عادل بشر / لا ميديا -
يوماً بعد آخر تكشف التقارير الغربية أن الجيش الأمريكي يعمل بشكل مكثف على تعزيز دفاعات قواته البحرية، من خلال إيجاد ابتكارات تسليحية جديدة، إلى جانب ترقية التكنولوجيا والبرامج الدفاعية الحالية، لضمان حماية السفن الحربية من هجمات الطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية والبحرية، في معركة شديدة التعقيد، كما حدث في البحر الأحمر خلال الخمسة عشر شهراً الماضية.
في هذا الصدد نشر موقع "19 فورتي فايف" الأمريكي المتخصص في السياسة الخارجية والأمن القومي، أمس، تقريراً بعنوان "القنابل الذكية: محاولة يائسة من جانب البحرية الأميركية لإنقاذ سفنها القتالية الساحلية"، أفاد فيه بأنه "مع استمرار تصاعد التوترات في البحر الأحمر، عاد برنامج سفن القتال الساحلية (LCS) المثير للجدل التابع للبحرية الأمريكية إلى دائرة الضوء".
وأوضح الموقع أن التقارير الأخيرة عن الهجمات اليمنية بالطائرات المسيّرة والصواريخ على السفن ("الإسرائيلية" والأمريكية والبريطانية) في البحر الأحمر، أدت إلى "تكثيف الحاجة الملحة إلى تعزيز الدفاعات البحرية. ورداً على ذلك، سارعت البحرية الأمريكية إلى تسريع عملية ترقية هياكل سفن القتال الساحلية المحددة التي خططت لها منذ فترة طويلة، وتجهيزها بصواريخ هيلفاير لمواجهة التهديدات الجوية بدون طيار".
وأشار التقرير إلى أن "هذا القرار يعكس سنوات من الإحباط بسبب ضعف قدرات السفينة القتالية الأمريكية ويسعى إلى إعادة توظيف المنصة المتعثرة لمواجهة التهديدات الحديثة. ولكن في حين أن هذا الترقية قد تقدم حلاً تكتيكياً قصير المدى، إلا أنها لا تعالج أوجه القصور الأساسية في سفن القتال الساحلية أو تبرر المزيد من الاستثمار في البرنامج" .
وأضاف التقرير: "لقد أصبحت سفن القتال الساحلية، التي تم تصميمها في الأصل كمنصة سريعة وقابلة للتكيف للعمليات القريبة من الساحل، رمزاً لصراعات البنتاغون مع التضخم في المشتريات، والانحراف الاستراتيجي، والحقائق التشغيلية المتغيرة"، لافتاً إلى أن التعديلات الجديدة "تهدف إلى إعطاء هذه السفن السريعة، ولكن الضعيفة غرضاً متجدداً، وهو اعتراض التهديدات الجوية، وخاصة الطائرات بدون طيار، باستخدام صاروخ  (AGM-114L Longbow Hellfire) الموجه بالرادار".

محاولة يائسة
ووصف التقرير هذه التعديلات بأنها "محاولة يائسة لتبرير وجود البرنامج"، متسائلاً: "ولكن هل هذا منطقي من الناحية الاستراتيجية؟".
ووفقاً للتقرير فإن التعديلات التسليحية التي تعمل البحرية الأمريكية على تطبيقها في سفنها القتالية، تتضمن تركيب وحدة صواريخ سطح-سطح، التي تعيد استخدام صواريخ هيلفاير -وهو سلاح مصمم في الأصل لتدمير الدبابات والأهداف الأرضية- للتعامل مع التهديدات الجوية، بما في ذلك الطائرات بدون طيار، مشيراً إلى أن البحرية الأمريكية صاغت هذا التعديل باعتباره استجابة ضرورية للتحديات الناشئة، وخاصة من الأنظمة الجوية غير المأهولة، كتلك التي استخدمتها القوات اليمنية في عملياتها العسكرية المساندة للشعب الفلسطيني ضد الإبادة التي ينفذها الكيان الصهيوني بدعم أمريكي في قطاع غزة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وقال إن "اليمنيين أظهروا قدرات متزايدة في عملياتهم العسكرية وخاصة بالبحر الأحمر"، مؤكداً أن السفن القتالية الساحلية الأمريكية، حتى مع قدراتها الجديدة في مكافحة الطائرات بدون طيار، لن تكون أكثر من مجرد عبء في القتال عالي الكثافة، فهي تفتقر إلى القوة النارية والقدرة على البقاء والمدى اللازمين للمساهمة بشكل هادف في القتال، على سبيل المثال، ضد أسطول البحرية الصينية في المياه العميقة.
وأضاف: "حتى في الصراعات غير المتكافئة، كما حدث في البحر الأحمر، لن تتمكن هذه السفن أبداً من الصمود في مواجهة عدو خطير، وستظل عُرضة للصواريخ المضادة للسفن والهجمات الجماعية".

صفحة من كتاب قواعد اللعبة
وكان الموقع ذاته قد نشر، في وقت سابق، تقريراً بعنوان "هل يستطيع الحوثيون إغراق سفينة حربية أمريكية بصاروخ أو طائرة بدون طيار؟"، ذكر فيه أن البحرية الأمريكية "تعمل بشكل مكثف على حصاد وتنفيذ الدروس المستفادة من تجربة الحوثيين في القتال في البحر الأحمر، للابتكار وتطوير قدراتها الدفاعية ضد الطائرات بدون طيار والصواريخ".
وقال قائد مجموعة حاملة الطائرات الضاربة الثانية في البحر الأحمر، الأدميرال جافون حكيم صادق، لصحيفة "واريور" الأمريكية، إن بحرية واشنطن تحلل "الدروس المستفادة من هجمات البحر الأحمر والحوثيين، وتستكشف تطبيقات الأسلحة الجديدة ومفاهيم العمليات للاستعداد لتهديدات الطائرات بدون طيار والصواريخ المستقبلية ضد سفنها وأصولها".
وأكد التقرير أنه "يجب على الجيش الأمريكي أن يستفيد من الدروس المستفادة من الحوثيين في اليمن، الذين نجحوا في منع الوصول إلى البحر الأحمر من خلال استخدامهم المبتكر للصواريخ الدقيقة بعيدة المدى والطائرات بدون طيار الرخيصة"، ولفت إلى أنه ينبغي على الجيش الأمريكي أن يفكر في استعارة صفحة من كتاب "قواعد اللعبة" الذي يستخدمه "الحوثيون" في اليمن.
ومنذ أواخر تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أعلنت القوات المسلحة اليمنية خوض المعركة ضد الكيان الصهيوني، إسناداً للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لإبادة جماعية في قطاع غزة.
وتمثلت عملية الإسناد في حظر الملاحة الصهيونية في البحر الأحمر، وكذلك تنفيذ عمليات عسكرية بعيدة المدى بالصواريخ والطائرات المسيّرة التي استهدفت مواقع حساسة للعدو في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومع دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/ يناير الفائت، أعلنت صنعاء إيقاف عملياتها المساندة للشعب الفلسطيني، مؤكدة أن عودة هذه العمليات مرهونة بالتزام الاحتلال الصهيوني بما تضمنته بنود ومراحل اتفاقية وقف إطلاق النار في غزة.