النُّورُ هلَّ فهلَّلَتْ صنعاءُ
وتأرَّجَتْ بعبيرهِ الأرجاءُ
والأيكُ غنَّى مرحباً يا خيرَ مَنْ
وطأ الحصى وأظلَّتْ الخَضْراءُ
وتوافدَ الحشدُ الكبيرُ يقودُهُ
حبٌّ يمانيُّ الهوى وولاءُ
يا أيها المبعوثُ فينا رحمةً
لبَّيك إنْ صمتَ الورى وتناؤوا
لبيكَ يا طه تُجَلْجِلُ في المدى
أضواؤها إنْ شاختْ الأضواءُ
لبيكَ ملءَ قلوبنا شَرُفَتْ بها
من قبلنا الأجدادُ والآباءُ
وعلى خطاهم نستحثُّ خيولنا
وعلى خطانا يمضي الأبناءُ
يا سيدي جيرانُنا جاروا على
حرماتنا وتغطرسوا وأساؤوا
في دار ندوتهم أداروا ندوةً
وتجمهر الأوباش والأجراءُ
سلقوا الكلامَ على الكلامِ فمزَّقتْ
روحَ الكلامِ عجوزةٌ شمطاءُ
قالت لقد علم الجميع بأنني
أشقى لكي يتنعمَ الوكلاءُ
هذا الصباح تقيم في أحشائه
- إن لم تهبوا - ليلةٌ ليلاءُ
سَتُسَلِّمُ الدنيا سهيلاً أمرَها
وستسقط التيجانُ والأمراءُ
فلتطعموا أحقادَكم من لحمهِ
قبل الفوات، وكلُّكم غرماءُ
لتعودَ واحته إلى أبوابكم
ترجو النجاة، وتُخْمَدُ الغوغاءُ
يا سيدَ الثقلين أنتَ حليفُنا
والعونُ إذ يتكالبُ الحلفاءُ
المجرمون ولن يحيطَ بجرمهم
في الخلق لا خبرٌ ولا إنشاءُ
ظنُّوا - وبعضُ الظنِّ إثمٌ - أنَّهم
إن صبَّحونا لن يدورَ مساءُ
حتى تدينَ رقابُنا مقهورةً
تحيا كما شاء المليك وشاؤوا
وتجوسُ محرابَ الصلاة خيولُهم
ويعيثُ في حرماتنا السفهاءُ
فتكسَّرتْ يوم اللقاء قرونُهم
وتفاجأ الأغرابُ واللُّقَطاءُ
أن القلوبَ الليِّناتِ كما رووا
عنها صخورٌ في الوغى صمَّاءُ
وبأنَّ حلفَهم الكبيرَ سخافةٌ
كبرى، وجمعَهم الغفيرَ غُثاءُ
كانوا بصحن الجن أشهى وجبةٍ
للجنِّ إذ طبختهم الصحراءُ
كانت حلوقُ الرِّيْحِ من أشلائهم
ترتاعُ كيف تلاشَتْ الأشلاءُ
كيف اعتلى الحافي يدكُّ حصونَهم
ويفرُّ قبلَ قدومِهِ الجُبَنَاءُ
وتهاوَتْ (الإبرامز) من ضرباته
واستسلمَ الأفرادُ والنقباءُ
لا تسألي يا ريحُ، كيف تلبَّستْ
حلفَ الغزاة هزيمةٌ نكراءُ
نحن اليمانيين أنصارُ الهدى
ويداه حين تَكالبَ الأعداءُ
نحنُ اليمانيين عن أمجادِنا
تَحكي السماءُ وَتُنْشِدُ الجوزاءُ
النصرُ معقودٌ على أفعالنا
ولنا بكلِّ فضيلةٍ أسماءُ
والحربُ ليسَ تحالفاً متكبراً
آلاتُهُ مَغْرورةٌ عمياءُ
الحربُ أوطانٌ وعدلُ قضيةٍ
ترجو الخلاصَ وفتيةٌ شرفاءُ
إن يحرزوا نصراً فهم أربابُهُ
أو يلتقوا بالموت فالشهداءُ
صلَّى عليك اللهُ يا علمَ الهدى
يا سَيِّدي ما غَنّت الوَرْقاءُ
ما شَيَّدَ اليمنيُّ نصراً شاهقاً
وتَسَاقَطَ العربانُ واللُّقَطاءُ
جهران - 5 يناير 2016م