معتاداً مارْش
- تم النشر بواسطة صلاح الدكاك / لا ميديا

صلاح الدكاك -
كانت الحرب منذ الطفولة
ظِلاً يشاطرُ أجسادَنا الغضّةَ الركضَ خلف الدروب
ويسبقنا أبداً...
كان يعدو بأكثر من قدمٍ
حِين نعدو على
قدمٍ واحدةْ
وبألف يدٍ
كان يسرقُ ما خبَّأته
لنا الأمهاتُ الحزيناتُ
من فرحٍ يابسٍ في الوسائد
أو فضلةٍ جدَّفت خارج المائدةْ!
***
لعبةً كانت الحربُ وحشيةً
من شظايا نكوّرها في الصباح
ونلهو بأشلائها الباردةْ
فإذا أسدل الليل أشباحَهُ
شاطرتنا الفراشَ بواريدُها
وأفقنا على نارها
وهي تلهو بأشلائنا الهامدةْ!
***
إنها الحربُ
تقويم أيامنا السرمدي
نؤرخ فيه المواليدَ والشهداءَ وأوّلَ قبلةِ حبٍّ
تُعنقدُ كَرمَتها في الخرائبِ
أولَ حرفٍ لثغناه تحت هدير القذائفِ
والجرسَ المدرسيَّ الأخيرَ
لمدرسةٍ أصبحت ثكنةً عسكريةْ
وفصلٍ تقعَّر أقبيةً لضحايا الهُويةْ
وساريةٍ تتضافر فوق تَشَظِّي الرقاب
مشانقَ دينيةً، وطنيةْ
وشواهدَ أضرحةٍ صاعدةْ
على كاهلٍ من توابيت أجيالنا «القاعدةْ»!
***
وهي الحربُ
تبدأ حيث نقول انتصرنا
وحيث نقول انكسرنا
وتسخرُ مِنّا
ومن دورة النَّخب بين المنصات
كلُّ المنصات يُثملها الـ«مارْش»
والكرنفالُ بكلِّ الطبولِ
يزفُّ طوابيرَه للخنادق
محتفلين بصلبانها الخالدةْ
والنياشين تقرع للنصرِ
فوق الصدور
نشيدَ النُّشور
على الأضلع الزائدةْ
فكيف يصافحُ مَن توَّجوه بها قائدَهْ؟!
كيف يرفع -كي يتحسس
أنواطَه- يدَه بفخار
إذا لم يجدْ ساعدَهْ؟!
***
نعشق الحرب!
نعشقها غافلين
ومستغرقين مع الذكريات...
ونحمدُ أنّا نَجَونا لها
أنّها أرجأتنا لمذبحة تتقصى البقايا على دكة الهضم
متخمةً بفرائسها البائدةْ
أنَّها ادَّخرتنا لمَقصلةٍ واعدةْ!
المصدر صلاح الدكاك / لا ميديا