قسم التحقيقات / لا ميديا -
‏كذبة تحسن سعر الصرف تحولت إلى فضيحة جديدة لحكومة الفنادق وبنكها الغارق في سياساته العشوائية والمتخبطة، حيث سرعان ما أسفرت عن ضخ دفعة جديدة من العملة المزورة كمؤشر لكارثة أكثر وطأة، فضلا عن الإعلان رسميا عن جفاف في السيولة وعجز تام عن دفع المرتبات.
أكد محللون اقتصاديون أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها حكومة الفنادق وبنك الارتزاق التابع لها تحت مسمى العمل على تحسين سعر الصرف واستقرار العملة لم تكن سوى فقاعة حاولا من خلالها التغطية على الهاوية المالية السحيقة التي خلقتها سياستهما طيلة سنوات، مشيرين إلى أنه سرعان ما بدأت تداعيات تلك الخطوة تتجلى من خلال انعدام السيولة من الأسواق بعد أن تم تجفيفها من قبل البنك، واضطراره إلى ضخ دفعة كبيرة من العملة المزورة فئة 200 كان قد قام بطباعتها في سنوات سابقة.

مُسكنات مؤقتة
ووصف المحللون الاقتصاديون الخطوة التي أقدم عليها بنك الارتزاق والمتعلقة بما سماها «تثبيت سعر الصرف» عبر تجفيف السيولة من الأسواق وكبح التضخم بأنها مجرد مُسكنات مؤقتة تم من خلالها تهدئة الأسواق تمهيدا لطرح الفئة الجديدة للعملة المزورة، محذرين من نتائج عكسية كارثية ستتسبب في موجات ركود وكساد وتعطيل النشاط الإنتاجي.
يأتي ذلك في ظل ما تشهده السوق المالية في المحافظات المحتلة من حالة ارتباك وفوضى مالية عاصفة منذ سنوات، زادت من حدتها الإجراءات الكارثية التي اعتمدها بنك الارتزاق مؤخرا زاعما أنها تهدف لتثبيت سعر الصرف ومواجهة المضاربين بالعملة، في حين يؤكد اقتصاديون أن تلك الإجراءات لا ترتكز على أي مقومات حقيقية.
وكان عدد من المحافظات الجنوبية المحتلة بينها عدن شهدت الأيام الماضية احتجاجات شعبية غاضبة ضد تلاعب محلات الصرافة بأسعار العملات، في ظل تواطؤ من قبل البنك مع محلات وشركات الصرافة وعدم اتخاذ أي إجراءات لحماية المواطنين، ما ولّد سخطاً شعبياً واسعاً.

دفعة جديدة مزورة
إلى ذلك، بدأ بنك الارتزاق في عدن مطلع الأسبوع المنصرم بضخ دفعة جديدة من العملة المزورة المطبوعة خارج التغطية، والتي كانت حكومة الفنادق في عهد المرتزق معين عبدالملك قد أصدرت قرارًا بسحبها في محاولة للحد من انهيار العملة الذي تجاوز 2900 ريال للدولار.
وبحسب المحللين الاقتصاديين، فإن من شأن إعادة تلك الفئة من العملة المزورة إلى السوق، والمقدرة بنحو نصف تريليون ريال، تشير إلى قرار بنك الارتزاق رسميًا باعتمادها من جديد، ما سيخلق تضخما وكارثة مالية.
وكانت حكومة الفنادق استبقت خطوة بنكها في ضخ العملة المزورة بإعلان عجزها الكامل عن صرف المرتبات، في مساعٍ منها للحصول على دعم خارجي لإنقاذ الموقف، خصوصا أن هذا الاعتراف يأتي بعد أسابيع من إعلان واشنطن عن خطة لتعافي عملة الارتزاق، ما يكشف عن هشاشة الوضع الاقتصادي الذي تعيشه المحافظات المحتلة، وعن مستقبل غامض وصعب ينتظر شريحة الموظفين الذين لا تتجاوز نسبتهم 10٪ من إجمالي موظفي اليمن.

اتهامات متبادلة بين بن بريك والمعبقي
وفي سياق الاتهامات المتبادلة بين حكومة الفنادق وبنكها في عدن بالفشل في ضبط السوق، كشفت مصادر مطلعة أن المرتزق سالم بن بريك المعين رئيسا للحكومة قدّم طلباً رسمياً إلى رئاسي الاحتلال بقيادة المرتزق رشاد العليمي، لإقالة محافظ البنك أحمد غالب المعبقي، محمّلاً إياه مسؤولية الفشل في التدخل العاجل لوقف المضاربة الجنونية في سوق العملات.
وأشارت المصادر إلى أن بن بريك اعتبر الصمت المريب من البنك تجاه ما جرى من انهيار للعملات الأجنبية مقابل الريال، دون أي إجراءات اقتصادية أو رقابية، سبباً مباشراً في تعرّض المواطنين لخسائر كبيرة بعد اندفاعهم لتحويل مدخراتهم إلى الريال اليمني في ظل شائعات مضللة وارتفاع وهمي للعملة المحلية.
وأكدت أن التوتر بين رئيس حكومة الفنادق ومحافظ البنك ليس جديداً، بل تصاعد مؤخراً إثر خلافات بشأن سياسات نقدية وملفات صرف المرتبات ورسائل سابقة وجهها بن بريك للبنك دون تجاوب، وفقا للمصادر.

تعزيز نفوذ قلة من المضاربين
وفي سياق الخلافات العاصفة بين مرتزقة الاحتلال، شنت ما تُسمى «نقابة الصرافين الجنوبيين» التابعة لانتقالي الإمارات، أمس الأول، هجوما عنيفا على بنك الارتزاق متهمة إياه بنهب مدخرات اليمنيين ومنح تراخيص عشوائية للشركات، وتعزيز نفوذ المضاربين والإضرار بالعملة.
واتهم بيان النقابة كلا من المرتزق أحمد المعبقي محافظ البنك، والمرتزق منصور راجح وكيل قطاع الرقابة على البنوك بـ«ممارسات وتجاوزات خطيرة» مستمرة منذ أكثر من أربع سنوات، وإدارة مزادات بيع العملة الأجنبية بطرق غير شفافة وبأسعار يحددها المضاربون أنفسهم، ما أدى إلى تعزيز نفوذ قلة من المضاربين وانهيار قيمة الريال مقابل الريال السعودي من 200 إلى 770.
وطالبت النقابة ما وصفتها بـ«الجهات المعنية» بـ«حماية مصالح المواطنين والحفاظ على سلامة النظام المصرفي والمالي».
ووسط هذا كله برزت الخلافات بين أعضاء رئاسي الاحتلال في قصر معاشيق إلى المشهد من جديد بعد قرارات التعيين التي أصدرها المرتزق عيدروس الزبيدي رئيس انتقالي الإمارات والتي اعتبرها باقي أعضاء رئاسي الاحتلال برئاسة المرتزق رشاد العليمي، انقلابا على الصيغة التوافقية التي رسمها الاحتلال في توزيع الأدوار بين مرتزقته، وهو الأمر الذي سينعكس حتما على الوضع الاقتصادي والمعيشي المتردي في المحافظات المحتلة ويجعل بنك الارتزاق يلفظ أنفاسه الأخيرة حسب المحللين الاقتصاديين.