مشهد موثق في الكونغرس يكشف مأزق التسلح الغربي .. صاروخ أمريكي متطور يفشل في إسقاط «صماد»
- تم النشر بواسطة عادل عبده بشر / لا ميديا

عادل بشر / لا ميديا -
في واحدة من أكثر اللحظات دلالة على تحوّل موازين القوة في المنطقة، عُرض أمام الكونغرس الأمريكي مقطع فيديو يُظهر صاروخا من طراز "هيلفاير" أطلقته طائرة بدون طيار أمريكية نوع MQ-9 Reaper على جسم مجهول قبالة سواحل اليمن في 30 تشرين الأول/ أكتوبر 2024.
الصاروخ أصاب الهدف، وتناثرت منه قطع صغيرة، لكن الأخير استمر في مساره ولم يتأثر بالضربة.
المقطع الذي قدّمه عضو الكونغرس الأمريكي "إريك بيرلسون" خلال جلسة الاستماع في 9 أيلول/ سبتمبر الجاري، بناءً على تسريب من مُبلِّغ مجهول، ونشره علنا على منصة X، أثار نقاشا في واشنطن حول الأجسام الطائرة المجهولة (UAP). غير أن تحليل الباحث الأمريكي "آفي لوب" رئيس مشروع غاليليو ومدير سابق لقسم الفلك بجامعة هارفارد، كشف أن حجم وسرعة الهدف يتطابقان مع طائرات صماد المسيّرة التي تستخدمها القوات المسلحة اليمنية.
ونشر "آفي لوب" مقالاً تحليلياً في منصة Medium، بعنوان (هل أصاب صاروخ هيلفاير طائرة صماد التي أطلقها الحوثيون في 30 أكتوبر 2024؟)، أشار فيه إلى أن الجسم مجهول الهوية الذي تم مشاهدته في فيديو النائب الأمريكي، هو طائرة صماد المُنتجة من قبل قوات صنعاء، ضمن أسطول من الطائرات المُسيرة اليمنية متعددة الطرازات ومتنوعة المهام.
وقال: "التُقط الفيديو في 30 تشرين الأول/ أكتوبر 2024 قبالة سواحل اليمن. ومن التقارير الإخبارية في ذلك الوقت، نعلم أنه في الـ29 من ذات الشهر، أعلن الحوثيون في اليمن عن تنفيذهم هجوما بطائرات مُسيّرة متعددة على جنوب إسرائيل، مؤكدين بذلك تقريرا سابقا للجيش الإسرائيلي. وهذا ما يؤكد بأن يكون الجسم المُسيّر في الفيديو هو طائرة مُسيّرة أطلقها الحوثيون".
المعطيات الفنية
واستند الباحث الأمريكي في تحليله إلى معطيات فنية، موضحاً بأن صاروخ هيلفاير Hellfire الذي أطلقته طائرة MQ-9 Reaper يبلغ وزنه نحو 45 كيلوغراما، ويتم توجيهه بالليزر وينفجر عند الاصطدام. وتبلغ سرعته قبل الاصطدام 440 مترًا في الثانية.
وأضاف: "بالنظر إلى الطول المعروف لصاروخ هيلفاير، يُمكن استنتاج أن حجم الطائرة بدون طيار في الفيديو يبلغ بضعة أمتار. وهذا يُقارب حجم طائرات صماد المُسيّرة التي يستخدمها الحوثيون، حيث تبلغ كتلة طائرة صماد المُسيّرة حوالي 200 كيلوغرام، أي أكبر بحوالي 4.4 أضعاف كتلة صاروخ هيلفاير، وسرعتها القصوى 70 متراً في الثانية، أي ما يعادل سدس سرعة صاروخ هيلفاير تقريبًا".
وخلص "لوب" في تحليله إلى أن التوافق بين الحجم والسرعة المتوقعين للطائرة بدون طيار وخصائص طائرات صماد المسيرة، يشير إلى أن ما ظهر في الفيديو ليست "كائنات فضائية"، بل طائرة يمنية من طراز "صماد"، وأن الصاروخ أصاب الطائرة ولم يحقق تدميراً كاملاً، الأمر الذي فشل في إسقاطها.
وأشار الباحث الأمريكي إلى أن "فرقة العمل المعنية برفع السرية عن الأسرار الفيدرالية في الكونغرس الأمريكي، استمعت في تلك الجلسة برئاسة النائبة آنا بولينا لونا، إلى شهادات مباشرة وموثقة حول مواجهات أكثر غرابة مع الأجسام الطائرة غير الملوّنة.
دلالات المشهد
ويرى محللون بأن مشهد اصطدام صاروخ هيلفاير الأمريكي بطائرة صمّاد اليمنية دون أن يتمكن من تدميرها، يحمل أبعادا أعمق من مجرد مواجهة تقنية، فمن جهة يكشف المشهد عن "فشل تكنولوجي غربي" صاروخ متطور صُمم لاختراق الدروع، لم يتمكن من إسقاط طائرة مسيّرة بدائية نسبيا.
ومن جهة أخرى يؤكد "قوة ردع يمنية"، حيث أثبتت الطائرات المسيّرة اليمنية، مرة أخرى قدرتها على تحدي المنظومات الأمريكية و"الإسرائيلية"، حتى في البحر الأحمر.
ومن جهة ثالثة يحمل المشهد "رمزية للمقاومة"، فالفيديو الذي عُرض في قلب المؤسسة التشريعية الأمريكية تحول إلى شهادة حية على أن اليمن، رغم حصاره وضعف إمكانياته، نجح في زعزعة ثقة العدو بترسانته العسكرية.
في السياق الأوسع
رغم أن جلسة الكونغرس ناقشت ملفات أكبر تتعلق بالأجسام الطائرة المجهولة، إلا أن هذا الفيديو -وفقاً للخبراء- يسلط الضوء على واقع لا يمكن تجاهله، وهو أن الطائرات اليمنية المسيّرة لم تعد مجرد سلاح تكتيكي، بل أداة استراتيجية فرضت نفسها على مسرح العمليات في فلسطين المحتلة والبحر الأحمر، وكشفت هشاشة "التفوق العسكري" الذي طالما تباهت به واشنطن و"تل أبيب".
تفوق بالتكلفة والنتيجة
إحدى المفارقات التي يكشفها هذا المشهد، أن صاروخ هيلفاير الواحد تبلغ كلفته ما بين 100 إلى 150 ألف دولار، بينما لا تتجاوز كلفة تصنيع طائرة صماد المسيّرة بضع آلاف من الدولارات. أي أن محاولة اعتراض طائرة يمنية واحدة قد تُكلّف العدو عشرات أضعاف ثمنها، ومع ذلك قد لا يحقق الهدف المنشود.
هذا الخلل في معادلة الكلفة والفعالية يمنح اليمنيين أداة استراتيجية للاستنزاف "سلاح زهيد الثمن قادر على تحييد أسلحة بمئات الملايين من الدولارات، وهو ما يضاعف القلق في واشنطن وتل أبيب، حيث لا يستطيع الاقتصاد ولا الرأي العام تحمل معركة طويلة تقوم على نزيف مالي ومعنوي بهذه الصورة".
المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا