعب الذي يؤيد الخيارات، سنقوم بحماية الشعب وإيقاف استهدافه في لقمة عيشه وقتله بشكل ممنهج ومتدرج من خلال استهداف الاقتصاد واتخاذ العدوان إجراءات موغلة في حق الشعب اليمني، تعلن مؤسستنا العسكرية إغلاق باب المندب، وتتحمل أية سفينة تبعات ما يحدث إذا خالفت هذا القرار.. 
قد يقول البعض بأن البيان جاء رداً على استهداف القطاع المصرفي، والتصعيد الخطير الذي تمثل في قرصنة نظام التحويلات المصرفية الخارجية (السويفت) التابع لبنك التسليف التعاوني الزراعي (كاك بنك)، وكذلك استهداف قطاع الاتصالات ومحاولة تعطيل الشركة اليمنية للاتصالات (تيليمن) والاستيلاء على أصولها، وذلك بعد نقل البنك المركزي ومنع الرواتب.. 
ونحن نقول كل ذلك صحيح، وأوضحه البيان، لكن أن يحدد البيان مدة أسبوع، ويقول صار لزاماً الوقوف بجدية لمواجهة الحرب الاقتصادية كخيار استراتيجي، ودعوة الشعب للاصطفاف والجهوزية، فإن الموضوع والبيان يتحدث بنفس عسكري وبلغة عسكرية وإن جاءت بلسان مدني للتحذير الأولي.
مازلت أتذكر قبل 3 سنوات كنت مقدماً ميدانياً لأحد البرامج التلفزيونية التي تعنى بالاستطلاعات الجماهيرية، ووضعت سؤالاً استطلاعياً للجمهور حول باب المندب، ونزلت ميدانياً لحصاد أجوبة الناس من أفواههم، وكان السؤال هل تؤيد إغلاق باب المندب كخيار استراتيجي لوقف العدوان مهما كانت تداعيات ونتائج ذلك الخيار؟ كانت الإجابات جميعها لا تمانع في إغلاق باب المندب، وتطالب بضرورة الإسراع في ذلك حتى يتضرر الكبار ويتألموا مثلما نتألم، ويلتفت المجتمع الدولي لما يحدث في اليمن، ولن يخاطر بجعل المنطقة مشتعلة خصوصاً في المضيق الاستراتيجي الهام، وسيتوصل إلى تسوية أولها وقف العدوان والحصار. 
اليوم أتذكر ذلك الخيار، وأتساءل إذا وصلت الأمور إلى استهداف كل شيء بشكل لم يحدث له مثيل في تاريخ البشرية، وربما لن يحدث في المستقبل، أليس من حقنا أن ننقل معركتنا إلى باب المندب كحق مشروع أولاً، وكواحد من ممرات اليمن المائية التي يجب أن نستغلها وفق مصلحتنا القومية؟ 
الإجراءات الأخيرة من قبل العدوان جاءت بعد سقوط مشروع احتلال الحديدة كالتفاف على اليمنيين ومحاربتهم بشكل أكثر إيلاماً من خلال مواصلة الحرب الاقتصادية التي بدأت بالحصار ونقل البنك وقطع المرتبات، واليوم تتقدم خطوة أكبر قد تقضي على ما تبقى من أي أثر لمؤسسات الدولة الاقتصادية، وهذا ليس بالأمر المعقول والذي يستهان به.
بيان اللجنة الاقتصادية لم يوضح ما هي الخيارات، لكنه أفصح عن قوتها، وإن لم يكن باب المندب هو المقصود فمن المقصود إذن؟ لننتظر، فشهر رمضان ربما يكون مليئاً بالمفاجآت، وإن غداً لناظره قريب.

أترك تعليقاً

التعليقات