تقـريـر / لا ميديا -
في غزة تُسفك الدماء أنهاراً، ويُذبح الجوعى على أبواب "المساعدات"، وتُسحق البيوت والخيام على ساكنيها بكل حقد صهيوني.
هناك، الأطفال يموتون بلا حليب، والأمهات يدفنّ أبناءهن بأيدٍ مرتجفة، والشعب الفلسطيني يواجه وحشية لم يعرف لها التاريخ مثيلاً، بينما تكتفي الإنسانية المنافقة بالنظر من بعيد وكتابة بيانات "القلق" الميتة.
ويواصل العدو الصهيوني حربه المفتوحة على مدينة غزة، في مشهد دموي تتجلى فيه أبشع صور الإبادة الجماعية والتطهير العرقي. أكثر من 71 شهيداً ارتقوا خلال 12 ساعة، بينهم 21 من منتظري "المساعدات الإنسانية" اغتالتهم نيران الاحتلال عن سبق إصرار، ليؤكد للعالم مجدداً أن سياساته لا تعرف سوى القتل والتجويع والحصار.
من جانبها أعلنت السلطات الصحية في غزة، أمس، انتشال 4 شهداء و18 جريحاً إثر استهداف مبنى سكني في حي الرمال، فيما ارتكبت طائرات الاحتلال مجزرة أخرى في حي النصر باستهداف مخبز مكتظ بالمواطنين، ما أودى بحياة 12 مدنياً على الأقل بينهم نساء وأطفال. منذ عامين ولا أحد في غزة بمأمن، فالمستشفيات محاصرة، والطرقات مقطعة، والمنازل تُقصف فوق ساكنيها بلا تمييز.
ووفق تحديث وزارة الصحة في غزة، فمنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وحتى أمس، بلغت حصيلة المجزرة الصهيونية المفتوحة 63,371 شهيداً و159,835 جريحاً، بينهم أكثر من 16 ألف طفل. هذا ليس عدواناً عادياً، بل حرب إبادة شاملة موثقة بالأرقام والشهادات.

التجويع.. موت بطيء يأكل غزة
العدو الصهيوني لا يكتفي بالقصف، بل جعل التجويع أداة حرب رئيسية. عشرات الشهداء يرتقون يومياً بسبب التجويع وسوء التغذية وانعدام الدواء. وخلال الساعات الماضية فقط، استشهد 10 أشخاص بينهم 3 أطفال جوعاً، لترتفع حصيلة ضحايا التجويع إلى 332 شهيداً، بينهم 124 طفلاً.
في سياق الجرائم الصهيونية ذاتها كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن استخدام الاحتلال أسلحة جديدة في حربه القذرة: الروبوتات المفخخة التي تجوب الأحياء وتنفجر وسط مربعات سكنية كاملة.
وأكد المرصد أن "إسرائيل"، "وخلال خطتها المعلنة لتفريغ مدينة غزة من الفلسطينيين، تستخدم 3 وسائل: الأولى: القصف الجوي العشوائي، والثانية: زراعة المنازل بالمتفجرات ونسفها، والثالثة: توظيف الروبوتات المتفجرة".
وبيّن المرصد الحقوقي أن الروبوتات المفخخة باتت "تجوب الأحياء والأزقة بمدينة غزة وتفجر نفسها بمربعات سكنية كاملة"، لافتاً إلى أن "استخدام الروبوتات المفخخة أمر محظور بموجب القانون الدولي، كونها تعد من الأسلحة ذات الطابع العشوائي والتي لا يمكن حصر آثارها بالأهداف العسكرية".

الصليب الأحمر: إخلاء غزة مستحيل
في أصداء بدء العدو الصهيوني فصلاً مروعاً من المجازر على قطاع غزة، أكدت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ميريانا سبولياريتش، أن إخلاء مدينة غزة غير قابل للتنفيذ، وأن المدنيين لا يملكون القدرة على الهروب وسط الجوع والمرض والدمار. وشددت على أن كل دقيقة تمر بلا وقف لإطلاق النار تعني مزيداً من القتل.
وأضافت أن الهجوم الصهيوني على غزة سيؤدي إلى نزوح جماعي لا يمكن لأي منطقة في قطاع غزة تحمّله، نظراً للدمار الواسع في البنية التحتية المدنية والنقص الحاد في الأغذية والمياه والمأوى والرعاية الطبية.

مصرع وإصابة 7 جنود صهاينة
رغم المجازر، تتلقى قوات الاحتلال ضربات موجعة من المقاومة. وأعلنت كتائب القسام - الجناح العسكري لحركة حماس تدمير ناقلة جند بعبوة أرضية شديدة الانفجار في حي الزيتون جنوب غزة، وأكدت وقوع إصابات مباشرة في صفوف الجنود.
قوات العدو الصهيوني اضطرت للاعتراف بمقتل ضابط وإصابة 7 جنود في الانفجار، بينما وصفت وسائل إعلام العدو ما حدث في حي الزيتون بأنه "حدث أمني صعب"، وسط أنباء عن اختفاء 4 جنود وقتل آخرين.
يذكر أن هذه العملية جاءت عقب ساعات من تصريحات توعدت فيها المقاومة بتدفيع العدو الصهيوني ثمناً باهضاً، رداً على خططه الجديدة بارتكاب مزيد من الجرائم في غزة.

مأزق داخلي صهيوني متصاعد
داخل كيان العدو، لم يعد المجرم نتنياهو قادراً على خداع مجتمع الغاصبين الصهاينة أكثر. عائلات الأسرى خرجت مجدداً في احتجاجات غاضبة، متهمة حكومتها بالتلاعب بمصير أبنائهم وإرسالهم إلى الموت.
وقالت قريبة أحد الأسرى: "لن نستعيد عافيتنا من دون عودة المختطفين. كيف لنا نحن الشبيبة أن نتخيل مستقبل البلاد؟!"، مضيفة: "ليس لدينا أي شعور بالأمن أو بأن هناك قيادة تحمينا".
كما قالت والدة أحد الأسرى والمتحدثة باسم عائلات الأسرى إن "حكومة إسرائيل ورئيسها وضعوا مقترحاً جزئياً إلا أنهم أحبطوه في اللحظة الأخيرة. إعادة المختطفين في عمليات تخليص بأكياس سوداء ليست هي الطريق".
وأضافت: "نتنياهو يخدع شعبه في هذه الحرب، وقد سئموا معنا. إذا اختار نتنياهو احتلال غزة بدلاً من الصفقة، فسيكون ذلك إعداماً للمختطفين والجنود". وخاطبت رئيس حكومة الاحتلال قائلة: "في حال عاد ابني في كيس، فلن أدفع أنا وهو الثمن فقط، بل سأحرص على أن تُتهم بالقتل العمد".

الجهاد الإسلامي تدعو للتجاوب مع حملة "مراسلون بلا حدود"
بدورها دعت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية والعالمية إلى التجاوب مع دعوة منظمة "مراسلون بلا حدود" ومنصة "آفاز"، لإطلاق حملة تعتيم الصفحات والشاشات في الأول من أيلول/ سبتمبر المقبل، احتجاجاً على استهداف الصحفيين في قطاع غزة، وللتأكيد على حق الرأي العام العالمي في الوصول إلى الحقيقة.
وأشادت الحركة، في بيان، أمس السبت، بجهود القائمين على هذه المبادرة، معتبرة إياها خطوة مهمة لتسليط الضوء على الفظائع والانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون وفرق الإعلام في القطاع، في ظل العدوان "الإسرائيلي" المستمر منذ نحو عامين.
وأكدت الحركة أن استهداف الطواقم الإعلامية جزء من سياسة الاحتلال لإخفاء جرائمه وطمس الحقيقة، داعية وسائل الإعلام إلى الاستمرار في تغطية جرائم الحرب والإبادة الممنهجة التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني، والعمل على توثيق جرائم قادة الاحتلال وكشف أكاذيبه للرأي العام الدولي.