لقاءات نظام الجولاني مع «الإسرائيليين» تخرج إلى العلن
- تم النشر بواسطة خاص / لا ميديا

دمشق / خاص / لا ميديا -
أخيراً، خرجت لقاءات نظام الجولاني مع العدو «الإسرائيلي» إلى العلن، بعد سلسة من اللقاءات السرية، وشبه العلنية، في الإمارات وتركيا وأذربيجان، وحتى في دمشق، وداخل الكيان الصهيوني.
فقد شهدت العاصمة الفرنسية باريس لقاء، استمر أربع ساعات، جمع وزير خارجية نظام الجولاني أسعد الشيباني، ووزير الشؤون الاستراتيجية «الإسرائيلي» رون ديرمر، بحضور المبعوث الأمريكي إلى سورية توماس باراك.
جاء اللقاء في توقيت بالغ الحساسية، بعد الأحداث الدامية التي شهدتها محافظة السويداء، جنوب سورية، ذات الأغلبية من الموحدين الدروز والمسيحيين، التي حاولت فيها سلطات الجولاني إخضاع المحافظة بالقوة، وبمساندة مجموعات مسلحة من العشائر البدوية، بسبب وجود حركة قوية فيها ترفض الخضوع لسلطة الجولاني، بسبب عدم الثقة بها وبوحدات الجيش والأمن ذات اللون الطائفي الواحد، وبدون ضمانات أمنية ومجتمعية. ورافق هذه الأحداث سلسلة من الضربات «الإسرائيلية» طالت مواقع أمنية وعسكرية داخل دمشق ومحيطها، منها مقر وزارة الدفاع السورية ومحيط القصر الجمهوري.
ورغم أن نظام الجولاني لم يعترف حتى الآن باللقاء؛ لكن المبعوث الأمريكي توماس باراك أكده، وقال، في منشور على منصّة «إكس»: «لقد التقيتُ مساء اليوم السوريين والإسرائيليين في باريس. كان هدفنا الحوار وتهدئة الأوضاع، وهذا بالضبط ما حقّقناه».
أما بيان وزارة الخراجية السورية فلم يتطرق نهائياً إلى لقاء الشيباني مع الوزير «الإسرائيلي»، واكتفى بالقول إن «الشيباني التقى نظيره الفرنسي جان نويل بارو، والمبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك».
وقال البيان إنه:
- «تم التوصل إلى اتفاق سوري - أمريكي - فرنسي يؤكد على الانخراط السريع في جهود إنجاح مسار الانتقال في سورية، يشمل عقد جولة مشاورات بين الحكومة السورية وقوات سورية الديمقراطية، في باريس، بأقرب وقت، لاستكمال تنفيذ اتفاق آذار.
- دعم الجهود الرامية إلى محاسبة مرتكبي أعمال العنف، والترحيب بمخرجات التقارير الشفافة، بما فيها تقرير لجنة أحداث الساحل.
- التأكيد على أن دول الجوار لا تشكل أي تهديد لاستقرار سورية.
- التزام سورية بعدم تشكيل أي تهديد لأمن جيرانها».
ومع عدم إعطاء المصدر السوري المعلومات الدقيقة حول لقاء باريس، إلا أن وسائل الإعلام العالمية تحدثت عن تفاهمات بشأن السويداء، والجنوب السوري المحاذي لفلسطين المحتلة. وتحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره العاصمة البريطانية لندن، والذي كان من أكثر مصادر الأخبار الموثوقة، منذ بدء الأزمة السورية عام 2011، عن سلسة من البنود التي تم التفاهم عليها في الاجتماع السوري - «الإسرائيلي»، وتضمّنت:
- تتم إحالة الملف الأمني في السويداء إلى الولايات المتحدة، التي تتولّى بدورها متابعة التنفيذ، بما يشمل انسحاب قوات العشائر وأمن الدولة إلى ما بعد القرى الدرزية، على أن تتولى فصائل محلية التمشيط والتأكد من خلو المناطق من «القوات السورية».
- تُشكّل مجالس محلية من أبناء السويداء لتقديم الخدمات، وتتأسس لجنة لتوثيق الانتهاكات ترفع تقاريرها إلى الجانب الأمريكي.
- يُمنع دخول أي مؤسسات حكومية سورية، وتُكتفى بحضور منظمات الأمم المتحدة.
- يُفرض نزع السلاح في مناطق درعا والقنيطرة، مع تشكيل لجانٍ أمنيةٍ محليةٍ بلا سلاح.
وبعد تسريب هذه الوثائق، يسود اعتقاد لدى معظم شرائح المجتمع السوري، ومنها مؤيدون للسلطة، بأن ما جرى فيه انتقاص للسيادة السورية، لصالح «الإسرائيلي» والأمريكي، ويكرّس حالةً من الانفصال الإداري والسياسي، قد تنتقل إلى مناطق أخرى، وترسم نظاماً إدارياً تتحكم به واشنطن فعلياً، وتميز بوضوحٍ بين السلطة المدنية المنزوعة السلاح والسيطرة الأمنية التي خرجت من يد الدولة، وأن «إسرائيل» قبلت بنفوذٍ أمريكي عوضاً عن الجيش السوري في السويداء والجنوب السوري، وسط تأكيدات من رئيس حكومة العدو «الإسرائيلي»، بنيامين نتنياهو، وعدد من المسؤولين السياسيين والعسكريين «الإسرائيليين»، بمنع وجود أي وحدات عسكرية سورية، ابتداء من جنوب دمشق وفي محافظات جنوب سورية (السويداء ودرعا والقنيطرة)، وأن القوات «الإسرائيلية» التي تمددت خارج المناطق المحتلة في الجولان، منذ العام 1967، باقية ولن تنسحب من هذه الأماكن.
وفي مؤشر إلى صحة هذه الأخبار، انسحبت الفصائل العشائرية من ريف السويداء، مع تأكيد مصادر ميدانية في المدينة بأنّ «دخول القوات الحكومية إلى السويداء مرفوض بشكل قاطع، بعد الدمار والمجازر التي وقعت».
كما أعلن عدد من المنظمات الشعبية والنقابات المهنية مقاطعتها الكاملة للنقابات المركزية في دمشق، وبدأت موجة استقالات جماعية، في مؤشر واضح إلى فقدان الثقة مع السلطات الانتقالية في دمشق، وشملت الاستقالات نقابات المعلمين والأطباء والمهندسين والأطباء البيطريين والمهندسين الزراعيين.
ما حدث في السويداء، وخاصة بعد خروج سلطة الجولاني مهزومة من معركة السيطرة على المدينة، والتي تمت ترجمتها في مقررات باريس، هو مجرد بداية، وسينعكس لاحقاً على موقفها في شمال شرق سورية، الذي تتمركز فيه قوات سورية الديمقراطية (قسد) وتطالب بحكم ذاتي، وفي مناطق الساحل السوري، التي شهدت، في آذار/ مارس الماضي، مجازر وحشية أقسى مما شهدته السويداء.
وقد كان لافتاً ما كتبه صالح الحموي، الزميل السابق للجولاني أيام إدلب والقيادي السابق في «هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة - القاعدة)، قبل أن ينشق عنها ويكتب سلسلة مقالات لافتة تحت عنوان «أس الصراع»، والذي قال» «الذي حصل في باريس تم توقيع الشيباني على منح الأطراف (الدروز والأكراد والعلوية) أقاليم فدرالية مغلفة باللامركزية، مضمنة في الدستور، مقابل بقاء الشرع في السلطة».
وأضاف الحموي: «سيسجل التاريخ أنّ بشار أعطى ظهره لإيهود أولمرت، ولم يقابل مسؤولاً إسرائيلياً واحداً، لا هو ولا أبوه، بينما الشيباني قابل وجهاً لوجه وزير الشؤون الاستراتيجية الصهيوني ديرمر في باريس».
وخاطب الحموي الجولاني قائلاً: «رجوناكم ألّا تلوثوا ثورتنا وتشوهوها، فمنتج الثورة حالياً هو سلطة دمشق، ولن نستطيع بعد اليوم إقناع الشعب العربي والمسلم بأن الثورة لم تكن سوى تمهيد الطريق لأجل تنفيذ مشروع إسرائيل في سورية».
وختم الحموي مقالته مخاطباً الجولاني: «يا أخي خذوا الـ900 مليون دولار التي أخذها حازم وماهر الشرع (شقيقا الجولاني وفق تحقيق لوكالة «رويتر») من أموال تسويات رجال النظام (بشار) وحولوها لحسابات في الأرجنتين وروسيا، واذهبوا عنّا».
المصدر خاص / لا ميديا