تقرير/ لا ميديا -
بين المجازر اليومية في غزة وتجويع الأطفال حتى الموت، وبين خطة أميركية تُصاغ بعيون صهيونية، يتضح أنّ ما يُعرض على الفلسطينيين ليس "سلامًا"، بل استسلام قسري تحت النار.
ومع استمرار المقاومة في الميدان، وتصاعد الموجة العالمية المناهضة للاحتلال، تتكرّس الحقيقة: لا خطة مفروضة، ولا وصاية خارجية، تستطيع أن تُلغي حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإنهاء الاحتلال، بلا قيد أو شرط.
وارتفعت حصيلة الإبادة الجماعية في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إلى 66,288 شهيدًا و169,165 مصابًا، بعد ارتقاء 63 شهيدا وجرح العشرات بنيران الاحتلال خلال 12 ساعة، بينهم 38 في مدينة غزة وفق وزارة الصحة في غزة. ويواصل العدو الصهيوني تنفيذ غارات مركّزة على مدينة غزة وأطرافها الشمالية، وسط نزوح جماعي للسكان نحو الوسط، رغم أنّ الهجمات تلاحقهم أينما توجهوا.
المأساة لا تقتصر على القصف وحده؛ فقد أعلنت الوزارة عن وفاتين جديدتين بسبب التجويع وسوء التغذية، إحداهما لطفل، لترتفع حصيلة التجويع إلى 457 شهيدًا بينهم 157 طفلًا.

خطة ترامب
على وقع المذابح المستمرة، خرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب بخطة وصفها بـ"الفرصة الأخيرة"، ممهلًا حركة حماس حتى مساء غد الأحد للقبول بها، ملوّحًا بـ"فتح أبواب الجحيم" إن رفضتها. وتتضمن الخطة، التي أيّدها بنيامين نتنياهو، وقف إطلاق النار مقابل نزع سلاح المقاومة، وانسحاب الاحتلال تدريجيا كما يزعم، والإفراج عن الأسرى، يليها تشكيل "سلطة انتقالية" برئاسة ترامب نفسه، وبمشاركة شخصيات دولية مثل توني بلير.
ردّ حركة حماس جاء حذرًا، إذ أكدت أنها بحاجة لمزيد من الوقت لدراسة البنود، مع رفض واضح لبعض النقاط، خصوصًا نزع السلاح والإبعاد القسري، ومطالبتها بضمانات دولية للانسحاب الكامل وعدم خرق العدو الصهيوني لأي اتفاق عبر الاغتيالات.
لكن خبراء الأمم المتحدة فنّدوا الخطة، معتبرين أنّها تفتقد للشرعية القانونية والأخلاقية، وتتعارض مع الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية لعام 2024 الذي طالب بإنهاء الاحتلال فورًا. وأكدوا أنّها ليست سوى نسخة استعمارية جديدة، تفرض وصاية أميركية وتحرم الفلسطينيين من حق تقرير المصير، بينما تغضّ الطرف عن جرائم الاحتلال والمستوطنات والانتهاكات اليومية.

المقاومة تردّ
في الميدان، أعلنت سرايا القدس مسؤوليتها عن تدمير آلية عسكرية صهيونية بتفجير عبوة مضادة للدروع قرب مسجد العزيز في منطقة النفق بمدينة غزة، إضافة إلى اشتباك بالأسلحة الرشاشة والقنابل اليدوية مع قوة خاصة صهيونية في شارع الجلاء، مؤكدة إصابات مباشرة في صفوفها.

أسطول الصمود: جرائم صهيونية في البحر وغضب في العالم
في سياق متصل، يواجه الاحتلال ضغوطًا متزايدة بعد اعتراضه "أسطول الصمود العالمي" في المياه الدولية، واختطاف 331 ناشطًا كانوا متوجهين لكسر الحصار. ووفق مركز "عدالة"، تعرض النشطاء للتنكيل والتقييد لساعات طويلة، قبل نقلهم إلى سجن كتسيعوت في النقب، فيما وصف المركز عملية الاعتراض بأنها اختطاف غير قانوني وجزء من سياسة العقاب الجماعي.
الاعتداء الصهيوني فجّر احتجاجات واسعة في أوروبا، إذ خرج أكثر من 200 ألف متظاهر في إيطاليا بدعوة من النقابات الكبرى، وتحوّل الإضراب العام المفاجئ إلى شلل جزئي في قطاع النقل. ورفع المحتجون أعلام فلسطين ولافتات "أوقفوا آلة الحرب"، فيما وُصفت المظاهرات في روما وميلانو وجنوى بأنها الأضخم منذ بدء الحرب.
إلى جانب ذلك، أعلنت 302 مؤسسة ثقافية وفنية في هولندا وبلجيكا مقاطعة شاملة للمؤسسات الصهيونية، في خطوة وُصفت بأنها ضربة قوية للتطبيع الثقافي مع الاحتلال، وانضم إليها أكثر من 400 فنان عالمي ضمن حملة "لا موسيقى للإبادة".

بن غفير يطالب بتعذيب ناشطي "أسطول الصمود" لأشهر
هاجم من يسمى بوزير "الأمن القومي" في حكومة الاحتلال، المجرم إيتمار بن غفير، قرار الاحتلال ترحيل ناشطي "أسطول الصمود" من الأراضي المحتلة، الذين اختطفوا أثناء توجههم إلى قطاع غزة، بهدف كسر الحصار عنه، مطالبا بتعذيبهم.
وقال بن غفير، في تصريح صحافي، إنّ "قرار رئيس الحكومة بالسماح لأنصار الإرهاب الموجودين في الأسطول بالعودة إلى بلدانهم هو خطأ جوهري"، وفق تعبيره.
وأضاف أنه كان يجب اتباع نهج مختلف، مضيفاً: "أعتقد أنه يجب إبقاؤهم هنا لعدة أشهر في السجن الإسرائيلي، لكي يتعرّفوا على رائحة جناح المساجين الإرهابيين، ولا يمكن أن يكون الوضع أن يرسلهم رئيس الحكومة مرةً بعد مرة إلى بلادهم، وهذه الإعادة تجعلهم يعودون مراراً وتكراراً".
وتأتي تصريحاته في أعقاب تحركات قام بها بن غفير للتأكد من أن الناشطين المعتقلين يتلقون معاملة قاسية أثناء احتجازهم.
وتوجّه بن غفير إلى سجن "كتسيعوت"، وأصدر تعليماته لمصلحة السجون بـ"التعامل معهم كإرهابيين"، بل وصرخ باتجاههم: "أنتم إرهابيون".