عادل بشر / لا ميديا -
في تطور لافت يعكس مدى العلاقة بين الكيان الصهيوني، وفصائل المرتزقة الموالين للسعودية والإمارات في اليمن، كشف تقرير حديث نشرته صحيفة (جيروزاليم بوست) Jerusalem Post العبرية، أن الصحفي والمحلل الأمني "الإسرائيلي" جوناتان سباير Jonathan Spyer أجرى زيارة ميدانية إلى مدينة عدن المحتلة، والتقى بقيادات عسكرية وأمنية في حكومة "المرتزقة" وما يسمى بـ"المجلس الانتقالي" الذي يتبنى "الانفصال" بدعم إماراتي.
ونشرت الصحيفة العبرية، أمس، تقريراً أعده "جوناتان سباير" بعد زيارة قام بها إلى عدن ومناطق أخرى واقعة تحت سيطرة المرتزقة في المحافظات الجنوبية، لمعرفة مدى استعداد تلك الفصائل للتعاون مع الكيان الصهيوني، ضد صنعاء والقوات المسلحة اليمنية، بعد أن عجز "جيش الاحتلال" والولايات المتحدة وتحالف غربي في ردعهم أو إيقاف عملياتهم المساندة للشعب الفلسطيني.
وأوضحت الصحيفة أن "سباير" التقى بقائد عسكري يدعى صالح علي حسن ويشغل منصب "رئيس هيئة العمليات المشتركة" لدى المرتزقة، في مكتبه بمدينة عدن.
وقال "سباير" في التقرير "نحن في مقر المجلس الانتقالي الجنوبي اليمني. جئتُ إلى هنا لأبحث في سؤال هو: هل هناك شركاء محتملون متاحون للغرب في اليمن للمساعدة في تنفيذ المهمة العاجلة المتمثلة في دحر جماعة أنصار الله من منطقة ساحل البحر الأحمر". مشيراً إلى أن المرتزق "صالح حسن" قال له "نحتاج فقط إلى ضوء أخضر، وسنصدّ الحوثيين وحبريش أيضًا" في إشارة إلى الشيخ عمرو بن حبريش، رئيس حلف قبائل حضرموت المدعوم من السعودية لعرقلة أطماع الإمارات في الجنوب اليمني.
وفيما لم يوضح العميل صالح حسن الجهة التي ينتظرون منها "ضوءاً أخضر" للتحرك ضد صنعاء وحلف قائل حضرموت، إلا أن الصحفي والمحلل الأمني الصهيوني، أكد أن من يصفهم بـ"الحوثيين" قوة يصعب على فصائل المرتزقة مواجهتها.
وتطرق التقرير العبري إلى العمليات اليمنية المساندة للشعب الفلسطيني، منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023م، سواء العمليات البحرية التي فرضت ولازالت حصاراً محكماً على الملاحة الصهيونية في البحر الأحمر، أو الهجمات بعيدة المدى التي تطال أهدافاً استراتيجية في عمق فلسطين المحتلة.
وأشار التقرير إلى أن قوات صنعاء كثفت من عملياتها ضد الكيان "الإسرائيلي" وشددت حصارها البحري ومهاجمة السفن المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة أو المرتبطة بـ"اسرائيل"، توازياً مع استمرار إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة على الكيان الغاصب، مؤكداً بأن "الهجمات الأمريكية والإسرائيلية، واسعة النطاق، جوا وبحراً" على مدار عام ونيف، لم تنجح في ردع القوات المسلحة اليمنية، حتى الآن.
ونقل الصحفي "الإسرائيلي" عن المرتزق محسن الداعري، الذي يشغل منصب ما يسمى بوزير الدفاع في حكومة المرتزقة، استياءه من استسلام الولايات المتحدة وإعلان واشنطن وقف إطلاق النار مع صنعاء، مطلع أيار/ مايو الماضي.
وأوضح (سباير) أنه التقى بالداعري في مكتبه بعدن، حيث أخبره الأخير أنه و"حكومته" شعروا بالصدمة إزاء القرار الأمريكي بالتوصل إلى وقف النار مع صنعاء.. مبدياً أسفه لعدم تنفيذ عملية برية ضد "الحوثيين" بدعم أمريكي صهيوني.
ومن ناحية أخرى قال الداعري إنهم شعروا بالارتياح لعدم التورط في حرب برية جديدة مع القوات المسلحة اليمنية، مبرراً ذلك بالقول "إن الولايات المتحدة كانت ستتخلى عنا".. مشيراً إلى أنه "عندما قرر الأمريكيون بدء تلك العمليات ضد الحوثيين، لم ينسقوا معنا ولم يُخطرونا، وعندما قرروا التوقف، لم ينسقوا معنا ولم يُخطرونا أيضًا".
وأضاف الداعري "لقد وضعنا خطة استراتيجية بالتعاون مع زعيم المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، وكان من المفترض أن تشمل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والإمارات والسعودية... جهدًا منسقًا لإسقاط الحوثيين".

تعقيدات كبيرة
وإضافة إلى ما كشفه المرتزق الداعري من ارتهانهم لقوى خارجية تحركهم حيث تستدعي مصالحها، أفاد التقرير العبري أن المخطط الذي تسعى "تل أبيب" لتطبيقه ضد صنعاء ويتمثل في دفع فصائل المرتزقة للسيطرة على محافظة الحديدة الساحلية، بهدف تأمين الملاحة الصهيونية في البحرين الأحمر والعربي وباب المندب، يواجه تعقيدات كبيرة، من بينها "الانقسام الشديد بين المعسكر المناهض لصنعاء"، إضافة إلى قلة وضعف عدد المقاتلين في فصائل المرتزقة، مقارنة بقوات صنعاء التي نجحت في التصدي للعدوان السعودي الإماراتي الأمريكي على اليمن لأكثر من 8 سنوات.
وتحظى القوات المسلحة اليمنية وسلطات صنعاء بدعم والتفاف شعبي يمني كبير، وتأييد لجميع القرارات والخيارات التي تتخذها القيادة السياسية والثورية في الدفاع عن اليمن وكذلك الانتصار لمظلومية الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

دعم الانفصال
في السياق كشف الصحفي والعميل الأمني الصهيوني، أنه اجتمع مع مسؤولي ما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" في عدن، وتم الحديث على رؤية المجلس الموالي للإمارات في تفتيت الجمهورية اليمنية وانفصال "الجنوب".
ولم يكتفِ المرتزقة بفتح مكاتبهم للصحفي "الإسرائيلي" بل أخذوه في جولة ميدانية إلى عدد من الجبهات بمحافظتي الضالع وشبوة.
وقال (سباير) إنه التقى بعدد من "مقاتلي الانتقالي" في جبهتي الضالع وشبوة، للاطلاع على أوضاعهم ومعرفة مطالبهم، حيث رافقه في تلك الزيارة المرتزق العميد عبدالله مهدي "رئيس العمليات المشتركة ورئيس فرع الانتقالي في الضالع".
ونقل عن المرتزق مهدي الذي كان يقف على جبل في جبهة الفاخر بالضالع، قوله "نحن والولايات المتحدة في مواجهة واحدة ضد إيران والحوثيين"، وأضاف بصريح العبارة "إذا أردتم ضمان الأمن البحري في باب المندب والبحر الأحمر، فعليكم دعمنا".
وكشف الصحفي الصهيوني في ذات التقرير إلى تلقيه قائمة مطالب واحتياجات عسكرية وقتالية من عدن، بينها "طائرات بدون طيار ومعدات رؤية ليلية، ورشاشات خفيفة وثقيلة، ومدفعية متوسطة المدى".

ما وراء الصورة
زيارة جوناتان سباير -المعروف بخلفيته الأمنية وصلاته بمراكز بحث "إسرائيلية" ذات صلة بالمؤسسة العسكرية الصهيونية- إلى مدينة عدن ليست حدثًا إعلاميًا عابرًا، بل تأتي خدمة لأجندة استخباراتية "إسرائيلية" وتكشف فيما وراء الصورة عن شبكة أوسع من الرصد "الإسرائيلي" لليمن، لاسيما بعد أن أعلن الكيان بأن اليمن ليس جبهة ثانوية وإنما جبهة رئيسية أكثر سخونة كما هي جبهة غزة.
كما أن هذه الزيارة في مضمونها تكشف أيضاً، مستوى التواصل الذي بلغ بين فصائل المرتزقة، بما في ذلك ما تسمى بوزارة الدفاع في حكومة الفنادق، وبين الكيان الصهيوني.
وأفادت "لا" مصادر محلية في عدن أن (سباير) أجرى، إلى جانب لقاءاته، تقييمًا أمنيًا لموانئ عدن وقاعدة العند العسكرية، بتنسيق مع الإمارات.
ولا يُعد (سباير) مجرد صحفي تقليدي؛ فقد خدم في "الجيش الإسرائيلي" وعمل مع مراكز أبحاث تابعة لـ"الموساد"، وسبق أن زار مناطق نزاع مثل سوريا والعراق ولبنان، ويستخدم أدوات الصحافة كمداخل لجمع المعلومات الأمنية والاستخباراتية.