فيتو ترامب الخاسر
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -

استخدم ترامب الفيتو الرئاسي ضد قرار للكونغرس الأمريكي الساعي لإنهاء المشاركة الفعلية في العدوان على اليمن، والذي تسبب في قتل عشرات الآلاف من المدنيين واقتراب الملايين من حافة المجاعة وبأسوأ أزمة إنسانية في العالم.
فيتو ترامب يؤكد بالدليل القاطع، بأن العدو الفعلي والمخطط والداعم والمستفيد من العدوان هي أمريكا الشيطان الأكبر، ويكشف الغشاوة عن الأبصار، ويظهر الوجه الخفي للدور الأمريكي الذي تمارسه أمريكا بكل تأكيد على قدم وساق، ويؤكد النهج العبثي للسياسة الأمريكية القائمة، والتي هي أبعد ما تكون عن منطق الاستراتيجيات القصيرة الأمد والمتوسطة والطويلة، ويكشف أيضاً عن فراغ سياسي حقيقي أو أقله "طيش سياسي"، وترامب ذاته من يدير السياسة الأمريكية يفتقر إلى كل حس سياسي، اهتماماته تجارية غايتها تنمية شركاته المتعددة، وابتزاز السعودية والإمارات، أداوته في العدوان على اليمن، واستخدام العنجهية، والبلطجة، والاستكبار في تعامله مع أدواته وحلفائه، عقلية مريضة ومشوهة ومتوهمة بأن أمريكا هي القوة القادرة على غزو العالم وما شاء لها من البلدان، وبإمكانها أن تخوض حروباً في جميع الاتجاهات، وتحقق من خلالها انتصارات كاسحة وسريعة وبأقل الخسائر، وبما يحقق حلمها الامبراطوري، العدوان على اليمن أثبت عكس تلك الاستراتيجية والرهان على تلك الشروط وإمكانيات تحقيقها ونجاحها ضرب من الخيال أو كل الجنون، صمود الشعب اليمني ومحاور المقاومة في العالم أفشل سعي واشنطن الحثيث إلى تحقيق حلمها الامبراطوري السيادي لغزو العالم بشتى الوسائل العسكرية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية، امبراطورية عجزت عن تحقيقها مملكة بريطانيا التي لم تكن تغيب شمس عن مستعمراتها، وكانت أقل هيمنة، وعنجهية، وفساداً، مما نشهده اليوم على أيدي "اليانكي" الغزاة، ولم يسبق أن واجه العالم أزمات سياسية، واختناقات اقتصادية، وأوضاعاً متفجرة كما هو الحال اليوم في ظل عولمة أمريكية فاشلة ومستمرة في محاولاتها الشرسة للقضاء على أنظمة تعتبرها معارضة ومعيقة أمام زحفها الامبراطوري.
لم يعد هناك التباس إذن، فالرسالة واضحة كما يتوهمها ترامب بأن على الجميع أن يفهم قدرة وقوة البيت الأبيض على استدراج "المجتمع الدولي" ليتبنّى أطروحاته وإن إذا استولد البيت الأبيض مواقف (غير متوقعة) كالفيتو على قرار وقف الدعم العسكري لدولة إرهابية تهدد السلام العالمي وتعرضه للخطر. المفارقة الصارخة هي أن تجد هذه السياسة الطائشة أنصاراً لها، حيث ذهبت أقلام الكثير من المعلقين الغربيين والمتغربين تنفخ في مقالاتها الحجج الأيديولوجية لتبرير الضرب بالحديد والنار أو بالسياسة والحصار سواءً بسواء لا فرق لديهم في مستوى الوسائل ما دامت الغاية هي.. هي، إزاحة فكرة الثورة من التداول أولاً ومن الوجود ثانياً. العدوان الأمريكي على اليمن كشف عن تهور حقيقي للسلطة الإجرامية الوحشية الأمريكية. صحيح أن الإمكانيات الاقتصادية والبنى الأساسية للدولة اليمنية أغلبها دمرت بفعل حرب الإبادة التي تمارسها أمريكا وأدواتها، لكن شعبنا مايزال يمتلك القدرة الجبارة على المقاومة والصمود والتحدي ومواجهة أحدث أنواع الأسلحة بهدف تحرير واستعادة جميع أراضيه، وحقوقه، ووحدته.
لن يمروا، ولن تستطيع أمريكا استعادة هيبتها التي تحطمت على صخرة صمود الشعب اليمني وانتصاراته.

أترك تعليقاً

التعليقات