
تقرير / لا ميديا -
بين أنين الأمهات ودموع الأطفال، يواصل قطاع غزة نزيفه البشري في واحدة من أبشع المآسي الإنسانية يشهدها العصر الحديث. خمس حالات وفاة جديدة سُجلت خلال 24 ساعة فقط بسبب التجويع وسوء التغذية، ليرتفع عدد شهداء التجويع إلى 127، بينهم 85 طفلاً، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية أمس السبت، في حين يواصل العدو الصهيوني قصف وتجويع أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين منذ ما يزيد عن تسعة أشهر.
هذا الرقم، يختزل مشاهد رضع يتضورون جوعاً، وأمهات يُرضعن أبناءهن الماء بدلاً من الحليب، وكبار سن يلفظون أنفاسهم الأخيرة بصمت تحت وطأة المجاعة والحصار.
مجزرة كبرى على الأبواب
في بيان عاجل، حذّر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة من مجزرة جماعية مرتقبة قد تودي بحياة 100,000 طفل في غضون أيام، إن لم يُدخَل حليب الأطفال والمكملات الغذائية فوراً.
«إننا أمام مقتلة متعمّدة تُرتكب ببطء ضد الأطفال الرضّع». هكذا قال البيان، مشيراً إلى أن نحو 40 ألف رضيع تقل أعمارهم عن عام واحد، يواجهون خطر الموت الجماعي في ظل الانقطاع التام للغذاء والدواء ومنع الاحتلال إدخال أي مستلزمات إنسانية.
وحشية لا مثيل لها
ليست المجاعة وحدها ما يقتل الغزيين، بل و«المساعدات الإنسانية» نفسها تُستخدم كـ«مصائد موت». فقد أعلنت وزارة الصحة استشهاد أكثر من 71 شخصاً أمس السبت، بينهم أكثر من 42 من منتظري «المساعدات»، خلال أقل من 12 ساعة , فيما بلغت حصيلة العدوان منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 59,733 شهيداً و144,477 مصاباً، بينهم 1,121 شهيداً من طالبي المساعدات و7,485 مصاباً.
شهادات ميدانية وموثقة، بينها شهادة الضابط الأميركي المتقاعد أنتوني أغيلار، كشفت عن مجازر مروعة ارتكبتها قوات الاحتلال في مناطق توزيع المساعدات. أغيلار، الذي استقال احتجاجاً على ما وصفه بـ«الوحشية المفرطة»، قال في مقابلة مع (BBC): «شاهدتُ جنوداً إسرائيليين يطلقون النار على حشود الجائعين، ويقصفونهم بمدفعية ثقيلة، رغم أنهم كانوا عزلاً يبحثون عن لقمة عيش».
وأضاف: «لم أرَ في حياتي هذا المستوى من الوحشية واستخدام القوة دون تمييز، ودون ضرورة، ضد مدنيين يتضورون جوعاً».
المشروع الأميركي - «الإسرائيلي» المسمى «مؤسسة غزة الإنسانية» قوبل برفض واسع من الأمم المتحدة، التي وصفته بأداة جديدة للقتل والتهجير. فقد وثّقت وزارة الصحة استشهاد أكثر من 1090 فلسطينياً أثناء محاولتهم الوصول لتلك «المساعدات».
الاحتلال يعترف بمصرع ٤ من جنوده
في المقابل تمكن مجاهدو القسام من استهداف ناقلتي جند بعبوتي العمل الفدائي، ما أدى إلى احتراق الناقلتين وطاقميهما، شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع.
وأكدت القسام رصد قيام حفار عسكري بدفن الناقلتين لإخماد النيران، وهبوط الطيران المروحي للإخلاء.
بدوره اضطر إعلام العدو للاعتراف، أمس، بمصرع 4 جنود، نتيجة «استهداف ناقلة جند بعبوة ناسفة في خان يونس جنوب القطاع»
حماس: الاحتلال أجهض مقترحات «معقولة»
القيادي في حركة حماس، غازي حمد، قال في مقابلة مع «التلفزيون العربي» إن الحركة قدمت رؤية موضوعية تتيح التوصل إلى اتفاق، مؤكداً أن حماس «لم تكن عقبة» أمام مساعي وقف الحرب. وأوضح أن الاحتلال حاول انتزاع مكاسب ميدانية عبر المفاوضات بعدما فشل في تحقيقها بالقوة. وأضاف: «كان أمامنا خياران: اتفاق سريع يعطي إسرائيل التحكم بكل شيء، أو اتفاق جيد».
وأشار إلى أن المفاوضات كانت قريبة من تحقيق اختراق؛ لكن الاحتلال لم يرد على مقترحات الوسطاء، مؤكداً أن «إسرائيل تريد محو غزة بالكامل»، وأن حماس تهدف إلى وقف الحرب وضمان انسحاب الاحتلال بعد هدنة أولية مدتها 60 يوماً.
غضب متواصل في مدن أوروبية
في مشهد تضامني عالمي آخذ بالاتساع، شهدت مدن أوروبية كبرى مظاهرات صاخبة تطالب بوقف العدوان الصهيوني وتجويع غزة. في اسكتلندا، خرجت حشود غاضبة ضد زيارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وهتفوا ضد الدعم الأميركي للكيان الصهيوني. وفي فنلندا، جابت مسيرة دراجات العاصمة هلسنكي، ملوّحة بالأعلام الفلسطينية.
وفي النمسا، عرقل ناشطون افتتاح مهرجان سالزبورج، مطلقين هتافات: «أيديكم ملطخة بالدماء»، في حين شهدت العاصمة الدانماركية كوبنهاغن، ، والعاصمة الألمانية برلين، وهلسنبوري السويدية، مظاهرات طالبت بإدخال المساعدات ووقف المجازر بحق المدنيين.
ووصل صدى الغضب حتى أمام مصانع السلاح البريطانية، حيث اعتُقل ناشط من ذوي الاحتياجات الخاصة خلال وقفة داعمة لغزة، في رسالة واضحة أن صوت المظلومين لا يُخرس، وإن أُغلقت المعابر وانقطعت الكهرباء واحتُجزت المساعدات.
المصدر لا ميديا