تقرير / لا ميديا -
في اليوم الـ662 من عدوان الإبادة التي يشنها العدو الصهيوني على قطاع غزة، لم تعد المأساة مجرّد أرقام، بل فصول متراكمة من الإجرام المتعمَّد، تُنذر بانهيار ما تبقى من إنسانية في العالم أمام آلة عسكرية صهيونية حاقدة.
وفي أحدث الإحصائيات أعلنت وزارة الصحة في غزة أن حصيلة الشهداء تجاوزت 60,034، بينهم أكثر من 18,592 طفلًا و9,782 سيدة، فيما بلغ عدد المصابين 145,870، أما عدد المفقودين فيزيد عن 12 ألفا.
هذا الرقم وحده كفيل بأن يُحاكم العالم نفسه، لكنه بدلاً من ذلك يكتفي بالمشاهدة وإجراء الحسابات، بينما تُزهق أرواح المدنيين، ويُدفن الأطفال تحت الأنقاض، وتُترك العائلات تنهشها المجاعة.
أمس وخلال 12 ساعة فقط، استُشهد 81 فلسطينيًا، من بينهم 32 شخصا أثناء انتظارهم مساعدات «إنسانية»، لم تصل، أو ربما لم يكن يُراد لها أن تصل. القناصة الصهاينة لم يتركوا مجالاً للتأويل: الرصاص أُطلق على الجوعى بلا رحمة، والرسالة كانت واضحة، لا طعام، لا أمل، ولا نجاة.

برنامج الأغذية العالمي: لا تغيير على الأرض
فيما يزعم العدو الصهيوني أن هناك هدنة مؤقتة في غزة للسماح بدخول المساعدات، أكد برنامج الأغذية العالمي أنه «لا تغيير على الأرض في غزة»، ولا توجد «مسارات بديلة للمساعدات». استمرار القيود والحصار أدى إلى تفاقم كارثي في الوضع الإنساني، حيث لم تحدث المساعدات التي سُمح بدخولها أي فرق فعلي، بسبب شُحها وغياب التوزيع الآمن. الجوع الآن هو سلاح العدو الصهيوني الجديد، المجازر باتت تسير على قدمين: الرصاص والجوع.
وبشكل قاطع أكد برنامج الأغذية العالمي: الإنزال الجوي لا يمكن أن يحل محل المسار البري فنحن بحاجة لإدخال 500 شاحنة يوميا لغزة.

تصعيد المقاومة في وجه تصعيد الاحتلال
في سياق الصلف الصهيوني ذاته، دعا الوزير في حكومة الاحتلال بتسلئيل سموتريتش إلى إعادة احتلال غزة واستئناف المشروع الاستيطاني فيها. الدعوة ليست فقط لقتل مزيد من الفلسطينيين، بل لاقتلاعهم من جذورهم، في مشروع إبادة واضح ومكتمل الأركان.
هذا الخطاب الإجرامي يترافق مع إجراءات موازية في الضفة الغربية المحتلة، حيث تُمرّر مشاريع ضم واستيطان، بينما تحاول حكومة المجرم نتنياهو تكريس «سيادتها» بالقوة والجريمة السياسية.
من جانبها أكدت حماس أن تصريحات سموتريتش، تمثّل تهديدًا صريحًا بمواصلة جرائم الإبادة والتهجير القسري بحق الفلسطينيين، وتكشف بوضوح الطبيعة الاستعمارية الوقحة لحكومة الاحتلال، واستهتارها التام بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
وأكدت أن هذا التصعيد الخطير سيُواجَه بكافة أشكال المقاومة المشروعة «دفاعًا عن أرضنا وحقوقنا الوطنية ومقدساتنا الإسلامية والمسيحية».
وفي سياق متصل دعت حركة حماس إلى تصعيد الحراك الجماهيري على الصعيد العالمي في الأيام القادمة، احتجاجا على العدوان والإبادة والتجويع الصهيوني المستمر في قطاع غزة.
كما طالبت بأن يكون الأحد المقبل يوما عالميا لنصرة غزة والقدس والمسجد الأقصى، بالإضافة إلى دعم الأسرى في سجون الاحتلال الفلسطيني.

أوروبا تفتح عيونها أخيرًا
بينما يمضي العدو الصهيوني في مشروع إبادة معلن، تُنفذ فيه المجازر بلا توقف، والجوع يُستخدم كسلاح، بدأ العالم يفتح عينيه ببطء ويسجل بعض المواقف الرمزية ضد الكيان الصهيوني.
وفي خطوة غير مألوفة، أعلنت هولندا حظر دخول الوزيرين الصهيونيين سموتريتش وبن غفير بسبب «تحريضهما العلني على العنف والدعوة إلى التطهير العرقي». سبق ذلك عقوبات مماثلة من أستراليا وكندا والنرويج والمملكة المتحدة، في بداية توحي بتحرك دولي خجول نحو عزل بعض أصوات الإجرام الأكثر ضجة في «إسرائيل».
ورد سموتريتش على الخبر في منشور على منصة «إكس»، وقال: «في هولندا وفي أوروبا عمومًا، لم يكن اليهود يعيشون بأمان في بداية القرن الماضي. وبالنظر إلى النفاق الأوروبي، واستسلام قادته لأكاذيب الإسلام المتطرف الذي يهيمن، وتصاعد معاداة السامية، فإن اليهود لن يتمكنوا من العيش هناك بأمان في المستقبل أيضًا».
واتهم بن غفير أوروبا بأنها «موالية للإرهاب»، متجاهلًا أن سياساته هي التي تضع كيانه خارج كل السياقات الأخلاقية.

عمليات نوعية للمقاومة
رغم حرب الإبادة، تستمر فصائل المقاومة الفلسطينية في تنفيذ عمليات نوعية تؤكد فشل المشروع الصهيوني في كسر إرادة غزة. سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي فجّرت آلية عسكرية شرق حي التفاح، واستولت على طائرة مسيّرة صهيونية. كتائب الأنصار وقوات عمر القسام نفذوا هجمات مؤثرة في خان يونس والشجاعية، مؤكدين أن الردّ مستمر مادام الاحتلال قائمًا.
وفي المقابل، يشهد الداخل الصهيوني تفككًا سياسيًا ومعنويًا. فقد صرّح رئيس الوزراء الأسبق يائير لابيد بأن «الحرب خرجت عن السيطرة»، وأن «العملية كارثة مطلقة وفشل استراتيجي». وأضاف أن حماس تعود للسيطرة بعد كل توغل، وأن استمرار الحرب يعني المزيد من «القتلى الإسرائيليين»، والمزيد من الأسرى الذين لن يعودوا.

عائلات الأسرى: لا أسرى ولا مستقبل لـ«إسرائيل»
الغضب كذلك يتصاعد لدى مجتمع الاحتلال وخاصة عائلات الأسرى التي اتهمت الحكومة بالتخلي عنهم، وقالت إن «الخراب الأخلاقي الذي يحدث في غزة سندفع ثمنه لأجيال قادمة».
وأضافوا: الحكومة فوتت فرصًا حقيقية لإطلاق سراح أبنائنا، وتصر على تجاهل معاناتنا.