أنس القاضي

أنس القاضي / لا ميديا -

بعد عام من إطلاق الرئيس الشهيد صالح الصماد مشروع بناء الدولة تحت شِعار "يد تبني ويد تحمي"، تحدث قائد الثورة عن التوجه لتطهير مؤسسات الدولة من الفساد، كما أعلن الرئيس مهدي المشاط عن إقرار رؤية بناء الدولة الوطنية، إذا طُبقت هذه التوجهات فستكون أولى المعارك مع كبار الموظفين الفاسدين (البيروقراطية)؛ فثورة أيلول بطابعها الشعبي المسلح، استطاعت أن تطيح بقلاع الاستبداد (قوى حرب 94) التي أعاقت التقدم الاجتماعي والوطني، وهذه المكتسبات في غاية الأهمية. إلا أن ثورة أيلول أخفقت في إحداث تحول فارق في مؤسسات الدولة وفي السيطرة على السوق السلعي والنقدي، رغم أن اللجنة الثورية العليا كانت قد استطاعت أن تنتزع من أيدي البيروقراطية الختومات، وتسيطر على مؤسسات الدولة، كانت سيطرة اللجان الثورية سيطرة إيجابية في منع تدهور مؤسسات الدولة، والجانب السلبي أنها عطلت المؤسسات ولم تفعِّلها. 
يعود القصور في ضعف تأثير الثورة داخل مؤسسات الدولة، إلى ضعف الحركة النقابية المفترض مساندتها للثورة، ومن جهة أخرى فلم يستطع أنصار الله التغلغل في مؤسسات الدولة، بل لم يكن هناك وقت كافٍ، كما أن الدعاية ضد أنصار الله أعاقت تطور الفعل الثوري داخل مؤسسات الدولة، بالإضافة إلى ثُقل المتسلقين، وتحت هذا الضغط تغلب مبدأ الولاء والثقة في التعيينات على مبدأ المهنية، مضاف إليه الممانعة الشرسة من قبل البيروقراطية الفاسدة من تورثوا المؤسسات والمواقع الإدارية، ويشعرون أنها ملك آبائهم، والذين كانوا يشنون حملات إعلامية للضغط على أنصار الله كي يستسلموا في معركة الحرب على الفساد، ومحاولة الإيقاع بهم في الفساد. 
واليوم مطلوب خوض معركة لا هوادة فيها مع البيروقراطية، فالبيروقراطية تمثل مصدراً رئيساً لتفشي الفساد، بسبب غياب المساءلة والمحاسبة وتشابك المسؤوليات والتعقيدات المقصودة للروتين، وإغراق المعاملات في دهاليز ومستويات إدارية متعددة، ما يزيد من غموض النظام، ومساعدة الفاسدين على طمس مخالفاتهم الإدارية وخروقاتهم القانونية، وبالتالي تعذر تحديد المسؤولية المباشرة عن الممارسات الفاسدة، التي تسهم أيضاً في إبعاد المسؤولين عن واجباتهم ومسؤولياتهم تجاه المواطنين، وعن قضايا واحتياجات الناس، وتعمل على تعطيل القرارات وسير المعاملات.
للبيروقراطية في أجهزة الدولة، تأثير في إعاقة أي تقدم سياسي بإمكانه أن يفضي لتقدم اجتماعي عام، فهذه الشريحة الطفيلية تقف بمواجهة أية حكومة حازمة ولها توجهات وطنية، فبوسع البيروقراطيين التعجيل بتنفيذ أي قرار أو عرقلة تنفيذه، أو تنفيذه على نحو مخالف لمضمونه. 
ومن أجل نجاح هذه المعركة وتوطيد مواقع الثورة في مؤسسات الدولة وبناء دولة الشعب التي أرادها الرئيس الشهيد الصماد، يجب تجريم تسييس الوظيفة العامة، والمحاباة والمحسوبية والوساطة، وكذلك التعيينات التي تتم على أساس الولاء السياسي أو الأسري أو القبلي أو المناطقي، على حساب المعايير الموضوعية للكفاءة العلمية والعملية، مع مراعاة تدوير المناصب والوظائف الحكومية الحساسة ذات العلاقة بمجالات الفساد المحتملة.

أترك تعليقاً

التعليقات