الحاج احمد صالح الشيخ / لا ميديا -
هي صنعاء البديعة المهيبة وكما قيل عنها قهوة الشمس وبيت الندى فكل الذين جاؤوا وذهبوا أيقظت صنعاء القديمة في جوانحهم هواجس الشعر والتماهي الكلي مع تفاصيل المكان وفي تعاريج الفتنة في أزقتها وأسواقها ومساجدها.. واليوم كنا ضيوفا على مسجد المدرسة أي مدرسة الإمام شرف الدين وكل شيء من حولنا يوحي بأن الزمن لايزال في القرن التاسع الهجري فالمسجد يعتبر من المساجد العامرة شرقي صنعاء القديمة في ما تسمى حارة المدرسة التي أخذت هذا الاسم من اسم المسجد.
بني المسجد في السنة 924 هجرية على يد الإمام شرف الدين بن شمس الدين بن الإمام أحمد بن يحيى المرتضى. وقد التقينا بالحاج والمعلم أحمد محمد صالح الشيخ إمام وخطيب الجامع الذي حدثنا عن تفاصيل كثيرة ومهمة حيث قال إن الجامع بني على أنقاض مسجد صغير بناه الصحابي سعد بن أبي وقاص ويعتبر من ضمن المساجد المنسية التي تهدمت أو بنيت على أطلالها مساجد أخرى ومن ضمنها هذا المسجد ولايزال يحتفظ بمحراب صغير الى يسار المحراب الموجود حاليا.
ويضيف الحاج صالح أن الإمام شرف الدين قام بتوسيع المسجد وإضافة المطاهير ومئذنته الجميلة. وكان المسجد مكانا لتدريس العلوم الشرعية والمواريث واللغة العربية والنحو والصرف إضافة الى تدريس القرآن وعلومه وقد أخذ اسم «المدرسة» من قيامه بهذا الدور الكريم.
يتكون المسجد من بيت الصلاة والصوح الشمسي وأربع قباب صغيرة ومتوسطة ومئذنة جميلة شامخة بطول أكثر من خمسين مترا وقطرها 15 مترا ثابتة بعمر 521 سنة وهو عمر بناء المسجد وبتناسق هندسي عجيب يدل على دقة وجمال النمط المعماري لصنعاء القديمة.
وبيت الصلاة يتكون من 12 عمودا رشيقا من الحجر الجيري الأسود تنتهي بعقود من الياجور يرتكز عليها سقف المسجد المكون من الخشب والجص والقضاض الذي يعمل من السقف أرضية صلبة لا يتسرب الماء من خلاله وفي الجدار الشمالي لبيت الصلاة محراب بتجويف 80 سم يعلوه صحن حفر في الأعلى مكتوب بداخله «لا إله إلا الله -محمد رسول الله -علي ولي الله -فاطمة أمة الله» أما في الجدار الشرقي لبيت الصلاة فهنالك باب يفتح على مقصورة صغيرة جميلة يقول الحاج أحمد صالح إنها كانت لطلبة العلم قديما أما الآن فقد أصبحت للخلوات أو لصلاة الليل أو لمن أراد أن يقرأ القرآن والنوافل، وفي زاوية أخرى للمسجد توجد مكتبة تعود للإمام الفاضل والعالم أحمد بن علي زبارة الذي عمل وزيرا للمعارف في عهد الإمام أحمد حميد الدين. أما عن الصوح الشمسي فعلى جانبه الغربي توجد المطاهير وإلى جواره توجد قبة لضريح العالم الفاضل محمد بن إسماعيل الصنعاني المعروف بالأمير الصنعاني، صاحب الكتاب المشهور «سبل السلام» في علوم الفقه و الذي كان يعد من أبرز الذين عملوا على تأسيس المدرسة الفقهية.
سألنا الحاج أحمد صالح الشيخ عن دور المسجد في رمضان فأخبرنا أنه يقوم بتدريس القرآن الكريم وعلومه وعمل المحاضرات الرمضانية بين المغرب والعشاء كما أن المسجد تقام فيه مائدة كبيرة لإفطار الصائمين وتوزيع التمر والماء لرواد المسجد خلال أيام الشهر الفضيل.