جميل المقرمي

جميل المقرمي / لا ميديا -

ماذا عسانا أن نقول وماذا عسانا أن نكتب في حضرة مقامه الرفيع وبحر علمه الزاخر، والذي تعجز فنون الشعر وضروب الإنشاء عن الإيفاء بما يستحقه من التعظيم والتبجيل.
في حين يتلعثم اللسان وتتلاشى العبارات ويقف القلم حائرا بين حنايا السطور في وصف خصاله الحميدة وسجاياه ومواقفه المشرفة تجاه وطنه وشعبه.
حيث كان العلامة محمد عبده سعيد الشوكاني (رحمه الله) مدرسة للعلم، بل أكاديمية متكاملة في شتى المجالات الدينية والثقافية والأدبية، ومن السباقين الأوائل للحاق بركب الصالحين والانضواء تحت لواء المسيرة القرآنية الخالدة، صادعا بصرخة الحق ومرددا شعار البراءة من أعداء الله في وقت كان ذلك الأمر ضربا من الخيال في ظل سياسات القمع والقهر والظلم والاستبداد التي انتهجها نظام عفاش البائد، وسيطرة الوهابية المقيتة بأفكارها المضللة والهدامة على عقول وأفكار المجتمعات، والتي كانت ترى بمنظورها القاصر أن محبة آل بيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هي من أكبر البدع والجرائم التي يستحق مرتكبها القتل والسحل والذبح والشنق والتعزير والتمثيل بجثثه، وفي ذلك أمثلة كثيرة لا تخفى على ذي لب.
لكن العقيدة الصادقة والإيمان الخالص وصدق التوجه والانتماء الذي تميز به الفقيد الشوكاني قد جعل منه ذلك الزاهد الذي لا يؤمن إلا بالله ولا يخشى سواه. جاعلا من نشر العلم وتفقيه الأجيال وغرس الأخلاق والفضيلة في نفوسهم هدفه الأسمى في حياته وتوجهاته، وسبيلا لاستنهاض الهمم وانتشال المجتمع من وحل الضلال الذي كان قد وصل إليه.
وله في ذلك مواقف كثيرة، ومنها مناصرته لمظلومية إخواننا في محافظة صعدة حين تعرضوا لأبشع أنواع الإجرام والتهجير والتنكيل على أيدي جيش عفاش بقيادة المرتزق علي محسن الأحمر وغيره من القيادات العسكرية المنحطة، وتعريف أبناء المجتمع بهذه المظلومية وأخذهم في زيارات متفرقة للمحافظة.
وعلى الرغم من الحملات التي شنت عليه وما تعرض له من المضايقات والملاحقات والسجن من قبل ممثلي نظام عفاش بتهمة انتمائه للاثنى عشرية، إلا أنه كان كالطود الشامخ بعزته وكبريائه.
ولكنه كان بأسلوبه المرن وقوة الإقناع وسداد الرأي لا يخرج من جلسة التحقيق إلا وقد أقنع المحقق بأنه على الحق وأنهم على باطل، ليرحل إلى جوار ربه مؤمنا صادقا ثابتا على مبدأ الحق متمسكا بدينه ومبادئه وقيمه وأخلاقه تشيعه الرحمات من كل من يعرفه ومن لا يعرفه.
وختاما: لا يسعنا في هذا المصاب الجلل إلا أن نعبر عن أحر تعازينا ومواساتنا القلبية لأبناء وأسرة وأهالي الفقيد القاضي محمد عبده سعيد الشوكاني الذي وافته المنية في جمهورية مصر العربية الشقيقة، سائلين المولى القدير أن يتغمده بواسع رحمته ويدخله فسيح جنته، وأن يلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.. إنه سميع مجيب.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

أترك تعليقاً

التعليقات