إعلام غربي:صنعـاء تهز «تل أبيب» وتؤكد حضورها الفاعل في معركة غزة
- تم النشر بواسطة عادل عبده بشر / لا ميديا

عادل بشر / لا ميديا -
مرّة أخرى تتكشف حقائق مشاركة الإمارات في العدوان "الإسرائيلي" على اليمن، ضمن تحالف خفي تتقاطع فيه المصالح الأمنية والاستخبارية مع "تل أبيب" لمحاولة إفشال الدور الاستراتيجي الذي تلعبه صنعاء في المعركة الدائرة مع عدو الأمة إسناداً للشعب الفلسطيني.
فبعد الاعتراف الصهيوني الصريح عبر مركز أبحاث "إسرائيلي" ويُدعى "مركز القدس للشؤون الخارجية والأمنية" بأن أبوظبي شريك رئيسي لـ"تل أبيب" في جريمة الاغتيال التي استهدفت رئيس الحكومة في صنعاء الشهيد أحمد غالب الرهوي وعددا من وزرائه، نشرت مجلة فرنسية، أمس الأول، تقريراً تحليلياً مطولاً، أكدت فيه الدور الإماراتي في العدوان "الإسرائيلي" على اليمن.
هذا التورط الذي وثقته مجلة "أوريون 21" الفرنسية، يضع أبوظبي في قلب العمليات "الإسرائيلية" ضد صنعاء، مشيرة في سياق تحليلها إلى أن العدوان "الإسرائيلي" على اليمن لم يعد حدثا عابرا في سياق الحرب الممتدة على هذا البلد منذ عقد من الزمن، بل تحول إلى جبهة جديدة مفتوحة ضمن الاستراتيجية "الإسرائيلية" التوسعية التي باتت تمتد من غزة إلى البحر الأحمر، بمشاركة مباشرة أو ضمنية من أطراف إقليمية في مقدمتها الإمارات العربية المتحدة.
تواطؤ إماراتي
بحسب تقرير مجلة أوريون 21، الذي بعنوان (اليمن الحدود الجديدة لإسرائيل) فإن التحولات الإقليمية الأخيرة تكشف عن دور إماراتي متنامٍ في تسهيل العمليات "الإسرائيلية" ضد اليمن. وتشير المجلة إلى أن "قادة أبوظبي ومعهم بعض الدول المجاورة من المرجح أنهم يوافقون على العمليات الإسرائيلية في اليمن ويُحتمل أنهم يشاركون فيها بشكل غير مباشر".
وأوضحت المجلة الفرنسية أن "الشبكات والتقنيات الاستخبارية الإسرائيلية لم تنجح في اختراق حركة الحوثيين، ولا يزال قادتها الرئيسيون خارج متناولها، على عكس ما حصل بوضوح في لبنان وإيران"، لافتة إلى أنه في مقابل ذلك بنت أجهزة الاستخبارات الإماراتية منذ 2015م شبكات تجسس قوية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الفصائل الموالية لـ"أبوظبي" من خلال تقديم الحوافز المالية الكبيرة، حتى باتت الآن تنافس النفوذ السعودي، بما في ذلك
داخل بعض الجماعات السلفية، ومن المرجح أن هذه الشبكات، وفقاً للمجلة، تُستخدم اليوم كقنوات لجمع معلومات تُزوَّد بها "الموساد الإسرائيلي"، لا سيما بعد الفشل الذريع لأجهزتها الاستخبارات الصهيونية في اختراق البنية التنظيمية لحركة "أنصار الله".
جريمة حرب
ترى المجلة الفرنسية أن ذروة العدوان "الإسرائيلي" تجلت في 28 آب/ أغسطس، حين قصفت طائرات الاحتلال اجتماعا لحكومة صنعاء، ما أدى إلى استشهاد رئيس الوزراء وتسعة من وزرائه، ووصفت "أوريون 21" هذا الهجوم بأنه "جريمة حرب مكتملة الأركان"، مؤكدة أن استهداف اجتماع إداري مدني لا يندرج ضمن أي مبرر عسكري، وأن هذا الهجوم يأتي استمراراً للعديد من الغارات التي استهدفت الموانئ والمطار ومحطات الكهرباء والنفط وبنى تحتية عديدة مما أدى الى تدمير تلك المنشآت وسقوط ضحايا مدنيين.
وتضيف أن "إسرائيل" استغلت العملية للتباهي بـ"إنجاز جديد" في حملتها الدموية والتدميرية التي باتت تشمل اليمن، إلى جانب الإبادة الجماعية المستمرة في غزة، والمنسجمة مع التوجهات الإمبريالية التي تتبعها حكومة اليمين المتطرف.
وتؤكد المجلة أن "النجاح العملياتي المعلن عنه يبدو مضللاً"، فالشخصيات المستهدفة في حكومة صنعاء ليست من صناع القرار العسكري، وأن الهدف الحقيقي كان سياسيا ورمزيا يرمي إلى كسر الإرادة اليمنية، وهو ما لم يتحقق.
صمت عربي مريب
توقفت مجلة "أوريون 21" مطولاً عند ما وصفته بـ"الصمت العربي المريب" تجاه اغتيال وزراء في حكومة صنعاء، معتبرة أن غياب الإدانات الرسمية لهذه الاغتيالات يعكس عجز الأنظمة العربية أو "ربما تواطؤها" مع المشروع "الإسرائيلي".
وقالت المجلة "لم تُثر وفاة المسؤولين المدنيين الحوثيين إدانات تُذكر من الحكومات المجاورة. وباستثناء حلفاء إيران من الأعضاء العرب في ما يُعرف بمحور المقاومة، وحده مفتي سلطنة عُمان، أحمد الخليلي، قدّم تعازيه. فهذا الشخص الذي بات استثناء في المشرق العربي بسبب مواقفه الحادة ضد إسرائيل، وصف التزام الوزراء الحوثيين تجاه فلسطين بالبطولي".
موقف أممي باهت وصمت مخز لحكومة الفنادق
في الوقت نفسه، رأت المجلة أن المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، اكتفى بتصريح "متحفظ ومعتدل" عبّر فيه عن "قلقه العميق"، من دون إدانة صريحة للغارات" الإسرائيلية" أو تحميل "تل أبيب" المسؤولية عن قتل المدنيين.
صنعاء تواصل الإسناد
في الجانب الآخر تشير مجلة "أوريون 21" إلى أنه ورغم الغارات الجوية الأمريكية والبريطانية و"الإسرائيلية" التي استهدفت اليمن طوال العامين الماضيين، فإن صنعاء لم تتراجع عن موقفها الداعم لغزة، وواصلت إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، في ما تعتبره المجلة "ردا استراتيجيا" على المجازر في غزة، وعلى العدوان الصهيوني على اليمن.
وقالت "واصل الحوثيون شنّ ضربات على الأراضي الإسرائيلية، دعماً للفلسطينيين. ففي 22 آب/ أغسطس الماضي، استخدم الحوثيون صاروخاً محمّلاً بذخائر عنقودية، في تصعيد غير مسبوق. وينظر الإسرائيليون إلى هذا السلاح الجديد على أنه تهديد متصاعد، نظراً للمخاطر طويلة الأمد للإصابات والوفيات الناجمة عن الذخائر العنقودية المتناثرة والتي سقط بعضها بالقرب من مطار تل أبيب الذي كان الهدف الأساسي للهجوم".
ورغم الرد "الإسرائيلي" السريع على صنعاء بعد يومين، عبر استهداف القصر الرئاسي ومحطة كهرباء، فإن الهجوم الصاروخي كشف هشاشة الجبهة الداخلية "الإسرائيلية" وأظهر قدرة صنعاء على تطوير أسلحتها رغم الحصار.
كما تؤكد "أوريون 21" أن الهجمات اليمنية على السفن المرتبطة "بإسرائيل" في البحر الأحمر تطورت من حيث الدقة والتأثير، إذ باتت تستهدف ناقلات محددة وتحقق إصابات مباشرة.
وترى المجلة أن هذه العمليات تمثل انتقال اليمن من مرحلة "الرد المعنوي" إلى "الرد الاستراتيجي" الذي يهدد المصالح الاقتصادية "الإسرائيلية" مباشرة.
"تل أبيب" نحو الهاوية
يخلص تقرير أوريون 21 إلى أن "إسرائيل"، في ظل حكومة اليمين المتطرف، وسعت دائرة حروبها إلى اليمن لتثبيت حضورها كقوة إقليمية، لكنها بذلك تؤكد انخراطها الكامل في مشروع إمبريالي توسعي.
ورغم حملات القصف المدمرة، لا يبدو أن صنعاء تراجعت عن موقفها أو فقدت قدرتها العسكرية. فالصواريخ الباليستية المتشظية والهجمات البحرية الفاعلة تؤكد أن اليمن ما زال طرفا حاضرا في معادلة الصراع، وأن محاولات إخضاعه لم تفلح.
أما الصمت العربي، فليس إلا شاهدا على عجز الأنظمة أمام تمدد عدو الأمة، في حين يبرز صوت صنعاء كأحد الأصوات القليلة التي مازالت ترفض هذا الواقع وتواجهه بكل ما تملك من قوة وعزيمة وتُقدم في سبيل ذلك التضحيات الجسام.
المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا