صحيفـة عبرية تؤكد ما كشفته «لا» .. «الموساد» يجتمع بقيادات المرتزقة في عدن ويزور جبهات القتال
- تم النشر بواسطة عادل عبده بشر / لا ميديا

عادل بشر / لا ميديا -
في تطور جديد يعكس مدى العلاقة بين الكيان الصهيوني، وفصائل المرتزقة الموالين للسعودية والإمارات في اليمن، أكدت صحيفة (جيروزاليم بوست) Jerusalem Post العبرية، في تقرير حديث لها، ما كانت قد كشفته صحيفة (لا) في عددها الصادر بتاريخ 27 تموز/يوليو الماضي، من زيارة فريق إعلامي استخباري برئاسة الصحفي والمحلل الأمني "الإسرائيلي" جوناتان سباير Jonathan Spyer إلى مدينة عدن المحتلة، والالتقاء بقيادات عسكرية وأمنية في حكومة "المرتزقة" وما يسمى بـ"المجلس الانتقالي" الذي يتبنى "الانفصال" بدعم إماراتي.
لقاءات مكتبية وزيارات ميدانية
تقرير الصحيفة العبرية الذي نشرته، أمس الأول، بعنوان (داخل حرب اليمن التي لا تنتهي: خطوط المواجهة، والحوثيون، ومعركة باب المندب)، كشف تفاصيل تحركات الفريق الصهيوني المرتبط بجهاز المخابرات "الإسرائيلية" أثناء زيارته إلى عدن وعدد من المحافظات المحتلة في الجنوب.
وأوضح "سباير" أنه التقى بقائد عسكري يدعى صالح علي حسن ويشغل منصب "رئيس هيئة العمليات المشتركة" لدى المرتزقة، في مكتبه بمدينة عدن، كما التقى بالمرتزق محسن الداعري، الذي يشغل منصب ما يسمى بوزير الدفاع في حكومة المرتزقة، إضافة إلى لقاءات أخرى عقدها الفريق الصهيوني مع مسؤولين فيما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" في عدن، وتم الحديث على رؤية المجلس الموالي للإمارات في تفتيت الجمهورية اليمنية وانفصال "الجنوب".
ولم يكتفِ المرتزقة بفتح مكاتبهم للصحفي "الإسرائيلي" بل أخذوه في جولة ميدانية إلى عدد من الجبهات بمحافظات الضالع وشبوة ولحج وأبين، للاطلاع على أوضاع المقاتلين في تلك الجبهات ومعرفة مطالبهم، ورافق الفريق الصهيوني في تلك الزيارة المرتزق العميد عبدالله مهدي "رئيس العمليات المشتركة ورئيس فرع الانتقالي في الضالع"، الذي قال بنبرة صريحة للفريق الصهيوني: "نحن والولايات المتحدة في مواجهة واحدة ضد الحوثيون. لذا، نأمل في الحصول على دعم وأسلحة حديثة من الولايات المتحدة، لكسر شوكة المشروع الإيراني".
وكشف الصحفي الصهيوني "سباير" في ذات التقرير عن تلقيه قائمة مطالب واحتياجات عسكرية وقتالية، وقال: "بالعودة إلى عدن، قدّم لنا اللواء صالح سلام، قائد القوات المشتركة للمجلس الانتقالي الجنوبي، قائمةً أكثر تفصيلًا بالمعدات العسكرية اللازمة. "رشاشات خفيفة وثقيلة، ودفاعات جوية، وطائرات مُسيّرة للاستطلاع، وأنظمة دفاع جوي مضادة للطائرات لاستهداف الطائرات المُسيّرة التي تحلق على ارتفاع منخفض، ومعدات رؤية ليلية"، بهدف مواجهة من وصفهم بـ"الحوثيين".
وأفاد "سباير" بأنهم تجولوا بكل أريحية في تلك المحافظات، وكان "الدليل" المرافق لهم ضابطا في الحرس الجمهوري.
وقال: "بينما كنا نغادر المنطقة التي فيها مقبرة البريطانيين بعدن، اقترب منا شاب وحيد ملتحٍ. سأل دليلنا باللغة العربية: لماذا لا يزالون هنا؟. هزّ الدليل، وهو ضابط في الحرس الجمهوري التابع لجيش السلطة المحلية الحاكمة، كتفيه بحيادية. أجاب متجاهلاً السؤال: إنهم جزء من تاريخنا. لم ينطق الشاب بكلمة، وراقبنا -أجانب يرتدون بدلات رسمية من الولايات المتحدة وإسرائيل- ونحن نغادر".
صمود صنعاء
وتطرق التقرير العبري إلى العمليات اليمنية المساندة للشعب الفلسطيني، منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023م، سواء العمليات البحرية التي فرضت ولازالت حصاراً محكماً على الملاحة الصهيونية في البحر الأحمر، أو الهجمات بعيدة المدى التي تطال أهدافاً استراتيجية في عمق فلسطين المحتلة، مشيراً إلى أن صنعاء أثبتت صمودها وليس لديها رغبة في إبرام وقف إطلاق النار أحادي الجانب مع "تل أبيب" والتخلي عن غزة.
وأضاف: "حتى اغتيال إسرائيل الأخير لرئيس وزراء صنعاء ومعظم حكومته لم يكن كافيًا لدفعهم إلى التخلي عن القتال".
ونقل التقرير عن وزير دفاع المرتزقة "الداعري" قوله: "لقد وضعنا خطة استراتيجية بالتعاون مع زعيم المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، وكان من المفترض أن تشمل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والإمارات والسعودية... جهدًا منسقًا لإسقاط الحوثيين".
تعقيدات كبيرة
وإضافة إلى ما كشفه المرتزق الداعري من ارتهانهم لقوى خارجية تحركهم حيث تستدعي مصالحها، أفاد التقرير العبري أن المخطط الذي تسعى "تل أبيب" لتطبيقه ضد صنعاء ويتمثل في دفع فصائل المرتزقة للسيطرة على محافظة الحديدة الساحلية، بهدف تأمين الملاحة الصهيونية في البحرين الأحمر والعربي وباب المندب، يواجه تعقيدات كبيرة، من بينها "الانقسام الشديد بين المعسكر المناهض لصنعاء"، إضافة إلى قلة وضعف عدد المقاتلين في فصائل المرتزقة، مقارنة بقوات صنعاء التي نجحت في التصدي للعدوان السعودي الإماراتي الأمريكي على اليمن لأكثر من 8 سنوات.
ما وراء الصورة
زيارة جوناتان سباير -المعروف بخلفيته الأمنية وصلاته بمراكز بحث "إسرائيلية" ذات صلة بالمؤسسة العسكرية الصهيونية- إلى مدينة عدن ليست حدثًا إعلاميًا عابرًا، بل تأتي خدمة لأجندة استخباراتية "إسرائيلية" وتكشف فيما وراء الصورة عن شبكة أوسع من الرصد "الإسرائيلي" لليمن، لاسيما بعد أن أعلن الكيان بأن اليمن ليس جبهة ثانوية وإنما جبهة رئيسية أكثر سخونة كما هي جبهة غزة.
كما أن هذه الزيارة في مضمونها تكشف أيضاً، مستوى التواصل الذي بلغ بين فصائل المرتزقة، بما في ذلك ما تسمى بوزارة الدفاع في حكومة الفنادق، وبين الكيان الصهيوني.
وأفادت "لا" مصادر محلية في عدن أن الفريق الصهيوني أجرى، إلى جانب لقاءاته، تقييمًا أمنيًا لموانئ عدن وقاعدة العند العسكرية، بتنسيق مع الإمارات.
ولا يُعد (سباير) مجرد صحفي تقليدي؛ فقد خدم في "الجيش الإسرائيلي" وعمل مع مراكز أبحاث تابعة لـ"الموساد"، وسبق أن زار مناطق نزاع مثل سوريا والعراق ولبنان، ويستخدم أدوات الصحافة كمداخل لجمع المعلومات الأمنية والاستخباراتية.
ليست قصة صحفية
ما كشفه تقرير "جيروزاليم بوست" ليس مجرد قصة صحفية، أو عملاً إعلامياً، إنه عمل استخباراتي وسياسي بامتياز ودليل حي على التخابر والخيانة. من تسليم قوائم بالأسلحة، إلى تسهيل مرور الفريق الذي يُعرّف عن نفسه بأنه (أمريكي -إسرائيلي)، إلى طلب الدعم العسكري من الكيان الصهيوني، كل هذه الوقائع تثبت أن قيادات المرتزقة، باتت أداة في يد الاحتلال "الإسرائيلي"، وأن هذا الأمر لم يعد ضمن حدود السرّية، بل خرج إلى العلن بكل جرأة، الأمر الذي يؤكد حقيقة ما سبق وأن كشفته مصادر محلية لـ(لا) عن زيارات لخبراء وضباط وقنوات سرية صهيونية إلى عدن وسقطرى والمخا، ولقاءات أخرى جرت خلف أبواب مغلقة في أبوظبي، بتنسيق وترتيب إماراتي.
* «كيتوباه» تعني بالعبرية عقد الزواج
المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا