مصطفـى

عبد الله البردوني -

فليقصفوا،
لستَ مَقصَفْ
وَلْيَعْنُفوا، أنت أعنَفْ
ولْيحْشدوا،
أنت تدري
أن المخيفين أخوَفْ
أغنى ولكنَّ أشقى
أوهى ولكنَّ أجلَفْ
أبدى ولكنَّ أخفى
أخزى ولكنَّ أصْلَفْ
لهم حديدٌ ونارٌ
وهُم مِن القَشِّ أضعفْ
***
يخشَونَ إمكان موتٍ
وأنت للموت آلَفْ
وبالخطورات أغرى
وبالقرارات أشغَفْ
لأنهم لهواهم
وأنت بالناس أكلفْ
لذا تلاقي جيوشاً
مِن الخَواء المزخرَفْ
***
يجزِّئون المجزَّا
يُصنِّفون المصَّنفْ
يكثِّفون عليهم
حراسةً، أنت أكثَفْ
***
كفُجأة الغيب تهمي
وكالبراكين تزحَفْ
تنثالُ عيداً، ربيعاً
تمتدُّ مشتىً ومَصْيَفْ
نسْغاً إلى كل جِذرٍ
نَبْضاً إلى كل مِعزفْ
***
ما قال عنك انتظارٌ: 
هذا انثنى أو تحرَّفْ
ما قال نجمٌ: تراخى،
ما قال فجرٌ: تخلَّفْ
تُسابق الوقتَ، يعيا
وأنت لا تتوقَّفْ
فتسحب الشمسَ ذيلاً
وتلبسُ الليلَ مِعْطفْ
***
أحرجتَ من قال: غالى
ومَن يقولُ: تطرَّفْ
إن التوسّط موتٌ
أقسى، وسمّوه ألطَفْ
لأنهم بالتَّلهي
أرضى وللزَّيف أوصَفْ
وعندك الجبنُ جُبْنٌ
ما فيه أجفى وأظرَفْ
وعندك العار أزرى
وجهاً، إذا لاح أطْرَفْ
***
يا مصطفى أيُّ سٍّر
تحت القميص المنتَّفْ؟!
هل أنت أرهفْ لمحاً
لأن عُودَكَ أنحَفْ؟!
أأنت أخصبُ قلباً
لأن بيتك أعْجَفْ؟!
هل أنت أرغدُ حُلماً
لأن مَحْياكَ أشظَفْ؟!
لِمْ أنت بالكل أحفى
مِن كل أذكى وأثقَفْ؟!
مِن كل نبضٍ تُغَنّي
يبكون «مِن سِبِّ أهيَفْ»
***
إلى المدى أنت أهْدى
وبالسراديب أعْرَفْ
وبالخيارات أدرى
وللغرابات أكْشَفْ
وبالمهمَّات أمضى
وللمُلمَّات أحصَفْ
***
فلا وراءك ملهْى
ولا أمامك مَصْرَفْ
فلا مِن البُعد تأْسى
ولا على القُرْبِ تأسَفْ
لأنَّ همَّك أعلى
لأنَّ قصدكَ أشَرفْ
لأنَّ صدرك أملى
لأنَّ جيبك أنظَفْ
***
قد يكسرونك، لكنْ
تقوم أقوى وأرهَفْ
وهل صعدْتَ جَنِياً
إلا لُتَرْمى وتُقْطَفْ؟!
***
قد يقتلونك، تأتي
مِن آخر القتل أعْصَفْ
لأنَّ جذرك أنمى
لأنَّ مجراك أرْيَفْ
لأنَّ موتك أحيى
مِن عمر مليونِ مُتْرَفْ
***
فليقذفوك جميعاً
فأنتَ وحدك أقْذَفْ
سيتلَفون، ويزكو
فيك الذي ليس يَتْلَفْ
لأنك الكل فرداً
كيفيَّةٌ لا تُكَيَّفْ
***
يا مصطفى يا كتاباً
مِن كل قلبٍ تألَّفْ
ويا زماناً سيأتي
يمحو الزمانَ المُزَيَّفْ