اليمن ومجلس التعاون الخليجي
 

طاهر علوان

للوقوف على المقدمات التي سبقت الإعلان عن تشكيل مجلس التعاون الخليجي، وعلاقته باليمن، لا بد من العودة إلى الفترة التي سبقت هذا الإعلان، وطبيعة المناخ السياسي والاجتماعي الذي سيطر على منطقة الخليج في تلك الحقبة التاريخية.
قيام مجلس التعاون الخليجي ليس الهدف منه التعاون والتكامل الاقتصادي والوحدة الإقليمية، وإنما الهدف الرئيسي من تكوينه حماية المصالح الأمريكية والغربية والارتباط بالقوة الأطلسية، ذراع إقليمية لقمع وإجهاض النظم الوطنية الرافضة لسياسة الهيمنة والموالاة للدول الوراثية في المنطقة، وتحويل دول الخليج من قوة اقتصادية ممولة لمشاريع البترودولار الإرهابية إلى قوة عسكرية وشرطي إقليمي لتأديب وتطويع الدول الوطنية في المنطقة.
عام 1971 لجأت أمريكا إلى سياسة ملء الفراغ بعد انسحاب بريطانيا من تلك المنطقة، لحماية مصالحها من خلال الاعتماد على القوى الإقليمية والمرتبطة بها والمعتمدة في وجودها على دعمها وتأييدها، في الماضي كان الاعتماد على شاه إيران الذي كان يقوم بدور الشرطي في المنطقة.
في 1975 اقترح الشاه إبرام ميثاق أمن مشترك للدول المطلة على الخليج، لكن أقطار الخليج رفضت الاقتراح، الأمر الذي استدعى أمريكا الاعتماد على قوتها من خلال أسلوب التدخل المباشر، أعلن كارتر تشكيل قوات التدخل السريع الأمريكية، ونظراً لهذا الأسلوب الفج في الهيمنة واحتجاج العالم الحر آنذاك، تراجعت أمريكا في عهد الرئيس ريجان، وتم تشكيل قوات دولية تشارك فيها دول حلف الأطلسي، تقوم بحماية المصالح الحيوية للمجتمع الدولي (أي الدول الاستعمارية الغربية). وفي 1981، ونتيجة للتطورات الإقليمية (الثورة الإيرانية - الحرب العراقية الإيرانية)، ارتأت أمريكا قيام المجلس لمواكبة تلك التطورات، وتستطيع من خلاله أن تلعب دوراً مهماً على الصعيدين السياسي والعسكري، بقوتها الاقتصادية النفطية.
وإذا افترضنا أن مجلس التعاون الخليجي كما يقال بأنه كيان إقليمي اقتصادي تعاوني يضم أقطاراً على درجة عالية من التقارب والترابط، والعامل الجغرافي يشكل أهمية خاصة في هذا التجمع، مع توافر مقومات الارتباط المكاني بحكم الامتداد الجغرافي دون حواجز طبيعية، وبما أن تلك الأقطار تطل على سواحل بحرية تمتد من الخليج إلى بحر العرب ثم البحر الأحمر، مما يوفر سهولة الاتصال البري والبحري، جميع تلك المواصفات الجغرافية المرتبطة بالعوامل الاقتصادية لمجلس تعاوني وكيان اقتصادي ومشروع وحدة إقليمية، المفترض بل من موجبات هذا الكيان أن تكون اليمن على رأس القائمة. استبعاد اليمن والاستهزاء بفكرة منح اليمن العضوية الكاملة، جعل شبه الجزيرة العربية مقسمة، وحدَّ من قدرة الخليج على التأثير الاقتصادي، وأعاق حركة التجارة الإقليمية والنمو الاقتصادي. انضمام اليمن إلى مجلس التعاون حماية لحدود شبه الجزيزة العربية من خلال دمج مياهها الإقليمية في بحر العرب وخليج عدن مع الجزء الجنوبي من البحر الأحمر، والأهم إلحاق مضيق باب المندب الذي يعد أهم أحد الممرات المائية في العالم، ونقطة عبور رئيسية، إجبارية لحركة تجارة النفط العالمية.
حين قيام مجلس التعاون عام 1981، فضلت مملكة الشر المهيمنة على مجلس التعاون إبقاء اليمن الشمالي منطقة عازلة بينها وبين اليمن الجنوبي، وحين توحد اليمن تخوفت مملكة الشر من تواجد دولة قوية موحدة تهدد وجودها ومصالحها.
سعت اليمن مراراً وتكراراً للانضمام للمجلس، وقوبلت فكرة الانضمام أو حتى الاقتراب من المجلس بالرفض التام، بل كانت محرمة ما لم تتم تسوية النزاع الحدودي مع السعودية، وهو ما كان في 2000، حيث تم الترسيم الحدودي بشروط مملكة الشر، ورغم ذلك لم يتم ضم اليمن إلا لعدد من الهيئات الهامشية للمجلس (الرياضة - المواصفات والمقاييس - الصحة).
لطالما تركت دول الخليج اليمن مهمشاً في الحرب والسلم، اليمن تستحق أكثر من اهتمام وتضامن، وللأسف لا يتجسد ذلك التضامن إلا على شكل حصار اقتصادي، وقصف جوي من دول خليجية ظالمة، لكن بقوة الحق سوف ننتصر ونفرض معادلة إقليمية عادلة.

أترك تعليقاً

التعليقات