العدوان وجيل التسوية
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / موقع ( لا ) الإخباري

الهدف الاستراتيجي للعدوان (السعوصهيوأمريكي) على اليمن خصوصاً، والأمة العربية عموماً، هو الدفع بالتناقضات -التي ما انفك يعمل على إيجادها- إلى السطح في مجتمعاتنا، والتي لا وجود لها قبل مجيئه، وذلك لإدامة الصراع الذاتي في مجتمعاتنا العربية بهدف خلق جيل بلا وعي، تتقاذفه الكراهية، وتقتله الأحقاد، وتنمحي ذاكرته، وتذهب أدراج الرياح هويته، جيل يتخطفه الإحباط واليأس، فيقبل بالتسويات كيفما كانت، ويذهب للتفاوض حولها، بل ويؤمن بها كمخرج وحيد لما يسمّيه الصراع أو النزاع أو الاحتراب أو الاقتتال.. الخ من تسميات يضعها العدوان الاستعماري الاحتلالي لعدوانه وغزوه، ويزرعها في الجيل، فإذا كان قد استطاع اختراق ما تسمى الثورات العربية ضد الاستعمار، وخلق ليس جيل تسوية فحسب، بل قادة تسوية ومصالحة مع المستعمر، وأكثر من ذلك حين خلق منهم زعماء وأبطال حرب وسلام من أنور السادات إلى عباس، والذين للأسف يؤدون الدور المرسوم لهم من المستعمر، فقام أولئك الزعماء بتجريف الوعي، ومحاولة طمس الهوية.. الخ، من اليمن إلى مصر، ومعظم جمهوريات العرب، لم يبق سوى سورية تصارع، واليمن (يمن 21 أيلول)، وبترويض من أدوات الاستعمار الملكية على رأسها كيان (بني سعود)، ظلت جميع تلك الأنظمة تقريباً تروج للسلام مع العدو الإسرائيلي المحتل، وتعلن من خلال قممها العربية السفلى أن السلام مع المحتل الإسرائيلي لفلسطين هو خيارها الاستراتيجي.
وما مبادرات الأعراب المتتالية للسلام من قبل كيان (بني سعود) باسم العرب، وإبراز إسرائيل كقوة لا تقهر، إلا دليل على ما يريده المستعمر من استسلام عربي يمرره عبر أدواته الوظيفية، حتى ظهرت القوة المقاومة ضد المشروع الاستعماري، بدءاً من جنوب لبنان وصولاً لليمن التي تلقف ما صنعوا، وبثورة 21 أيلول 2014م، وبما تحمله من مشروع تحرر واستقلال من التبعية والوصاية، قد أدت لضعف واضمحلال جيل التسوية، وأثبتت أن زمنه قد ولّى بفعل المقاومة التي استطاعت أن تعري مشروع الاستعمار، وتواجهه، وتلحق به الهزائم. 
إن هدف الاستعمار من حروبه المباشرة على العرب، ومن حروبه التسووية (الحرب الناعمة) التي هي حرب أخرى أخطر من المواجهة المباشرة كما حصل في اتفاقية (أوسلو)، وقبلها (كامب ديفيد)، وإطالة مفاوضات السلام الكاذب الوهمي عشرات السنين بين المعتدي المحتل وسلطة يصنعها للشعب المعتدى عليه، ليفرض من خلالها الأمر الواقع للاحتلال كما هو حاصل في فلسطين، إضافة إلى أن تلك السلطة تقوم بمنع المقاومة ضد المحتل، وتسميها إرهاباً، بل تقوم بحراسة المحتل من أن يصيبه أذى من الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال.. تلك السلطة التي تعتبر كغيرها من السلطات العربية أن السلام مع المحتل الإسرائيلي خيارها الاستراتيجي (الاستسلام للمحتل)، وعليها تقع تصفية المقاومين للمحتل دون مقابل سوى رضاه عنها فقط.
إن جيل التسويات والمترادف مع (الإخواوهابية) ولادة وحياة وديمومة وبقاءً، وثقافة تُسمّي الغزو الاستعماري فتحاً، والاحتلال خلافة كتسمية الاحتلال التركي للإمة العربية بالخلافة العثمانية، وتثبيت ذلك في مناهج التعليم بكافة مراحله، ويعتبرون قيم الغرب حضارة، وحضارة العرب كفراً وردة. بالمناسبة لن يختلف مبعوث الغرب البريطاني مارتن غريفتث عن سابقه إلا بالاسم، واللغة فقط، ومعه، وبه لن تتغير سياسات العدوان، وإن غير في السلوك لبلوغ ذات الهدف، كأنْ يسمح بتخفيف حصار أو فتح منفذ هنا وهناك، والدعوة لإغاثة أكبر، وغيرها من الدعوات. ولربما سوؤه يكون أكبر، فيعتبر الشعب اليمني المعتدى عليه برؤوس متعددة بدلاً من رأسين كـ(ولد الشيك).. والسؤال المطروح: ماذا لدى المختار الجديد (المبعوث) من جديد؟ هل يستطيع وقف العدوان؟ وهل يدعو لمفاوضات؟ مع من؟ وحول ماذا؟ إن لم يستطع وقف العدوان وبدء المفاوضات مع المعتدي، فعن ماذا سوف يتحدث، ويفاوض أو نفاوض؟! هناك أشياء لاتقبل التسويات، منها الحق والحرية والسيادة والاستقلال، ولا تقبل الشراكة ولا التجزئة، ولا مفاوضات مع العدوان قبل أن يجنح للسلم. أما الخونة فهم أذياله، ولا حوار مع الخونة، ولى زمن الوصاية والتبعية والخنوع والذلة (هيهات منا الذلة).
التحية للجيش واللجان الشعبية والشعب وقيادته. الرحمة والخلود للشهداء. الشفاء للجرحى. الحرية للأسرى. الخزي والعار للخونة العملاء. اللعنة على أنصاف الرجال. الهزيمة للعدوان (السعوصهيوأمريكي). النصر للشعب اليمني العظيم.

أترك تعليقاً

التعليقات