تأخذني همسةٌ من همساتِ الحرف إلى عوالمَ ساحرةٍ، أحلم أن أعيش لحظاتها وتزلزل كياني حتى أشعر أني مع الحرف فقط... لحظة هي الجنون بذاته، بل هي القصيدة التي لم أكتبها بعد... ولم يحلم بكتابتها شاعر قبلي أو بعدي... لحظة تتركني عند مساقطِ الضوء... وجنون عبقري.. حتى أحس أنني أحلق في مدائنِ الأبجدية التي لم تُكتشف بعد، والتي لم يسبقني إليها أحد...
وأنني أميرة في جمهورية الحرف... ومملكة الصباح... وامبراطورية الشعر..
لكن أنّى لي بهكذا لحظة؟
والأيام يغلفها الشحوب... والقلب يسكنه الجليد... والحزن يغلفه الصمت الذي أخرس رعشاتِ المدائن الحرى... والهمسات الراعشة.. وأسكنني ذلك الصمت في مدنِ الصقيع التي حتماً سأهزمها يوماً ما، لأنني لا أطيق مزيداً من الخُرس اللُّغوي.. ولأنني امرأة من حروف يسكن أعماقها بركان من الكلماتِ الملتهبة.. في دفتر الأشواق المضمخ بالرقة والعذوبة المحلقة في فضاءات القديسين والأنبياء... ولأن روحي تهوى التمرد على معاقل القبيلة البلهاء..
لذلك سأحتفي بالرعشة الحرّى حين تغمرني بالدفء، وتغسل عني الحزن، وتهطل على أرضِ حروفي أمطار ِالمساءات الدافئة، والمعتقة بنبيذ الشجن المستحم بصلواتِ القصائد المنبجسة من أصابع الحروف البيضاء... وأفتح لتلك الرعشة مدائن وأحراش وغابات وحقول قلبي البكر، وروحي المتقدة بالحلم الإنساني الخالد... وهنا عند خيمةِ القلب سأنتظرك أيتها الرعشة البيضاء..
فتعالي نمطر معاً على حقولِ الأبجدية والعالمِ اليباب...