شايف العين / لا ميديا

كلما ازداد يأس تحالف العدوان الأمريكي السعودي في الظفر بتحقيق أهداف عدوانه عسكرياً، اتجه للورقة الاقتصادية التي لجأ لاستخدامها منذ شهره الأول نتيجة تجرعه مرارة الهزيمة على أيدي أبطال الجيش واللجان الشعبية. حيث فرض حصاراً برياً وبحرياً وجوياً، وصادر إيرادات البلد لخزينته التي يمول منها عصاباته الإرهابية في المناطق المحتلة، وفي الآونة الأخيرة بدأ بتوجيه حراب عدوانه إلى ما تبقى من مؤسسات إيرادية للدولة كالاتصالات والتبغ والكبريت والتأمينات، بغية الإجهاز عليها.

استهداف ما تبقى من مؤسسات إيرادية بغطاء أممي
كالمعتاد لا يقدم تحالف العدوان الأمريكي السعودي على ارتكاب جريمة في الوطن إلا وقد جهزت ماكينته الإعلامية التبريرات التي ستنشرها لستر عورته أمام العالم، وأحياناً كانت تمهد لتلك الجرائم، خصوصاً الاقتصادية، قبل الإقدام على ارتكابها، كذريعة تهريب الأسلحة للحوثيين، والتي استخدمت لتشديد الحصار ومنع دخول الغذاء، أو الادعاء بعدم حيادية البنك المركزي اليمني تمهيداً لنقله إلى عدن.
وشهدت الآونة الأخيرة هجوماً إعلامياً من المواقع والفضائيات التابعة لتحالف العدوان، ضد ما تبقى من مؤسسات إيرادية كشركة التبغ والكبريت (كمران) وشركة مأرب اليمنية للتأمين ومؤسسة الاتصالات، تمهيداً للخطوات التي أقدم عليها في ما بعد، متجاوزاً كل الأعراف والمواثيق التجارية الدولية، بدعم من مجلس الأمن والأمم المتحدة.
فالأمم المتحدة شكلت لجنة خبراء خرجت منتصف الشهر الماضي بتقرير يتهم مؤسسات الدولة اليمنية بمخالفة القوانين الدولية، كونها ترفد خزينة الدولة، وذلك التقرير كان تمهيداً لمحاولات العدوان اجتثاث تلك الشركات ونهب أصولها.

(كمران) في دائرة الاستهداف
شركة كمران الوطنية، وهي شركة مساهمة تأسست بموجب القانون رقم 13 لعام 1963، الخاص بإنشاء شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم، والذي منحها ترخيص التأسيس وحدد نشاطها باحتكار تسويق التبغ ومنتجاته، وكذلك الكبريت في الجمهورية، وتتولى إدارتها الدولة، وتبلغ حصتها فيها حوالي 27%.
لم تكن الهجمات الإعلامية الشرسة على الشركة كافية لتبرير الممارسات التي ينوي التحالف المعتدي وحكومة مرتزقته القيام بها ضد الشركة، حتى أتى تقرير ما يسمى الفريق الأممي، والذي ادعى أن مبيعات التبغ تشكل المصدر الثاني لإيرادات تمويل الحوثيين (حسب تعبيرهم).
هذا المبرر الأممي اعتبره تحالف العدوان كافياً كي يُقدم على خطوات من شأنها إلحاق الضرر بالاقتصاد الوطني، فبدأ بوضع العراقيل أمام نشاط الشركة وحجز كميات كبيرة من المواد الخاصة بها في ميناء عدن المحتل من قبل الإمارات والسعودية، بحجة التهرب من دفع الضرائب لحكومة المرتزقة.
وأدّى احتجاز المواد إلى توقف مصانع الشركة عن العمل، وبالتالي ارتفاع كبير في أسعار السجائر الخاصة بالشركة في السوق، كما أفاد بعض تجار الجملة في أمانة العاصمة، والذين أكدوا أن سبب ارتفاع سعر سجائر (كمران) هو توقف إنتاجها، الأمر الذي جعلها خاضعة لاحتكار بعض التجار الذين يملكون كميات كبيرة منها في مخازنهم.
وتزامناً مع ذلك بدأت حكومة مرتزقة الرياض بإنشاء فرع للشركة في الأردن، وتجهيز مصنع هناك يكون بديلاً للذي داخل الوطن، كي يتم نقل الشركة إلى هناك بحيث يستطيع المرتزقة التحكم فيها، وبالتالي فإن موظفي الشركة البالغ عددهم بحسب معلومات 1400 موظف، سيفقدون أعمالهم، وينضمون إلى بقية موظفي الدولة الذين نهب العدوان ومرتزقته مرتباتهم وضيق عليهم الخناق بنقله البنك المركزي إلى عدن، كما أن السوق المحلية للتبغ والكبريت التي يسعى العدو وأذنابه للسيطرة عليها ستتأثر كثيراً بهذه الخطوة، وسيفقد الاقتصاد الوطني أحد أعمدته المتبقية، وجزءاً كبيراً من عائدات الضرائب والجمارك.
وأعلنت حكومة مرتزقة الرياض، الأسبوع الفائت، تشكيل لجنة تعنى بالتحقيق مع شركة كمران بشأن ما وصفوه بالتخلف الضريبي والجمركي. وليست الشركة الوطنية للتبغ والكبريت المؤسسة الوحيدة المستهدفة من التصعيد الأخير للعدوان الاقتصادي، فمؤسسة الاتصالات وشركة مأرب للتأمين ضمن القائمة.

خطط جديدة 
تستهدف (الاتصالات) 
بلغت خسائر قطاع الاتصالات خلال ألف يوم من العدوان، بفعل استهداف العدوان الأمريكي السعودي لمنشآته وبنيته التحتية، 76 مليار ريال بحسب تقرير وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات الذي أعدته نهاية العام المنصرم.
حيث استهدف طيران العدو 400 موقع وشبكة اتصال تابعة لشركتي (يمن موبايل) و(تليمن) والشركات الأخرى، سواء خاصة أو حكومية، كي يعطل واحداً من أهم القطاعات الإيرادية للدولة.
ورأى التحالف المعتدي ومرتزقته أن ذلك الاستهداف والتدمير للقطاع ليس كافياً لإخراجه عن الخدمة تماماً، فبدأ يتجه لتنفيذ خطط أخرى لتضييق الخناق على مؤسسة الاتصالات بغية إخضاعها الكامل لسيطرته ونهب إيراداتها كما فعل مع قطاعي النفط والغاز وغيرهما، خصوصاً وأن المزود الرئيس للخدمة ليس ضمن نطاق سيطرته الجغرافية.
فبدأ المخربون من مرتزقة العدوان الاعتداء على كابلات الألياف الضوئية التابعة للمؤسسة العامة للاتصالات المارة في المناطق المحتلة كالضالع ولحج وأبين.
وبعد فشل كل ذلك اتجه العدوان ومرتزقته لتحييد خدمات وإيرادات قطاع الاتصالات والإنترنت عن الدولة في صنعاء، وتحويلها إلى الخزينة التي تصب فيها إيرادات قطاعي النفط والغاز، في حرب اقتصادية جديدة هدفها نهب هذا القطاع ونقل مقر التحكم به والمزود الرئيسي له إلى عدن المحتلة كما حدث مع البنك المركزي اليمني، وكل هذا بغطاء أممي تمثل في التقرير الأخير للجنة خبراء الأمم المتحدة، والذي اتهم القطاع بمخالفة القرارات الدولية كونه يرفد خزينة الدولة.
وأفادت تصريحات لمسؤولين في حكومة مرتزقة الرياض تداولها إعلامهم، قيامهم بتوقيع عقد مع شركة هواوي الصينية بقيمة 14 مليون دولار لإنشاء بوابة للاتصالات والإنترنت في عدن المحتلة، الغرض منها التحكم في خدمات قطاع الاتصالات وسحب كود الاتصال الدولي (00967) للتحكم بالاتصالات الدولية.
(الاتصالات) تفضح 
غاية العدوان ومرتزقته 
أكد مصدر مسؤول في المؤسسة العامة للاتصالات لصحيفة (لا) أن مساعي مرتزقة العدوان لإنشاء شركة اتصالات في عدن المحتلة، لها غايتان؛ الأولى والأهم تدخل ضمن مساعي تحقيق مشروع الانفصال الذي يهدف العدوان تحقيقه في اليمن، ويظهر ذلك من تسمية الشركة التي يحاول المرتزقة إنشاءها (عدن نت).
والغاية الثانية التي سردها المصدر تكمن في توفر فرصة لدى العدوان ومرتزقته للابتزاز المادي وإلحاق الضرر بشركة (تليمن) والاقتصاد الوطني، كون المكالمات الواردة من السعودية تمثل 80% من إجمالي المكالمات الواردة إلى اليمن، وسحب الكود الدولي إلى عدن سيجعلها تتدفق إلى هناك.
غير أن المصدر نفسه اعتبر هذا مستحيلاً، كون الشبكة المتواجدة في عدن المحتلة عاجزة عن استقبال هذا الكم الهائل من الاتصالات وتوزيعها إلى كافة المحافظات، وفي حال حاول المرتزقة ذلك فإنهم لن يتجاوزوا المشتركين في مناطق سيطرتهم، والذين بدورهم لا يمثلون أكثر من 30% من مستخدمي الاتصالات والإنترنت سواء في الهاتف الثابت أو النقال.
وفي ما يخص مشروع الكابل الموصول إلى السنتر في عدن، والذي تتغنى حكومة المرتزقة بإنجازه، أنجزته شركة (تليمن) وتحملت تكاليفه من أموالها الخاصة، حيث كلفها 44 مليون دولار، واستغل المرتزقة سيطرتهم على عدن لالتقاط الصور، مدعين أنهم من أنجزوه.
واتخذت المؤسسة العامة للاتصالات إجراءاتها اللازمة للحيلولة دون نجاح العدوان ومرتزقته في تحقيق أهدافهم، أو للتخفيف من أي آثار قد تترتب على تنفيذ مخطط العدوان، مؤكدة عدم سماحها لـ(عدن نت) بالوصول إلى مشترك واحد في مناطق سيطرة الجيش واللجان الشعبية.

(مأرب) في مرمى العدوان
مؤسسة إيرادية أخرى يمهد إعلام تحالف العدوان بدعم أممي لاستهدافها إلى جانب الاتصالات والتبغ والكبريت، هي شركة مأرب اليمنية للتأمين، والتي تأسست عام 1974 من قبل البنك اليمني للإنشاء والتعمير ومجموعة من رجال الأعمال اليمنيين والشركة الكويتية لإعادة التأمين و(J.H.M) البريطانية، وكان إنشاؤها بموجب القرار الجمهوري رقم 4، مستخدمين نفس المبررات، وهي تمويل الدولة التي تملكها.
ويتبين من هذا كله أن العدوان دخل مرحلة جديدة في استهداف الاقتصاد الوطني بعد فرض حصاره على البلد، والتحكم بكل منافذه البرية والبحرية، ومصادرة ثرواته النفطية، وهذه المرحلة تتمثل في السيطرة على ما تبقى من مؤسسات تملكها الدولة أو تملك أسهماً فيها، واجتثاثها من صنعاء لتضييق الخناق على حكومة الإنقاذ التي تحاول جاهدة الاستفادة من الإيرادات التي تدرها تلك المؤسسات في تخفيف معاناة الموظفين الحكوميين بدفع ولو نصف راتب لهم.