يوسف صلاح الدين / لا ميديا -

في تعز المحتلة، وبينما يتناحر شركاء العمالة والارتزاق، فرقاء المحاصصة؛ ينظر التحالف الأمريكي إلى سُحب الدم ويقول بثقة رشيدية: أمطري حيث شئت، فإن خراجك إلينا!
وسط جحيم الاقتتال الذي تصلى نيرانه المدينة ومستضعفوها، المغلوبون على أمرهم بلا استثناء، يعيش "الشهري، ذو الجنسية السعودية ورجل دولة داعش المنتظرة" وادعاً خلف أسوار وجدران مبنى قيادة المؤتمر الشعبي الواقع في قلب المدينة، فوق تلة فسيحة الأفنية مشجّرة تُطل على شارع "26 سبتمبر، وجولة فندق الإخوة الممتدة من شارع جمال"، بظهير من "مبنى المؤسسة العامة للاتصالات، ومصلحة الضرائب، والمالية، والإدارة العامة لمجموعة هائل سعيد".. بعيداً عن طائلة الفوضى ودوامة الموت التي تعصف بالمحيط حجراً وبشراً، تقع محمية "أبو عبدالرحمن الشهري" ومنطقته الخضراء المحفوفة بالسكينة والغموض.. يتراشق الفرقاء "سلفيين وإصلاحيين ومؤتمر وناصري واشتراكي" التهم والرصاص والعبوات والأحزمة الناسفة، ويبقى "الشهري" ثابتاً مُقدَّساً يتشاطر المتناحرون الإيمان به، وتبقى محميته حرماً آمناً قيد بوصات من حمّامات الدم والديناميت والدمار وزوابع الرُّعب الجوّابة بامتداد مدينة تلفظ أبناءها بالآلاف يومياً، وتشرع أحضانها للغرباء القادمين على جنازير وأجنحة "دعاوى التحرير وإعادة الشرعية، ومواجهة كهنوت الكهف والروافض والمجوس".
مضت 4 أعوام منذ هتفت حناجر أكابر الخونة مع لفيف قطعانهم "شكراً سلمان"، وأطلقوا على ما نجح التحالف الأجنبي في احتلاله من جغرافيا الوطن "أراضي محررة"، هي اليوم خرائب ينعق البُوم والغربان في جنباتها كأبرز مزية من مزايا التحرير، وفيما يقتتل خلطة الخونة من يسار ويمين ووسط بينهم البين لفرز "الشرعي من غير الشرعي، والدولة من المليشيا"، يتفق جميعهم حول ثابت شرعية تحالف الاحتلال، ويُوسدون عشرات الآلاف من رؤوس القطعان ارتزاقاً على مذابح الدفاع عن حدود المملكة السعودية، ورفداً لغزوات الإمارات في الساحل الغربي ونزواتها في الجنوب المحتل، حيث يفتض ضباطها عذرية الرجال بالعصي والنبابيت، كضرب من ضروب التسلية والترويح.
من لم يمت كقربان رخيص في حدود المملكة من أبناء تعز المحتلة، مات ويموت على مدار الساعة في فتوحات "غزوان المخلافي، وصادق سرحان، وأبو العباس، وعارف جامل" الرامية لتوسيع نطاق السيطرة الزقاقية جنوباً باتجاه "العرضي وفرن الكدم"، وغرباً باتجاه "باب موسى وحافة الضمطوط"، والعكس شمالاً باتجاه "الروضة وجولة سنان وجامع السعيد والمسبح" كفتوحات مضادة.
العميل نبيل شمسان، المؤتمري الذي "حفظ المصحف عن ظهر غيب، وأعلن ولاءه لعلي محسن وحميد الأحمر في 2012 كوزير للخدمة المدنية"، يبدو اليوم لا أكثر من دمية هجينة دفع بها التحالف إلى أُتون صراع محاصصة محتدم بين أدواته من إصلاح ومؤتمر سلفي وقاعدي.. وإذ يشن "إصلاحيو التحالف" هجماتهم باسم تثبيت سلطة الدولة التي يتهمون "مؤتمري التحالف" بتقويضها، ويصنفوهم بـ"المتمردين والعصابات"، يرى هؤلاء الأخيرون في "الإصلاح" حجر العثرة الوحيد في طريق تثبيت سلطة الدولة، ويصفونهم -بمؤازرة من اشتراكيي وناصريي التحالف- بـ"الحشد الشعبي" الذي يستهدف "السُّـــنَّـة"، لصالح "الروافض"، في إشارة لعلاقة خفية تربط الإصلاح بـ"الحوثي" تبعاً لـ"اتهامهم"..
استدراج أبناء المدينة إلى متوالية الاقتتال البيني هو سبيل أدوات التحالف للإبقاء على مصادر التمويل متدفقة في حين يُزاول التحالف لعبة "موازين قوى" يبقي معها كل فرقاء العمالة طوع بنانه، ويُشتت بذلك انتباه الشارع عن مشروعه التفتيتي الذي يتجلّى أكثر فأكثر بمضي الوقت في ظل عجزه عن كسر حالة الصمود الشعبي المتنامية في جغرافيا الوجود الوطني، واحتواء تناقضات دويلاته الداخلية الموشكة على الانفجار.
العميل شمسان ليس خرطوم إطفاء مدَّه التحالف بُغية إخماد الحرائق المشتعلة في تعز المحتلة، بل خرطوم وقود يزيدها اشتعالاً بُغية صرف أنظار أهالي المدينة عن تحالف الاحتلال كمسؤول أول في ما آلت إليه أحوالهم من مآلات كارثية والزّج بهم في أُتون اقتتال أدوات الاحتلال على ملعب الولاء له كثابت، والتغطية على جرائمه وأطماعه التي باتت فاضحة أكثر مما يجب!
"شمسان" سيلحق بـ"محمود والمعمري"، ولن يَعدم التحالف دُمى بديلة يُبدد بها الدم "التعزّي" والوقت في دورات الصراع مع طواحين الهواء بزعم تثبيت سلطة الدولة ولجم الاختلالات عبثاً، لأن هذه الفوضى هي ما يستهدفه بالتنمية، لا ما يرغب في القضاء عليه بطبيعة الحال!