من حضرموت إلى المهرة .. توسع الاشتباكات بين فصائل المرتزقة
- تم النشر بواسطة لا ميديا
تقرير / لا ميديا -
أصبحت حضرموت والمهرة أشبه بساحة مزاد علني؛ فالاحتلال الإماراتي يستعرض قوته، والاحتلال السعودي يستعرض وصايته، وشرعية الفنادق لا تعرض شيئاً سوى عهرها المزمن؛ صراعاً بين أدوات الاحتلال، حيث لا صوت يعلو فوق صوت الممول الخارجي، ولا قرار يُتخذ إلا بما يخدم مشاريع التقسيم والنهب. فحضرموت والمهرة لم تعودا مجرد جغرافيا هادئة على هامش البحر، بل أصبحتا قلب صراع محتدم، ومختبراً لمشروع انفصال يريد أن يفرض نفسه بقوة السلاح والمال والارتزاق والعمالة.
تلاحقت الأحداث في محافظتي حضرموت والمهرة المحتلتين لتكشف عن مشهد جديد يراد به للمحافظتين الشرقية الأكبر مساحة على مستوى الأرض اليمنية أن تسلما لفصائل ما يسمى المجلس الانتقالي، الموالي للاحتلال الإماراتي، والتي تساقطت أمامها قلاع الخونج بشكل دراماتيكي كما لو كان الأمر أشبه بأحجار دومينو قام المحتل برصها يوماً وجاء الوقت الذي يجعلها تتساقط، فذهبت شعارات الخونج أدراج الرياح، واستولت فصائل انتقالي الإمارات على مدن حضرموت ومعسكرات ما تسمى المنطقة العسكرية الأولى والمنطقة الثانية والثالثة والرابعة، ليقع عناصرها في الأسر ويداس علم الجمهورية اليمنية بأقدام مرتزقة الإمارات ومجنزراتهم، وعلى مرأى ومسمع ما تسمى "الشرعية"، التي لم يصدر عنها أي تعليق سوى أن توجه العميل رشاد العليمي، رئيس مجلس الفنادق، إلى الرياض كعادته. وليس ذلك فحسب، بل وسقطت المهرة هي الأخرى لتصبح المحافظتان الأكبر في قبضة مرتزقة الإمارات.
صبيحة الأربعاء المنصرم، استيقظ سكان مدينة سيئون ومدن وادي حضرموت على وقع أصوات انفجارات اعتقدوا أنها ناجمة عن اشتباكات عنيفة ومواجهات بين فصائل عسكرية الخونح وفصائل انتقالي الإمارات، ليتبين لهم أن الأخيرة قد سيطرت على سيئون تحت مسمى "عملية المستقبل الواعد". وسرعان ما تمكنت فصائل الانتقالي من السيطرة على المواقع الاستراتيجية الهامة، بما في ذلك مطار سيئون، ومقار "إدارة الأمن"، و"المجمع الحكومي"، و"قيادة المنطقة العسكرية الأولى" التابعة لحكومة الفنادق، ثم استكملت سيطرتها على باقي المدن الرئيسة في وادي حضرموت وتتجه إلى حقول النفط.
وقالت مصادر عسكرية وأمنية إن مرتزقة الإمارات أحكموا سيطرتهم على مناطق ومدن تريم والقطن وحورة والخشعة، قبل أن تتم السيطرة على مناطق شاسعة في الوادي والصحراء، وحتى مدينتي العبر والوديعة على الحدود مع السعودية. وجاء هذا التطور عقب ساعات من اشتباكات عنيفة سيطرت خلالها فصائل الانتقالي على مواقع حماية الشركات النفطية في هضبة حضرموت، فيما انسحبت فصائل ما يسمى حلف قبائل حضرموت، بقيادة المرتزق عمرو بن حبريش، بالتزامن مع استكمال انتقالي الإمارات فرض سيطرته على جميع الألوية العسكرية في جغرافيا وادي وصحراء حضرموت، بما فيها ما يسمى "اللواء 11 حرس حدود" في معسكر رماه في الصحراء، و"اللواء 23 ميكا" في منطقة العبر بالوادي.
وبحسب المصادر فقد استطاع انتقالي الإمارات، بهجومه المبكر على مواقع قوات حماية حضرموت وسيطرته على مواقع الشركات والحقول النفطية، فرض أمر واقع أصبحت من خلاله كامل حضرموت في نطاق سيطرته الفعلية. ومع ذلك، تعطلت حركة التجارة في ميناء المكلا، وتحول إلى منفذ حصري لتهريب النفط والغاز عبر شركات مرتبطة بالإمارات، فيما توقفت مشاريع خدمية وبنى تحتية كانت قائمة، وتحولت ميزانياتها إلى حسابات خاصة بالفصائل المسيطرة.
وفي محاولة لتبرير ما حدث، قال ما يسمى "حلف قبائل حضرموت" إن فصائل الانتقالي القادمة من خارج المحافظة شنت، فجر الخميس، "هجوماً غادراً ومباغتاً" على مواقع تابعة للحلف في حقول المسيلة النفطية، ما أدى إلى سقوط ستة قتلى وعدد كبير من الجرحى، وذلك رغم سريان هدنة جرى التوصل إليها مع سلطات الارتزاق في حضرموت.
وأوضح الحلف، في بيان على "فيسبوك"، أن الهجوم استهدف قواته "من عدة محاور" أثناء وجودها في مواقعها "وهي آمنة"، مشيراً إلى أن الحلف كان قد بدأ "الانسحاب التدريجي" من داخل مواقع النفط التزاماً ببنود الاتفاق الموقع مع المرتزق سالم الخنبشي، المعين محافظاً جديداً لحضرموت، والذي ينص على تهدئة الموقف ومنع أي تصعيد.
بدورها أكدت مصادر قبلية أن فصائل بن حبريش شعرت بخيانة سيدها السعودي لها، رغم تقديم الضمانات بعدم الهجوم عليها، مشيرة إلى أن بن حبريش غادر موقعه بعد اشتداد المعارك، وأن مصيره ما يزال مجهولاً.
نزوح
وفي الأثناء نزحت مئات الأسر من وادي حضرموت باتجاه مناطق أكثر أمناً وسط غياب أي دور إنساني لما تسمى المنظمات الدولية.
وسادت حالة من الرعب والقلق بين السكان، خصوصاً بعد حملات اعتقال واسعة استهدفت ناشطين وصحفيين معارضين للوجود الإماراتي.
والأخطر أن عمليات النزوح طالت بشكل خاص المواطنين الشماليين، الذين تعرضوا لمعاملة مناطقية ممنهجة، إذ جرى التضييق عليهم في أعمالهم ومساكنهم، وأُجبر كثير منهم على مغادرة حضرموت تحت تهديد مباشر من الفصائل الانفصالية، في مشهد يكشف الوجه العنصري للاحتلال وأدواته.
وفي خطوة سريعة، أعلن انتقالي الإمارات، صباح الخميس، سيطرته على محافظة المهرة، بعد اتفاق أفضى إلى تسليم القيادات العسكرية لمواقعها ومؤسسات الدولة، بما فيها إعلان قائد ما يسمى محور المهرة العسكري ولاءه للانتقالي. وطبقاً لمصادر مطلعة، فإن ترتيبات واتصالات مكثفة تمت الأربعاء قد أفضت إلى "عملية استلام وتسليم" بين سلطات الارتزاق التابعة بحكومة الفنادق وفصائل الاحتلال الإماراتي "دون أي مواجهات".
وبإعلانه السيطرة على محافظة المهرة في اليوم التالي من فرض سيطرته على وادي حضرموت، يكون المخطط الذي يرعاه الاحتلال السعودي بتوجيهات الولايات المتحدة قد كشف عن آخر فصوله التي تسعى لتقسيم المقسم في اليمن.
وقد تزامن ذلك مع وصول تعزيزات للاحتلال الإماراتي عبر مطار الريان في المكلا تضم آليات مدرعة وطائرات مسيّرة، فيما انسحبت وحدات تابعة للاحتلال السعودي من بعض المواقع الحدودية في الوديعة، ما اعتُبر تنسيقاً مسبقاً لتسليم الأرض لانتقالي الإمارات.










المصدر لا ميديا