غازي المفلحي/ لا ميديا

لا يبدو أن البيت الأمريكي متماسك في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب، فالتناغم والوفاق غائب عن المؤسسات الأمريكي المختلفة، فقد تباينت الآراء كثيراً في قضايا وملفات عدة، ولعل إقالة ترامب لوزير خارجيته (ريكس تيلرسون) في 13 مارس الجاري، وتعيين مدير وكالة الاستخبارات المركزية (مايك بومبيو) خلفاً له، دليل على الاهتزازات في الأرضية الإدارية والسياسية الأمريكية، وقد حظي ملف اليمن كغيره بنصيب من اختلاف وجهات النظر والرؤى الأمريكية، وكان آخرها طرح مشروع قرار في الكونغرس الأمريكي يمهل تحالف العدوان 30 يوماً لحل الأزمة اليمنية دبلوماسياً، فهل ينجح القرار ويغير الكثير في معادلة العدوان على اليمن؟

إنهاء الحرب رهن التصويت
كشف مصدر خليجي، قبل أيام، عن طرح مشروع قرار للتصويت عليه في الكونغرس الأمريكي، ويمهل تحالف العدوان على اليمن 30 يوماً لحل الأزمة اليمنية سياسياً، وأوضح (سامي الفرج) رئيس مركز الكويت للدراسات الاستراتيجية، أن القرار في حال تم التصويت عليه سيكلف بموجبه وزير الخارجية الأمريكي، بالعمل مع تحالف العدوان الأمريكي السعودي لإنهاء الأزمة اليمنية دبلوماسياً، ورفع القيود عن المساعدات، وإذا لم يتم ذلك خلال المدة المحددة بـ30 يوماً سيتم وقف الدعم الأمريكي لتحالف العدوان، والذي يعتمد على الدعم الأمريكي بشكل رئيسي.
وقال الفرج في تغريدة على صفحته بموقع (تويتر): (خبر وصلني للتو: طرح مشروع قرار في مجلسي الشيوخ والنواب (الكونغرس) يعطي وزير الخارجية الأمريكي مهلة 30 يوماً للتحالف السعودي للعمل بما يكفي لحل الأزمة اليمنية دبلوماسياً، ولتسهيل وصول المساعدات إلى المتضررين من الحرب، وإلا فإن أمريكا توقف دعمها العسكري للتحالف).
ويذكر أن عدداً من أعضاء الكونغرس قدموا مشروع قرار لوقف مشاركة الولايات المتحدة في حرب اليمن، استناداً إلى قانون أمريكي ساري المفعول، بموجبه تعتبر المشاركة الأمريكية في حرب اليمن غير قانونية.

صراع الكونغرس والبيت الأبيض، فهل تستفيد اليمن؟
بحسب (رويترز)، فإن مشرِّعين أمريكيين كشفوا النقاب عن خطط لاستخدام قانون صدر قبل عقود من الزمن، يمكن استخدامه لإجراء تصويت في مجلس الشيوخ من أجل وقف مشاركة أمريكا في الحرب على اليمن، وقال أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوري (مايك لي) والمستقل (بيرني ساندرز) والديمقراطي (كريس ميرفي)، في 28 فبراير الماضي، إنهم سيقومون بأول محاولة لاستغلال بند في قانون قوى الحرب لعام 1973، يسمح لأي عضو في المجلس بطرح قرار حول سحب القوات المسلحة الأمريكية من صراع لم تحصل المشاركة فيه على تفويض من الكونغرس. وقال ساندرز في مؤتمر صحفي: نعتقد أن هذا الصراع في اليمن غير دستوري وغير مصرح بخوضه، نظراً لأن الكونغرس لم يعلن الحرب أو يفوض استخدام القوة العسكرية، وقد تم طرح القرار فعلاً في الكونغرس قبل أيام.
 وفي ذات السياق، أشار المحامي الأمريكي (بروس فين) إلى أن مشروع القرار الذي تقدم به النواب الثلاثة، يطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوقف كافة النشاطات العسكرية الأمريكية في اليمن، وأوضح (فين) في مقالة له نشرتها مجلة (The American Conservative)، أنه (في حال تم تمرير مشروع القرار، فسيكون أمام ترامب 30 يوماً لوقف الدعم العسكري الذي تقدمه أمريكا للسعودية وحلفائها الذين يشنون حرباً على اليمن)، وأكد أن وزارة الحرب الأمريكية لطالما حاولت تضخيم الأمور من أجل تبرير (حروب غير معلنة)، والحصول على ميزانية ضخمة، متهماً (البنتاغون) بخلق خصوم، بهدف استمرار تدفق المال لمؤسسة الصناعات العسكرية في أمريكا.
وأضاف الكاتب أن المساعدة التي تقدمها واشنطن للسعودية وحلفائها في عدوانها ضد اليمن، تجعلها حليفة للسعودية في الحرب عليها، وذلك استناداً إلى القانون الدولي، وأوضح أن (ذلك يجعل القوات الأمريكية (أهدافًا شرعية) لهجمات مضادة من قبل (أنصار الله)، ويورط الولايات المتحدة بـ(جرائم الحرب) التي ترتكب بحق المدنيين، بما في ذلك قصف مئات المنازل ومجاعة يعاني منها الملايين بسبب الحصار السعودي)، وقال إن (حركة (أنصار الله) لا تشكل خطراً على الولايات المتحدة، وليست مصنفة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة)، وأضاف أن الحركة تقاتل (أعداءنا اللدودين) المتمثلين بتنظيمي (القاعدة) و(داعش)، مشيراً إلى أن واشنطن تصنف التنظيمين على أنهما منظمتان إرهابيتان، وتابع أن 15 شخصاً من بين الـ19 الذين نفذوا هجمات 11 سبتمبر كانوا مواطنين سعوديين، بينما لم يشارك أي (حوثيٍّ) بهذه الهجمات، حسب ما قال.
وشدد الكاتب على أن دور الحليف العسكري للسعودية الذي تلعبه الولايات المتحدة في اليمن، هو غير دستوري على الإطلاق، مشيراً الى أن (الكونغرس) لم يعلن الحرب (ضد الحوثيين)، ولم يعطِ تفويضاً باستخدام القوات الأمريكية ضد حركة (أنصار الله)، ووصف (فين) مشروع القرار بـ(البداية المشجعة)، وشدد على أنه حان الوقت ليستعيد الكونغرس دوره في قضايا السلم والحرب، والحد من صلاحيات ونفوذ البيت الأبيض على الجيش، ودعا المواطنين الأمريكيين للضغط على أعضاء مجلس الشيوخ الآخرين ليتبنوا مشروع القرار. 

حراك دبلوماسي 
ودعوة السلام الأولى من صنعاء
 يأتي هذا القرار عقب التحركات الدبلوماسية الملفتة التي يشهدها ملف الأزمة اليمنية الراكد، وبعد تعيين البريطاني (مارتن جريفيث) مبعوثاً أممياً جديداً إلى اليمن، وبالتزامن مع ذلك تشهد العاصمة العُمانية (مسقط) حركة دبلوماسية دولية ملحوظة في إطار ملف الأزمة اليمنية، في ظل زيارات نشطة ولقاءات مكثفة مع السلطان قابوس بن سعيد الذي تلعب بلاده دور الوسيط في الحرب على اليمن، وحسب مصادر مطلعة فإن هذه التحركات تستهدف إنهاء الحرب في اليمن برعاية بريطانيا التي زارها ولي العهد السعودي في 6 مارس الجاري، باحثاً عن حلول، ووساطة عُمان والكويت، كذلك زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الأولى الى عُمان في الرابع من فبراير الماضي، كانت تحمل معها مبادرة تمهد لإنهاء الصراع في اليمن، وتسمح بإجراء محادثات سياسية بين الأطراف المتصارعة.
وبحسب ذات المصادر فإن (مصر ستعرض وثيقة تتضمن مبادئ لحل الأزمة اليمنية، بينها وقف القتال والدخول في هدنة يعقبها السماح بإدخال المساعدات الإنسانية، ثم الجلوس على طاولة المفاوضات ومناقشة القضايا الخلافية). وجاءت زيارة الرئيس المصري لمسقط بالتزامن مع تواجد رئيس الوفد الوطني في المفاوضات محمد عبدالسلام، الذي بدوره زار العاصمة العُمانية قبل أسابيع، بالتزامن أيضاً مع زيارة وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، الذي تتولى بلاده ملف اليمن في مجلس الأمن.
وفي الاتجاه ذاته كشفت صحيفة (التايمز) البريطانية أن بريطانيا تعمل على (مساعدة الكويت وسلطنة عُمان على اقتراح استراتيجية خروج للرياض من حرب اليمن، بحيث لا تبدو كأنها هزيمة للسعودية).
وقبل ذلك، كانت قد ظهرت بوادر إيجابية من قبل القوى الوطنية في صنعاء التي طالما نادت بالسلام، حيث دعا سيد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، جميع الأطراف اليمنية، وعلى خلفية أحداث عدن الأخيرة، إلى مراجعة مواقفها والتعقل والعودة للحوار على أساس الشراكة والحرية واستقلال اليمن، كما أكد رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي، أن (أنصار الله) مع أية دعوات للعودة لطاولة الحوار ووقف الحرب من جميع الأطراف، مع منع أي اعتداء من أية دولة أجنبية، وأن تبقى مسائل الخلاف محل استفتاء شعبي للفصل فيها.