تقــريــر:غازي المفلحي/ لا ميديا-

طريق  «الوديعة ـ مأرب» أو «طريق العبر» هو الطريق البري الوحيد المتبقي الرابط بين اليمن والسعودية، بعد إغلاق تحالف العدوان بقية المنافذ اليمنية الأخرى، ويسلكه المغتربون العائدون إلى اليمن، ولكن بعضهم لا يغادرونه أثناء مرورهم فيه، فقد أصبح اليوم طريقاً يتخطف أرواح المسافرين اليمنيين، فهو طريق مدمر وخارج عن الخدمة، تحصل فيه حوادث مميته كثيرة، كما أنه غير آمن بسبب قطاع الطرق والمجرمين الذين يوقفون السيارات وينهبونها أو يطلقون النار على إطاراتها فيتسببون بحوادث تسهل مهمتهم أكثر.
طريق العبر يربط محافظة حضرموت شرقي اليمن بحدود السعودية من جهة بطول 100كم، كما يربط محافظة حضرموت بمحافظة مأرب من الجهة الأخرى بمسافة 172كم. وحسب المسافرين الذين مروا عبره ونجوا من فواجعه فهو حالياً مدمر ومليء بالحفر الكبيرة والعميقة التي تسبب حوادث أليمة عندما يحاول السائقون تفاديها أو عندما يسقطون فيها وهم يسيرون بسرعة، بالإضافة إلى كونه طريقا غير آمن ولا يسعى من يقع تحت نطاق سيطرتهم من سلطات المرتزقة إلى تأمينه، فهناك حالات تقطع ونهب كثيرة رواها مسافرون تعرضوا للنهب والتهديد وسلب سياراتهم وممتلكاتهم، بواسطة مسلحين يمارسون عملياتهم الإجرامية بشكل متكرر بدون رادع. كما روى كثيرون أن اللصوص يقومون بإطلاق النار على إطارات السيارة ما يتسبب بحوادث خطيرة ويسرعون لنهب السيارات ونهب من عليها.

حوادث أليمة
بينما يعد المغترب الساعات وهو على طريق العبر ليصل إلى أسرته التي تنتظره منذ سنوات، تختطف روحه في لحظة وتفجع أسرته عليه إلى الأبد، حيث شهد هذا الطريق حوادث كثيرة مؤلمة، فهناك من مات قبيل أيام من عيد الفطر وهو في طريق عودته ليقضي العيد مع أسرته، وهناك من حصل له حادث وكان يمكن إنقاذه، لكن أقرب مستشفى لإسعافه في مأرب أو سيئون يبعد 400كم، وهناك من قتلوا وتمزقوا 
بالجملة، ومنهم عدة أفراد من أسرة واحدة.
الحوادث كثيرة ويمكننا الإشارة إلى بعضها فقط، فأحدها راح ضحيتـه 9 مســـــافــرين وأصيب أكثر من
 35 آخرين جراء انقلاب حافلة النقل الجماعي التي كانوا على متنها.
ولقي ثلاثة أشقاء حتفهم في ذلك الطريق بسبب انقلاب سيارتهم نتيجة وقوعها في إحدى الحفر أثناء عودتهم للسعودية بعد حضورهم عزاء والدتهم في محافظة حضرموت أواخر ديسمبر 2018.
يقول محمد زايد لـ"لا" إن زوج خالته توفي بحادث على ذلك الطريق في 25 رمضان بينما كان مسافراً نحو اليمن، بعد أن انقلبت سيارته في طريق الموت الذي لا يكاد يمر أسبوع بدون أن تحصل فيه حوادث مروعة للسيارات والمركبات، يذهب ضحيتها الكثير من الأرواح، ناهيك عن عمليات النهب والتقطع التي يتعرض لها المسافرون بشكل مستمر، والتي يسقط الكثير من ضحاياها قتلى بأيدي قطاع الطرق. وبحسب تقارير فقد تعرض مسافرون لهجوم قطاع طرق في يونيو الماضي، بينما كانوا على مقربة من إحدى النقاط العسكرية. ونقل التقرير عن مسافرين قولهم إنهم تعرضوا لإطلاق نار من قبل مسلحين يستقلون سيارة نوع "شاص" اعترضت سيارتهم في منتصف الطريق، فاضطروا للتوقف ليترجل المسلحون وهم يواصلون إطلاق النار بصورة هستيرية، ويصرخون: "أين الفلوس؟! جيبوا الفلوس!"، وهو ما أجبرهم على إعطائهم ما كان لديهم من مال، وواصل المسلحون إطلاق النار، ما أدى إلى تهشم زجاج السيارة، وإصابة بعض من عليها بجروح، ثم انطلق المسلحون باتجاه الصحراء.
وبعدها قاموا بإبلاغ النقطة العسكرية التي لا تبعد عن مكان الحادثة سوى 200 متر، إلا أنهم فوجئوا ببرود أفراد النقطة 
الذين لم يبدوا أي تجاوب ولم يحركوا ساكنا لملاحقة الجناة، كما أبلغوا النقطة التالية، ولم تتجاوب هي الأخرى، ما أثار الشكوك لديهم ولدى كثيرين حول تواطؤ أفراد تلك النقاط مع قطاع الطرق وتقاسم المنهوبات معهم.


من يتحمل المسؤولية؟
تتحمل حكومة المرتزقة المسؤولية الكاملة عن الحوادث في طريق العبر، كما تتحمل مسؤولية تأمينه، فإلى يدها تعود مليارات الريالات شهرياً من عائدات منفذ الوديعة، بوابة هذا الطريق ونقطة بدئه، ويمكنها ترميم ذلك الطريق المزدوج المتهالك، وحتى تحديثه بأعلى مواصفات الأمان والسلامة من إيرادات أربعة أشهر على أكثر تقدير، ولكن يقول الكثيرون، بل ويؤكدون أن هذه العائدات لا تذهب لأي خزينة تتبع حكومة المرتزقة، بل تذهب إلى جيب المرتزق سلطان العرادة، 
المعين من قبل العميل هادي محافظاً لمأرب وشركائه من عيال الأحمر وجنرالهم العجوز علي محسن وأتباعهم الذين يغتنمون  إيرادات منفذ  الوديعة إلى جانب ما تجنيه نقاط البلطجة التابعة لهم على طول الطريق. ويضيف البعض أن ما يتم سرقته من المسافرين  محسوب أيضاً على رجال وحاشية العرادة وعيال الأحمر.


مشاريع وهمية
على الرغم من أن طريق العبر -مأرب يعد طريقاً دولياً إلا أنه لم يعد صالحاً أن يكون حتى بين قريتين. وبالرغم من أنه شريان تجني منه حكومة المرتزقة مليارات الريالات شهرياً إلا أنها لم تقم بإصلاحه وإعادة ترميمه، فبات تحويلة نحو الموت لعدد كبير من العابرين عليه.
أحمد عبيد بن دغر كان أول من أصدر كذباته بشأن إصلاح طريق العبر، ووجه أوامره التي لا تنفذ بصرف مبلغ 500 مليون ريال إلى حساب وزارة أشغال المرتزقة، للبدء الفوري بصيانة طريق الوديعة - سيئون - العبر - مأرب، مطلع يونيو 2018. وفي أبريل من العام ذاته، أعلن سلطان العرادة، المعين من قبل الفار هادي محافظاً لمأرب، بدء المرحلة من تأهيل الطريق (صافر - العبر) خلال أسبوعين من إعلانه الذي لم ير تنفيذه النور، وكان بتكلفة 2.4 مليار ريال يمني خلال 10 أشهر.
وقال العرادة حينها إن "هذا المشروع البالغ طوله من صافر حتى العبر 172 كم، سينفذ على 4 مراحل"، وأن العمل سيبدأ خلال أسبوعين من توقيع الاتفاقية. 
لكن شيئاً من وعود المرتزقة لم يحصل، وبعد حادثة الحافلة الأخيرة تنصل العرادة من الأمر كله وقال إن إعادة تأهيل طريق العبر ليس من مهام السلطة المحلية بمأرب، وإنما من مسؤوليات "الحكومة المركزية" للمرتزقة.
ورغم كثرة المناشدات التي يطلقها المواطنون والمسافرون لسلطة الارتزاق بترميم هذا الطريق وتأمينه من التقطعات والنهب، إلا أنه لم يتم الاستجابة لأي من تلك المناشدات، ومر أكثر من عام على وعود بن دغر والعرادة بإصلاح طريق العبر، إلا أنه لم يتم حتى عمل صيانة مؤقتة له، كردم الحفر خاصة الكبيرة فيها. وانتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً صور تظهر مواطنين بادروا بإصلاح بعض الحفر وصبها بالأسمنت كعمل خيري، بعد أن تركت حكومة الفنادق ذلك الطريق ممراً للموت.


وصايا المسافرين
قدم المسافرون الذين تحدثت معهم "لا" بعض النصائح لغيرهم من المسافرين، نظراً لأن أمر إصلاحه أو تأمينه من قبل المرتزقة بات أمراً ميئوساً منه، وأوصوا المسافرين الذين يريدون النجاة بحياتهم بأن يقودوا سياراتهم بسرعة لا تتعدى 80 كم في الساعة، وهو ما يعني أن يتجاهلوا كونهم مسافرين بين دولتين، وأن يعتبروا أنفسهم متنقلين في شوارع إحدى المدن. وبدون ذلك يزيد احتمال انقلاب السيارة والموت، بسبب الحفر العميقة، وفي أفضل الحالات تضرر أجزاء مهمة من السيارة فتتعطل في ذلك الطريق البعيد عن أي نوع من أنواع الحياة والمساعدة.
كما يجب عدم حمل مبالغ مالية كبيرة أثناء السفر، ومن يرغب بنقل مبالغ كبيرة من وإلى اليمن فعليه إرسالها عبر شركات الصرافة، حتى لا تقع غنيمة لقطاع الطرق. كما يفضل السفر في مجموعات تحوي عدة سيارات إن أمكن ذلك.