مسؤول صهيوني: دفاعاتنا المتطورة بحاجة لمن يُدافع عنها من هجمات الحوثيين
- تم النشر بواسطة عادل عبده بشر / لا ميديا

عادل بشر / لا ميديا -
ثمة حقيقة باتت لا تُنكَر في فلسطين المحتلة، فما اعتُبر يوما منظومة متماسكة وموثوقة للدفاع الجوي "الإسرائيلي" صار اليوم عرضةً لوسائل هجومية، مرنة، رخيصة التكلفة، دقيقة الإصابة، تُحدث أضرارًا باهظة وتُدخل الكيان في دوامة قلق لا نجاة منها.
يتجسد ذلك -باعتراف مسؤولين في "جيش الاحتلال"- في الطائرات المسيرة اليمنية وما حققته من نجاحات في معركة إسناد غزة، حيث نشر الإعلام العبري خلال اليومين الماضيين تصريحات أدلى بها القائد السابق للدفاع الجوي "الإسرائيلي"، والمتحدث باسم "الجيش الإسرائيلي" سابقاً العميد احتياط "ران كوخاف" أكد فيها أن هجمات الطائرات المسيرة اليمنية خلال "معركة إسناد غزة" حققت نجاحات ملموسة على مستوى إصابة أهداف استراتيجية ونفّذت ضربات أحدثت إزعاجا ومخاوفا حقيقية داخل كيان الاحتلال ومؤسسته الأمنية، مشيراً إلى أن الهجمات اليمنية الأخيرة على أم الرشراش "إيلات" ومطاري رامون واللد "بن غوريون" تُظهر أن آلية الدفاع الجوي نفسها صارت بحاجة إلى "دفاع"، وأنه لا يجب على "إسرائيل" انتظار المفاجآت التالية.
الخطر الجديد في سماء الاحتلال
حول هذا نشرت مجلة "غلوبس" العبرية الشهيرة، تقريراً بعنوان "30 ألف دولار لكل طائرة بدون طيار: الخطر الجديد في سماء إسرائيل"، أوضحت فيه أن الهجمات التي نفذتها صنعاء على "إيلات ورامون" تكشفت عن نقطة ضعف كبيرة في منظومة الدفاعات الجوية "الإسرائيلية" باهظة الثمن.
وأفادت المجلة أن ما وصفتها بـ"النجاحات" التي حققتها "إسرائيل" في التصدي للطائرات بدون طيار الإيرانية خلال حرب الـ12 يوماً، "أوحت بأن إسرائيل قد حسمت التحدي. إلا أن الهجمات الأخيرة بالطائرات المسيرة التي شنها الحوثيون على مطار رامون والمنطقة السياحية في إيلات أوضحت أن الوضع ليس مثاليًا".
وأقرت المجلة بأن صنعاء تمتلك قدرات إنتاج محلية، ولا تعتمد، كما يزعم الكثير، على إيران في التسليح وتطوير قدراتها العسكرية، لافتة إلى أن القوات المسلحة اليمنية، تعتمد على "الحرب غير المتكافئة" فتستخدم الطائرات المسيرة "الرخيصة نسبياً" وبأعداد كبيرة بهدف إرهاق وتحدي العدو مهما كانت قوته. بالمقارنة، تُقدر ساعة تشغيل مروحية أباتشي بحوالي 7 آلاف دولار، وطائرة إف-16 بحوالي 25 ألف دولار، دون احتساب الذخائر التي من الممكن استخدامها في عملية الاعتراض، والتي قد تصل تكلفتها إلى حوالي نصف مليون دولار.
وأضافت المجلة "في الوقت نفسه، هناك منظومة القبة الحديدية؛ ويُقدَّر أن كل اعتراض لها يكلف نحو 30 ألف دولار، وبالرغم من ذلك لهذه المنظومة محدوديتها أمام الطائرات المسيرة بسبب الارتفاع المنخفض الذي تطير فيه المُسيّرات، في حين تعترض القبة الحديدية من الأسفل إلى الأعلى".
وأكدت أن الطائرات المُسيرة "تُشكل تحديًا ليس فقط بسبب صغر حجمها وسرعتها المنخفضة ومسحها الراداري الضئيل، ولكن أيضًا بسبب أنظمة التوجيه لديها، حيث تعتمد الطائرات المُسيّرة، جزئيًا على ملاحة بالقصور الذاتي، فيتم توجيهها إلى هدف معين ثم تُطلق بلا توجيه أو متابعة مستمرة من المُشغل".
قبل الاعتراض: الكشف والتعرف
وفقاً لتقرير "غلوبس" فإن القبة الحديدية ليست سوى واحد من خمسة أنظمة أسلحة متطورة تستخدمها "إسرائيل" لاعتراض الطائرات المسيرة. كما ينفذ سلاح الجو مهمة الدفاع، أيضاً باستخدام المروحيات والطائرات المقاتلة إف 16 مكلفة التشغيل، وإضافة إلى ذلك هناك السفن الحربية "ساعر 6" المزودة بقدرات اعتراض أو ما يُسمى بـ"منظومة قبة حماية" النسخة البحرية من القبة الحديدية، ونظام صاروخ "باراك" البحري بعيد المدى، وقد تم استخدام قدرات هذه السفن الحربية في المعركة مع صنعاء، الأمر الذي دفع خبراء عسكريين لدى العدو بالتحذير من أن تشغيل السفن لأغراض هجومية قد يؤثر على القدرات الدفاعية.
ومع ذلك، تشير مجلة غلوبس، إلى أن تحدي الطائرات المسيرة يبدأ قبل اعتراضها بوقت طويل وذلك عند مرحلة الكشف عنها وتحديد هويتها.
ونقلت الصحيفة العبرية عن العميد احتياط ران كوخاف (القائد السابق للدفاع الجوي والمتحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي سابقاً)، القول إنه "يمكن كشف الطائرات المسيرة باستخدام عدة طرق. أولها الرادار اللاسلكي. ويشمل ذلك الرادار الجوي، أو الأرضي، أو البحري، أو الأرضي، أو الرادار العميق"، كما يشمل ذلك مشاركة المعلومات التي تجمعها القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) وكذلك رادارات "الدول الصديقة، بحسب تعبير كوخاف.
الأمر لن يقتصر على هذه المنظومات "الإسرائيلية والأمريكية والدول الصديقة" كي تنجح عملية اكتشاف الطائرات المسيرة لحظة إطلاقها، بل هناك أشياء أخرى، وفقاً لقائد الدفاع الجوي الإسرائيلي سابقاً، تتمثل في الأقمار الاصطناعية، التي يمتلك الاحتلال الصهيوني مجموعة متنوعة منها، بما في ذلك قمر المراقبة الراداري "أوفيك 19" الذي أطلقته شركة الصناعات الجوية "الإسرائيلية" قبل شهر تقريبًا، إلا أن عيب الأقمار الإصطناعية أنها لا يمكنها مراقبة كل شيء من الفضاء على مدار الساعة.
ووصف كوخاف الهجمات اليمنية وخصوصاً بالطائرات المُسيرة بـ"التهديد الاستراتيجي"، قائلاً: "لقد حدد الحوثيون نقطة ضعف في إيلات ورامون ومطار بن غوريون، لذا يطلقون بضع طائرات مسيرة وصواريخ أسبوعيًا، مما يُسبب استنزافًا وتعودًا، ويُشكل تحديًا لنا في مجال التسليح وفي اقتصاد الذخائر".
وأضاف "إسرائيل ليست في حرب ومعها ورقة رابحة مضمونة بشأن الدفاع ضد الطائرات المسيرة. إذا كان هناك احتمال لحظر جوي على إسرائيل بسبب دخول طائرة مسيرة إلى مطار بن غوريون أو رامون، أو إذا أصبحت إيلات خالية بسبب أداة تكلف عشرات آلاف الدولارات القليلة، أو إغلاق مطار، فبالتأكيد نتحدث عن تهديد استراتيجي".
تحدي البحر
في سياق مرتبط نقلت مجلة غلوبس عن ليئور سيغال، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة "عين تسريشيت"، المتخصصة في الأنظمة الكهروضوئية للتعرف على الأجسام للطائرات المسيرة والمركبات، القول إن "ميزة الطائرات المسيرة لا تكمن فقط في تكلفتها المنخفضة نسبيًا، بل في مرونتها التشغيلية أيضًا".
ويضيف: "يُشكّل المجال البحري تحديًا مختلفًا من حيث الكشف، ونرى ذلك في هجمات وإصابات الحوثيين بالطائرات المسيرة في تل أبيب وإيلات. ويُشكّل الكشف بالرادارات في البحر تحديًا كبيراً وأمرًا صعبًا".
بالمحصلة فإن هذه الاعترافات الصهيونية تؤكد أن المواجهة الحالية ليست مجرد تحدٍ تقني بل إعادة تشكيل لساحة القتال، حيث أظهرت الطائرات المسيرة اليمنية قدرة كبيرة على إحداث تأثيرات استراتيجية، وكشفت صور الأدخنة وهي تتصاعد من مطاري رامون واللد و"إيلات" هشاشة أغلى منظومة دفاعية في المنطقة لطالما اعتقد الاحتلال الصهيوني أن هذه المنظومة ستحميه وتصد عنه كل هجوم مهما بلغ مستوى الهجوم، حتى جاءت صنعاء بطائراتها المُسيّرة لتفضح هذه الأسطورة الدفاعية وتكشف هشاشتها وتُعيد تعريف الحرب الجوية.
المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا