عادل بشر / لا ميديا -
لا تزال تداعيات العمليات العسكرية اليمنية، الأخيرة، ضد العدو الصهيوني، تُلقي بظلال ثقيلة على الأوساط السياسية والعسكرية في «تل أبيب»، لا سيما بعد نجاح صنعاء في ضرب مطار «رامون» جنوب فلسطين المحتلة، بشكل مباشر مرتين خلال يومين متتاليين، في اختراق وُصف بـ«الخطير» لمنظومات الإنذار والرادارات «الإسرائيلية»، الأمر الذي أطلق عاصفة من التحليلات في الصحف العبرية ومراكز الأبحاث العسكرية الصهيونية.

اختراق مزدوج
بحسب اعترافات رسمية وتحقيقات أولية تناولتها الصحف العبرية، أمس، فإن الطائرة المُسيّرة التي أصابت مطار رامون في منطقة أم الرشراش كانت من صناعة يمنية محلية، ما ينسف المزاعم السابقة عن اعتماد صنعاء الكامل على الدعم الإيراني.
العميد (احتياط) زفيكا هايموفيتش، القائد السابق لمنظومة الدفاع الجوي لدى الاحتلال، أكد أن ما جرى «يمثل دليلاً إضافياً على قدرة اليمنيين على دراسة خصمهم وصقل مهاراتهم، وتطوير تكتيكاتهم الهجومية بما يتيح لهم ضرب أهداف إسرائيلية رغم امتلاك تل أبيب لأقوى منظومات الدفاع في المنطقة»، مشيراً في تحليل نشرته صحيفة «إسرائيل هيوم» العبرية، إلى أن القوات المسلحة اليمنية صعّدت من عملياتها العسكرية ضد كيان الاحتلال، منذ جريمة اغتيال رئيس حكومة صنعاء وعدد من وزرائه بغارات صهيونية على العاصمة صنعاء.
وأفاد بأن «حجم العمليات إلى العمق الإسرائيلي، يشير إلى تغير في الاتجاه وتفاقم التهديد من اليمن»، لافتاً إلى أن صنعاء اكتسبت خبرة عملياتية واسعة خلال الحرب مع تحالف العدوان السعودي الإماراتي منذ مطلع العام 2015م، ورغم الحرب والحصار الممتدين لأكثر من ثمان سنوات، فقد نجحت صنعاء في إنتاج الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة على الأراضي اليمنية.
وأضاف هايموفيتش: «الطائرة التي ضربت رامون من طراز صماد 3، قادرة على الطيران لمسافة 2000 كيلومتر وحمل 30 كغ من المتفجرات مع قدرات ملاحة وتوجيه، وقد رأينا النتيجة جلية، كيف نجحت الطائرة في اختراق المنظومة وضرب المطار، وهذا يثبت أن الحوثيين يتعلمون ويغيرون أساليبهم واختيارهم للمسارات، وساعات عملهم، وأهداف ونطاق عملياتهم، وتحديهم لمنظومة جيش الدفاع الإسرائيلي».
وبحسب القائد السابق لمنظومة الدفاع الجوي لدى الاحتلال، فإن «التهديد القادم من اليمن ليس تكتيكياً فقط بل مشكلة وتحدٍ استراتيجي لإسرائيل» وأن من وصفهم بـ«الحوثيين» هم اليوم «أبعد ما يكونون عن الصورة النمطية للتنظيمات الهامشية».

اتساع نطاق التهديد
من جهتها، صحيفة «معاريف» العبرية ربطت التصعيد اليمني بمسار الحرب على غزة، مشيرة إلى أنه «كلما تفاقم القتال في غزة ازدادت الرغبة في إطلاق الصواريخ والطائرات من اليمن».
أما صحيفة «ذا ماركر» العبرية فلفتت إلى أن نجاح صنعاء في ضرب مطار رامون يثبت أن «إسرائيل لا تزال تتعامل مع ثغرات في نظامها الدفاعي»، رغم كثافة الهجمات على اليمن وعمليات الاغتيال التي استهدفت قيادات مدنية في حكومة صنعاء.
واعتبرت الصحيفة في تقرير لها، أمس، أن الهجمات اليمنية الأخيرة «تذكير بأن إسرائيل لا تمتلك قدرة دفاعية محكمة، حتى ضد عدو لا يوازيها في التطور والتسليح».
وقالت: «في الآونة الأخيرة، اختار الحوثيون مسارات طيران صعبة، هذا يُعد تحديا يتطلب بعض التعديلات في سلاح الجو لتحييده».

تطوير قدرات ذاتية
الباحثة «نوا لازمي» من معهد «مسغاف» للأمن القومي الصهيوني، كشفت في حديثها للقناة 7 العبرية، أن التحقيقات الأولية التي أجراها «جيش» الاحتلال، أظهرت أن المُسيّرة اليمنية التي ضربت مطار رامون، الأحد الماضي، «مُصنّعة ذاتياً»، مشيرة إلى أن صنعاء «تعمل على تطوير إنتاجها المحلي من الأسلحة، ومن الصعب في هذه المرحلة تقدير كمية الأسلحة التي لا تزال بحوزتها».
وأضافت: «الحوثيون يحاولون دراسة أنظمتنا الدفاعية، واختراقها، وتجربة نماذج جديدة من تطويراتهم الخاصة، لاسيما الطائرات بدون طيار، وهذا يفرض علينا التواضع في تقديرهم، فهم ليسوا خصماً يمكن الاستخفاف به».

تداعيات استراتيجية
تُجمع التحليلات «الإسرائيلية» على أن الضربة المزدوجة لمطار رامون، لم تُظهر فقط قدرة صنعاء على إيصال طائراتها إلى العمق «الإسرائيلي»، بل كشفت عجز المنظومة الدفاعية للعدو عن توفير حماية مطلقة حتى في الأجواء التي تعتبرها الأكثر تحصيناً. ومع كل شهادة «إسرائيلية» جديدة، يتضح أن اليمن لم يعد رقما هامشيا في معادلة الصراع، بل أصبح طرفا قادرا على فرض معادلات استراتيجية جديدة، تهدد صورة «الجيش الذي لا يُقهر»، وطالما استمر الاحتلال في عدوانه وحصاره لقطاع غزة، فلن تتوقف الصواريخ والطائرات المسيرة اليمنية في الطواف بسماء فلسطين المحتلة، وضرب منشآته، إلى جانب تشديد الحظر على ملاحته في البحر الأحمر.