عادل بشر / لا ميديا -
لم يجد العدو الأمريكي، ليل أمس الأول الخميس، طريقة للانتقام من سلسلة الإهانات التي تعرض لها في البحر الأحمر على أيدي القوات المسلحة اليمنية، إضافة إلى الفشل الذريع في تحقيق الضربات الجوية المكثفة أيا من أهدافها، سوى أن يصب أطناناً من الحمم على منشأة رأس عيسى النفطية بمحافظة الحديدة، متعمداً تدمير المنشأة المدنية، وقتل وإحراق مَن فيها مِن عمال وموظفين، ثم عاود غاراته الجوية مستهدفاً طواقم الإنقاذ والمسعفين والدفاع المدني.
مجزرة دامية ارتكبتها الإدارة الأمريكية بحق عشرات المدنيين في ميناء رأس عيسى، مساء 17 نيسان/ أبريل الجاري، مختتمة بذلك شهرها الأول من حملة «ترامب» ضد اليمن لموقف صنعاء المساند للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لإبادة جماعية في قطاع غزة ينفذها الكيان الصهيوني بدعم أمريكي غربي.
وأعلن مكتب الصحة بمحافظة الحديدة، أمس، وصول حصيلة استهداف طيران العدوان الأمريكي لمنشأة رأس عيسى إلى 80 شهيدا و150 جريحاً في حصيلة غير نهائية.. موضحاً أن فرق الإنقاذ والدفاع المدني مستمرة في رفع الأنقاض وإخماد الحرائق والبحث عن مفقودين، سواء من العاملين في الميناء الذين استهدفهم العدوان في غاراته الأولى، أو من طواقم الإسعاف الذين تعمد الطيران الأمريكي قصفهم لحظة توافدهم لانتشال الشهداء وإسعاف الجرحى.
وأفادت مصادر محلية أن طيران العدو الأمريكي نفذ 14 غارة استهدفت ميناء رأس عيسى ما أسفر عن استشهاد وإصابة عشرات العمال والموظفين في الميناء.. مشيرة إلى أن العدوان تعمد قتل أكبر عدد ممكن من الأبرياء، حيث عاود الاستهداف مرة أخرى للمكان بنحو 4 غارات أثناء وصول طواقم الإسعاف والدفاع المدني لإنقاذ الضحايا، ما أدى إلى ارتفاع اعداد الشهداء والجرحى بينهم عدد من المسعفين.
وتوقعت مصادر طبية ارتفاع الحصيلة من الشهداء نظراً للحروق والإصابات البليغة بين الجرحى.

جريمة حرب لن تمرّ من دون رد
حكومة «التغيير والبناء» في صنعاء، أكدت أن الاستهداف الأميركي لميناء رأس عيسى النفطي «جريمة حرب جديدة لن تمرّ دون رد».
وقالت، في بيان، إنّ «هذا العدوان هو استمرار لمسلسل الإجرام الأميركي الهادف إلى دعم الكيان الصهيوني وتمكينه من مواصلة جرائمه بحق الشعب الفلسطيني».
وشددت على أن «استهداف ميناء رأس عيسى النفطي جريمة حرب مكتملة الأركان، كون الميناء منشأة مدنية وليست عسكرية».
في السياق وصف المكتب السياسي لأنصار الله قصف العدوان الأمريكي للعاملين والمسعفين في ميناء رأس عيسى النفطي بأنه «انتهاك صارخ للقوانين والأعراف الإنسانية الدولية».
وأكد سياسي أنصار الله في بيان له، أن العدوان الأمريكي على ميناء رأس عيسى النفطي «يفضح على نحو متزايد الخطاب الإنساني الزائف للغرب وما يسمى بالمجتمع الدولي»، مشيراً إلى أن «التوحش الأمريكي لا يوازيه سوى جرائم الإبادة الجماعية في غزة بشراكة أمريكية متناهية في القبح والوقاحة».
واعتبر أن استهداف ميناء رأس عيسى يهدف إلى «خنق الشعب اليمني ومنع وصول المواد الغذائية والطبية وغيرها إليه».
وشدد على أن «العدوان الأمريكي لن يثنينا قطعاً عن الاستمرار في إسناد غزة حتى وقف العدوان ورفع الحصار عنها»، مؤكداً في الوقت ذاته أن «العدوان الأمريكي على شعبنا لن يبقى دون رد».
واختتم سياسي أنصار الله بيانه بالتأكيد على الجاهزية «للانتقال إلى أبعد مستوى من التصعيد من إيلام العدو الأمريكي».

عجز عسكري
ويرى خبراء اقتصاد أن التصعيد الأمريكي يأتي ليضاعف من مأساة المدنيين في اليمن بعد عجزه عن تحقيق انتصار عسكري في محاولة يائسة للضغط على اليمن لإيقاف مساندة غزة.
وقال لـ»لا» الخبير الاقتصادي رشيد الحداد إن «استهداف ميناء رأس عيسى من قبل العدو الأمريكي يهدف لإشعال أزمة وقود في الأسواق، لأنه دفع بكل ثقله العسكري وشن نحو ٩٠٠ غارة خلال شهر، ولم يلحظ أي أثر لاستخدامه المفرط للقوة، يضاف لفشل سلسلة العقوبات الاقتصادية التي اتخذتها واشنطن ضد أشخاص وكيانات في تحقيق أي أثر على الوضع الاقتصادي والمعيشي في مناطق سيطرة صنعاء، فاتجه بتنسيق مع القوة المعادية للشعب اليمني إلى الاستهداف المباشر للمقدرات الاقتصادية والخدمية».
وأشار الحداد إلى أن ميناء «رأس عيسى النفطي تعرض لأكثر من استهداف قبل عدة أشهر، وكلما تخيل العدو أن هذا الميناء قد دمر يعود للعمل بعد يوم أو يومين».
وكان أول استهداف لمنشأة رأس عيسى في العام 2016م من قبل طيران العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي، وأدى ذلك الاستهداف لدمار كبير في منشآت تخزين النفط. وفي العام 2024م استهدف العدو الصهيوني الميناء بسلسلة غارات، في هجومين متفرقين الأول في كانون الأول/ يناير والثاني في تموز/ يوليو، ما أدى إلى سقوط ضحايا من عمال الميناء والمواطنين.
ويؤكد الحداد أن جميع الاستهدافات لميناء رأس عيسى، يسعى الأعداء من خلالها إلى «تحقيق أهدافهم الدنيئة الممثلة بإشعال أزمة وقود في مناطق سيطرة المجلس السياسي الأعلى».
وأوضح أن «إفشال هذا العدوان الهمجي يكمن في وقف أي تداعيات سلبية له.. فالعدو يبحث عن نتيجة لكل هذا الجنون وكل هذا الإفراط في استخدام القوة والذي آثار مخاوف أمريكية من استنزاف الذخائر التي أعدت لحرب مفترضة مع الصين. فكلفة العدوان الأمريكي المالية على اليمن تجاوزت المليار دولار في أسبوعين فقط، وقد تصل ملياري دولار خلال شهر دون جدوى ودون أثر».

قلب الموازين
بحسب خبراء عسكريين فقد أدى نجاح اليمن في الاستمرار في استهداف الأصول الأميركية في البحر الأحمر، إلى قلب الموازين الاستراتيجية والتكتيكية الأميركية القائمة منذ الحرب العالمية الثانية في وقت حسّاس جداً داخل الولايات المتحدة، التي تخوض صراع وجود مع الصين، وذلك بواسطة سلاح غير تقليدي، سهْل الاستخدام وقليل التكلفة، بالاعتماد على الطائرات من دون طيار والصواريخ الموجّهة التي أظهرت للعالم قوة غير مأهولة بإرادة تصارع من أجل قضية عادلة ومحقّة هي القضية الفلسطينية، ليكشف التكتيك اليمني المذكور عقم الإستراتيجية الأميركية المتفوّقة بالنيران ولكن العاجزة عن تحقيق الأهداف، رغم مرور سنة ونصف سنة على بدء العدوان على البلد.