حروب الإرادات
- محمد الوهباني السبت , 3 أغـسـطـس , 2024 الساعة 7:29:43 PM
- 0 تعليقات
محمد الوهباني / لا ميديا -
إن الحرب ليست صراع طائرات ودبابات وأسلحة، بل هي صدام إرادات. وما يحكم الحروب ليس مقدار الدمار أو عدد الضحايا، بل الهدف السياسي من هذه الحرب. فالطرف الذي يملك الهدف السياسي ويصل إليه هو المنتصر. واضح هذا القول في كل حقب التاريخ، القريب والبعيد، وإن أعداد الجيوش ونوع السلاح لا تعني الكثير في موازيين النصر والهزيمة.
ذهب التدخل السافر على أقطار عربية بتحالف كومبارس عربي نيابة عن مشروع أمريكي صهيوني، وأحيانا بتدخل مباشر من أمريكا و«إسرائيل» في المنطقة، تنفيذا لفوضى ليست خلاقة في شرق أوسط أرادهُ الأمريكي كبيراً بأطماعه، فإذا هو كبير بمقاومته، التي وقفت في وجه ذلك المشروع، من سورية العروبة التي ظلت واقفة رغم تحالف كل جرذان الغرب وحشدهم غير المسبوق وتشكيل معسكرات من مختلف الجنسيات... وذهبت أدراج الرياح وأعلن فشله ذات صمود أسطوري، فكانت الإرادة العربية السورية أقوى من كل حشودهم.
قبل هذا وذاك كان 2006 عاما فاصلاً بين مشروع الارتماء في أحضان الغرب والارتقاء إلى مشروع مقاوم، وتحرير جزء كبير من أراضي لبنان. وكانت بوارج الصهيونية تحترق في عرض البحر مقابل سواحل لبنان المقاوم، الذي أعلن انتصاره وتحرير أرضه، وانتصرت الإرادة اللبنانية على الكيان النووي.
وفي اليمن كان التحالف بتسمية عربية وقوة عسكرية اتخذت سلاح الجو وسيلة لتدمير ما استطاعوا عليه، بظن أن اليمن لن يصمد أكثر من أيام وبالكثير أسابيع (إن بعض الظن إثم)، كما هو حال تصريح العسيري ناطق تحالف العدوان رابع يوم العدوان، الذي قال: «لقد قضينا على تسعين بالمائة من القوات اليمنية، وليس أمام اليمنيين أن يحاربونا إلا بالسيوف»، وغاب عن أذهانهم أن الحرب حرب إرادات، وليست حرب أسلحة، وغابت عنهم حقائق التاريخ البعيد من انتصار في «بدر» بثلاثمائة مقاتل مقابل ألف مقاتل، وصولاً إلى انتصار لبنان 2006 ضد ترسانة الأسلحة الغربية في «إسرائيل».
في اليمن كان الدرس قاسياً عليهم إلى حد فقدان الثقة بالغرب، وتم إيقاف الحرب، وإن كان بشكل غير معلن، خوفا على مصالح صارت تحت سيطرة القوات اليمنية نارياً، وعجز تحالفهم عن تسجيل انتصار عسكري أو سياسي أو اختراق ما.
إن أحداث الأربعة العقود الأخيرة في منطقتنا العربية تثبت أن الحرب بالفعل ليست صراع أسلحة، بل هي صراع إرادات، فالإرادة التي تستمد قوتها من شعب قادر على تحمل كل شيء في سبيل الوصول إلى هدفه، وتناغم إرادة القيادة مع إرادة الشعب، هي عنوان نصر كبير صار واضحا في عيون من كابروا ذات غباء وأيقنت أنفسهم بعد وقوع الفاس بالرأس.
ذهبت حروب المنطقة في العقود الأخيرة تؤكد سنن التاريخ، أن الانتصارات دائما هي من نصيب الإرادات الصلبة، وأن النصر تسطره الإرادات الفولاذية، وليس الأكثر سلاحا. ورغم كل هذه الحقائق الواضحة لا يراها إلا ذوو البصائر الثاقبة. أما الكثيرون فلا يزال تعويلهم على القوة العسكرية الغربية المتناقضة، هدفا ومصالح، حتی معهم، أعماهم الغباء وصاروا أشد كفرا ونفاقا.
المصدر محمد الوهباني
زيارة جميع مقالات: محمد الوهباني