عمر عبدالعزيز / لا ميديا -

يعيش المواطنون القاطنون في وجوار ميدان التحرير في العاصمة صنعاء، وبالذات مع بدء موسم هطول الأمطار، مخاوف وهموماً نتيجة ما يواجهونه من معاناة كارثية جراء تجمع سيول الأمطار من شوارع العاصمة، لتحتقن وسط الميدان وفي الأحياء المحاذية للميدان، وصولا إلى اقتحام وحصار المحلات وبعض الشقق السكنية، مسببة كارثة بحق الأهالي هناك.

انسداد قنوات تصريف السيول
مع بدء موسم هطول الأمطار من كل عام، تتجمع الكثير من السيول وسط شوارع العاصمة، لتتشكل عائقاً أمام المواطنين، بسبب انعدام توفر قنوات تصريف كبيرة وكافية لكميات مياه الأمطار المتجمعة في الشوارع، ففضلاً عن أن قنوات تصريف المياه ضيقة، فإن أغلبها مسدودة، بسبب إهمال المواطنين الذين يرمون فيها أنواع المخلفات من أكياس بلاستيكية وعلب معدنية وغيرها من المخلفات.
كما أن إهمال الجهات المعنية في إيجاد حلول مكتملة لمعالجة مشكلة تصريف المياه يعتبر إحدى المشاكل الرئيسية لاحتقان وتجمع مياه الأمطار وسط شوارع العاصمة، خاصة في الأماكن الأقل انخفاضاً لمدة أيام.

السائلة
تمر مياه الأمطار عبر الشوارع وتتجمع في النهاية في «السائلة»، التي تشق العاصمة من المنتصف، ابتداء من منطقة بير عبيد جنوبا، مرورا بالصافية وباب اليمن والحصبة، ووصولا إلى حي المطار. وقد ساعدت كثيراً على تصريف مياه الأمطار المتجمعة وسط الشوارع. لكن تبقى كميات كثيرة من مياه الأمطار محتقنة وسط بعض الشوارع، وبالذات في الأماكن المنخفضة، وميدان التحرير أحدها، حيث تتجمع سيول الأمطار وسط الميدان والأحياء المحاذية للميدان ليتحول إلى بحيرة صغيرة تغطي الميدان وصولا إلى جوار بوابة شركة «تيليمن» شمالا.
مياه الأمطار المتجمعة في الحي السكني الخلفي للميدان يصل ارتفاعها لأمتار، وهو ما يمثل كارثة على السكان، إذ يؤدي إلى إغراق منازلهم ومحلاتهم بالمياه ومحاصرتهم فيها أياماً.

معاناة سنوية
مطلع العام الفائت اقتحمت مياه الأمطار عدداً من المحلات التجارية والمنازل، مسببة كارثة بممتلكاتهم. وقد أشار عدد من مواطني الحي في أحاديثهم مع صحيفة «لا» إلى أن مياه الأمطار تتجمع بجوار منازلهم طوال موسم الأمطار، بل وصولا إلى اقتحام منازلهم عبر الثقوب والفراغات الموجودة في أبوابها.
محمد أحد المواطنين المتضررين من مياه الأمطار العام الفائت. يقول: «اقتحمت مياه الأمطار شقتي في الطابق الأول من العمارة التي تحاذي مقري التوجيه المعنوي وشركة تيليمن، وأغرقت كل شيء، ما أجبرني وأسرتي على ترك الشقة واللجوء إلى شقة أحد جيراني بالطابق العلوي في العمارة نفسها.
وأضاف: «بقينا عند الجيران ساعات حتى انخفض وتراجع مستوى المياه المتجمعة والمحاصرة للعمارة، ثم عدنا إلى شقتنا لإخراج ما تبقى فيها من مياه وتنظيفها مما حملته المياه من أوساخ وأتربة».
أما فهمي محمود، أحد سكان حي الميدان، يقطن في الدور الرابع بإحدى العمارات التي تحاصرها مياه الأمطار، فيقول: «أثناء هطول الأمطار، الجميع هنا يقلق مما ستلحق بهم مياه الأمطار من كارثة، فالمياه تحاصرنا داخل شققنا أحياناً لساعات وأحيانا ليوم أو يومين. وبسبب هذا الوضع نجبر على البقاء داخل شققنا حتى ينخفض مستوى المياه.
وأكد أن الأمر مرهون بتجاوب وتفاعل أمانة العاصمة والبلدية وإحضارها البوابير لشفط المياه المحتقنة وتصريفها إلى قنوات المجاري في الأحياء المحاذية المرتفعة، وفي حال تقاعس الجهات المعنية وعدم حضورها لشفط المياه، تبقى المياه محتقنة لعدة أيام.
وأشار فهمي إلى أن سيول الأمطار القادمة من أغلب شوارع العاصمة تجرف في طريقها جميع القاذورات والأوساخ، وأكياس القمامة، وأحياناً مياه المجاري، إلى وسط شقق المستأجرين في الطوابق السفلى للعمارات وإلى داخل المحلات التجارية.
واستطرد: «بعد أن يتم شفط المياه إلى قنوات المجاري، تظل هناك مشكلة أمام الأهالي وهي مشكلة الوحل وكل أنواع القاذورات التي جلبتها سيول الأمطار من الشوارع إلى هذا المكان، فنضطر إلى أن نقوم بأنفسنا بجرفها أو نستدعي عمال نظافة لمساعدتنا في تنظيف الأماكن المحاذية لمنازلنا، وإلا لما تمكنا من الخروج، بسبب هذا الوحل».
ويختم فهمي حديثه للصحيفة بالقول: «لكن ما نكاد نتجاوز هذه الكارثة إلا وعادت كارثة أخرى بسبب استمرار هطول الأمطار والاحتقان مجدداً. ونستمر على هذا الحال حتى انتهاء موسم الأمطار». 

حواجز احترازية
أصحاب المحلات التجارية ينالون النصيب الأكبر من هذه الكارثة، بسبب أن محلاتهم في الطوابق السفلى من العمارات، فمع بدء هطول الأمطار يجبر أصحاب المحلات المحاذية للميدان على إغلاق محلاتهم ومغادرة المكان.
وليد غالب، صاحب بقالة أمام شركة تيليمن، يقول: «مع بدء هطول المطر أضطر مرغماً لإغلاق البقالة، إلا أن مياه الأمطار المحتقنة تنفذ إلى داخل البقالة من خلال الشقوق والثقوب الصغيرة المتواجدة على الأبواب، محدثةً كارثة داخل البقالة، بإتلاف البضائع الموجودة فيها، خصوصاً المواد الغذائية». 
وأشار إلى أنه أثناء موسم الأمطار في العام الفائت اقتحمت مياه السيول بقالته، متسببة بإتلاف عدد من البضائع الموجودة فيها، كما أعطبت ثلاجات التبريد، لتبلغ خسائره حينها ما يقارب 1.5 مليون ريال.
وتحسباً لتكرار هذه الكارثة يقول وليد: «ذهبنا، نحن أصحاب المحلات التجارية الأخرى، لنبتكر حلولاً لمنع تكرار هذه الكارثة، حيث قمنا ببناء حواجز إسمنتية أمام محلاتنا بدلا من أمياز الألومنيوم والأدراج الخشبية، لمنع وصد مياه الأمطار من التدفق إلى داخل محلاتنا».

غرق طفل
كارثة احتقان مياه الأمطار في ميدان التحرير والأحياء المجاورة للميدان أصبحت مصدر قلق للجميع، خصوصاً بعد حادثة غرق طفل في شهر رمضان الفائت. 
وكان الطفل قد غرق في بركة من مياه الأمطار المحتقنة في الحي الخلفي لميدان التحرير، ووقعت هذه الحادثة قبل موعد أذان المغرب بقليل، أثناء زيارته لمنزل أحد أقربائه للفطور.
وبحسب مواطنين، شهدوا هذه الحادثة، فإن الطفل الغريق كان برفقة طفل آخر يكبره سناً، وقد حاول إنقاذه من الغرق إلا أنه لم يتمكن، فراح يصرخ مستنجداً بالمارة إنقاذ رفيقه، لكن لم تفلح كل الجهود لإنقاذ الطفل من الغرق في مياه الأمطار المحتقنة في الحي الخلفي لميدان التحرير.

مكتبة الإرشاد تغرق
مطلع العام الماضي، مع استمرار غزارة هطول الأمطار، ارتفع مستوى المياه بشكل كبير ليغرق جميع المحلات والشقق التي تقع في الطوابق السفلى، بل وصل الأمر حد غرق مكتبة الإرشاد، رغم أنها مرتفعة عن المكان بأمتار.
وفي اليوم التالي بعد هذه الحادثة، شوهد صاحب المكتبة يقوم بمحاولات لإنقاذ ما تحتويه مكتبته من كتب أغرقتها مياه السيول التي اقتحمت المكتبة، فكان يقوم بأخذ الكتب المبللة ويرصها على الشارع خارج المكتبة تحت حرارة الشمس لتجفيفها.
كارثة احتقان مياه الأمطار خلف ميدان التحرير لا تعفي أحداً، فقد اقتحمت أغلب شقق المواطنين وجميع المحلات التجارية بدءاً من مكتبة الرشاد وصالون الحلاقة ومعامل