الإصلاح يحترف الجاسوسية ضد المغتربين
الماس اليمني خلف قضبان السجون السعودية

غادر وليد صالح حزام الماس (30 عاماً) من أبناء مديرية الشعر محافظة إب، اليمن، في 2014، تاركاً زوجته وطفليه, متجهاً إلى السعودية عله يجد عملاً يستطيع من خلاله ضمان حياة كريمة لهم بعد أن تقطعت به السبل في بلده، ولم يعد العمل الذي كان يمتهنه قادراً على توفير المتطلبات اللازمة للحياة, غير مدرك أن النظام الذي يحكم البلد الراحل إليه سيشن عدواناً همجياً على موطنه انتزع منه أمنه ولقمة العيش البسيطة المتوفرة فيه, ليس هذا فحسب، بل يحارب وليد في رزقه الذي أتى إلى بلده بحثاً عنه، ويصادر بعد عام من عدوانه كل ما جمعه وليد خلال عامين من الغربة اللعينة في ذلك البلد الذي عاش عامه الثالث متنقلاً في سجونه والقيود تكاد تحطم عظامه سبب رفضه للحرب على وطنه.
إخواني عميل يتسبب
في كارثة لوليد
يروي وليد لـ(لا) قصته وآلاف اليمنيين المغتربين في مملكة الشر مع نظامها الحاكم الذي حول غربتهم فيها بحثاً عن الرزق، إلى كابوس يعيشونه في سجونه الوهابية, يمارس ضدهم فيها شتى أنواع التعذيب، وجميعهم متهمون بالوقوف مع وطنهم اليمن.
يقول وليد: سافرت إلى السعودية قبل عام من العدوان علني أحصل على عمل يضمن لي دخلاً محترماً أستطيع من خلاله توفير حياة كريمة لأسرتي في اليمن, وبالفعل تمكنت من فتح محل لبيع الطلاء في الرياض، ضمن لي ما كنت أسعى إليه، مع أنه كانت تواجهنا نحن المغتربين اليمنيين عدة عراقيل من قبل الحكومة هناك، والتي كانت تعاملنا بشكل سيئ على خلاف المواطنين السعوديين، فقد كان معظمهم يعاملنا بطيبة وحسن نية, حتى شنت السعودية عدوانها على الوطن في 2015، وهو التاريخ الذي صعد النظام فيه تعامله السيئ معنا، وتغيرت فيه نظرة المواطنين إلينا, بعد أن صور لهم إعلام النظام أن أنصار الله مجوس وروافض يقومون بأعمال خارجة عن الإسلام.
مضى شهر العدوان الأول ودخل شهره الثاني، ووليد يراقب ما يتعرض له بلده من قصف همجي يذهب ضحيته المئات يومياً, ولم يستطع السكوت عن ذلك، فاستنكر في صفحته الفيسبوكية ما يحدث، معتقداً بأن ذلك أقل واجب ينبغي عليه القيام به، يحدد من خلاله موقفه الرافض للعدوان، في الوقت الذي كثر فيه من خانوا الوطن والتحقوا بصفوف المعتدين، وعلى رأسهم أغلب المنتمين لحزب التجمع اليمني للإصلاح.
يستمر وليد في الحديث: اتصل بي أحد الأصدقاء المغتربين، وسألني أين أنت فأنا أود رؤيتك, أخبرته أنني عائد إلى السكن، فأتى إليّ، وما إن نزلت من غرفتي حتى فاجأني رجال المباحث السعودية الذين جلبهم معه ياسر علي قاسم حوتر (يمني ومن مديريتي) بتكتيفي، ولم أكن أعلم حينها أن ياسر قد انضم إلى صفوف الخونة ولحق بركب إخوته في حزب الإصلاح, فسألوني المباحث عن هويتي ومقر سكني، فأريتهم الغرفة واقتحموها وفتشوها وصادروا عليَّ 3 هواتف جديدة اشتريتها لأرسلها هدايا إلى اليمن، مع لابتوب جديد، ومبلغ 30 ألف ريال سعودي, وكان في غرفتي علم للجمهورية اليمنية ملصق بحائطها.
بعدها طلبوا مني فتح هاتفي ليقوموا بتفتيشه، لكنهم لم يجدوا فيه شيئاً, وطلبوا مني فتح حسابي في (فيسبوك)، لكني قلت لهم بأنني لا أملك حساباً فيه، فبادر الخائن حوتر وأراهم صفحتي الشخصية من حسابه على جواله، والتي اتضح لهم من خلال منشوراتي فيها أنني ضد عدوانهم ومؤيد لحزب المؤتمر الشعبي العام وجماعة أنصار الله في موقفهم المواجه لحربهم الهمجية.
اقتادني بعد ذلك  12 دورية لقوات أمن الطوارئ إلى الإدارة العامة للمباحث بالرياض، بدأوا فيها التحقيق معي بسؤال غريب مفاده ما صلتك بأحمد علي عبدالله صالح؟ وما هي الإحداثيات والمعلومات التي رفعتها للحوثيين؟ ثم وضعوني في غرفة وأعطوني مهلة 10 دقائق حتى أعطي إجابة لتلك الأسئلة، وسيكافئونني إذا تعاونت معهم بالإجابة، وإذا لم أقم بذلك فسيكون مصيري مجهولاً, وما إن انقضت المهلة التي أعطوني إياها حتى دخل عليّ 3 ضباط أعطوني ورقة أكتب فيها إجابتي، فأخبرتهم أنني لم ألتقِ بأحمد علي طيلة حياتي، ولست على اتصال مع أنصار الله كي أعطيهم معلومات وإحداثيات، فأنا هنا من قبل بداية الحرب.

مشوار تعاسة في سجون الوهابية 
لحق بوليد بعد تلك الإجابة بعض من الألم الذي ألحقه بنو سعود بأبناء شعبه, نتيجة تعذيب أولئك المجرمين له كونه لم يعط إجابة تؤكد ما أخبرهم عنه الإصلاحي الذي أبلغهم، وكان سبب بداية رحلته التعيسة الطويلة في سجون المملكة الوهابية.
يتابع الماس حديثه قائلاً: بعد إجابتي تلك ذقت ما تجرعه أبناء الوطن الذين كنت بعيداً عنهم من ألم أصابهم به القائمون على العدوان, فقد قاموا بتعذيبي بالضرب والصعق الكهربائي، وكذلك بالحبس الانفرادي في زنزانة لا تتجاوز مساحتها متراً ونصفاً في متر، من وقت الفجر إلى بعد العصر, وهو الوقت الذي أتى فيه أحد أفراد الأمن قال لي جهز أغراضك كي يتم ترحيلك إلى اليمن, قلت له لا يوجد لدي أغراض هنا, فقام بوضع الأغلال على يديَّ وقدميَّ، وربط على عينيَّ, ونقلوني إلى سجن آخر عرفت لاحقاً أنه مموه بمبنى أكاديمية الأمير نايف في الرياض، والتي اتضحت أنها سجن ضخم يضم آلاف المساجين, وهناك بدأوا بتعذيبي من جديد، وكذلك التحقيق معي بتوجيه نفس الأسئلة، وفي كل مرة يعذبونني فيها يوجهون إليَّ نفس الأسئلة السابقة، غير أنهم أضافوا سؤالاً جديداً وغريباً عن متى كانت آخر مرة تواصلت فيها مع أبو علي الحاكم، وهو الاسم الذي لم أعرفه حتى لقيت أحد المساجين من محافظة صعدة تم سجنه بنفس التهمة، وأخبرني عن صاحب ذلك الاسم, واستخدموا هناك تعذيباً جديداً معي هو منعي من النوم، وهذا التعذيب يستخدمونه مع السجناء اليمنيين.
مكث وليد في ذلك السجن 48 يوماً تدهورت فيها حالته الصحية كثيراً، ما دفع الجهات الأمنية إلى نقله إلى سجن الحائر في الرياض أيضاً, لأنه يحتوي على مرفق صحي تعالج فيه لمدة 12 يوماً حتى استقرت حالته, وبعدها مباشرة عادوا للتحقيق معه وتعذيبة لفترة 3 أشهر، ومن ثم أقفلوا ملفه دون ثبوت أية تهمة من تلك التي وجهوها إليه, ووضعوا في ملفه قضايا أخرى غير التي وجهوها له عند القبض عليه، تمثلت في رفض الحرب على اليمن, وأنه ناشط في حزب المؤتمر وجماعة أنصار الله، واعترافه بالأخيرة أنها مكون شعبي أساسي في اليمن, وأيضاً حيازته صوراً خاصة بالزعيم صالح وزوامل لأنصار الله، وهو ما اعتبروها إساءة للمملكة.
بعد ذلك نقلوه إلى المحكمة ليصدق على أقواله هناك, ليقبع بعدها في سجن ذهبان بمدينة جدة وهو سجن مستحدث بعد العدوان يوضع فيه اليمنيون فقط، لمدة 3 أشهر، قبل أن يعيدوه إلى الحائر، ويمكث فيه 3 أشهر ونصفاً انتهت بحديث القائمين على السجن أن أتى وليد وبعض رفاقه في السجن عفو من وزارة الداخلية، وفي ذلك السجن الكثير من أبناء جلدته الذين زجت بهم المملكة في سجونها لتهمة أنهم يمنيون قالوا لا للعدوان على وطنهم، ولا تهمة غيرها.

نهبوا كل ما كان لديّ
قبل خروجه من سجن الحائر أتى إليه اثنان من السفارة اليمنية هناك، أحدهما يدعى عارف الأصبحي، والآخر علي قحطان، أبلغاه بأن لديهما أمراً يقضي ترحيله، وطلبا منه كشفاً لما يمتلكه في السعودية كي يعيدوه له قبل ترحيله, فأخبرهما أن لديه محل بيع دهانات بقيمة 200 ألف ريال سعودي، بالإضافة إلى لابتوب و5 تلفونات و30 ألف ريال أخذتها المباحث يوم القبض عليه.
وأضاف وليد: في اليوم الذي تلى زيارتهما نقلت أنا وبعض السجناء إلى سجن شهارة بأبها، وبقينا فيه قرابة الشهر، قبل أن ينقلونا منه إلى منفذ الوديعة دون أن يعطونا الأشياء التي نمتلكها والتي سجلها مندوبا السفارة اليمنية اللذان قاما بزيارتنا في السجن السابق, وأتمنى من المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ أن ينصفوني ممن تسبب بهذا كله لي وهو ياسر حوتر من أبناء الشعر بمحافظة إب، ويقوموا بحجز أملاكه وتعويض ما خسرته بسبب خيانته وعمالته للعدوان, كي يكون عبرة للآخرين أمثاله الذين تسببوا في الزج بآلاف المغتربين المناهضين للعدوان السعودي الأمريكي في السجون.