حاوره/ عبدالرقيب علي / لا ميديا

مضى نحو شهرين منذ تسلَّم رئيس الدائرة الإعلامية للمؤتمر الشعبي العام، طارق الشامي، رسمياً مبنى صحيفة (اليمني اليوم) من الجهات المختصة في الحكومة، على خلفية تطبيع الأوضاع بين شريكي الوفاق السياسي (الأنصار والمؤتمر) بعد وأد مخطط ديسمبر الخياني. وعلمت (لا) من مصادر مطلعة أنه جرى ترشيح نائب مدير تحرير (اليمن اليوم)، الزميل أحمد الحسني، لرئاسة تحريرها، وأنها على وشك الصدور؛ غير أن شهراً مر من حينها ولا تزال الصحيفة محتجبة وما من مؤشرات على أنها ستصدر قريباً.. في هذا الحوار تناقش (لا) مع الزميل الحسني ملابسات وأسباب تعثر عودة الصحيفة إلى الواجهة، وعلاقة ذلك بكون ملكيتها مختلطة بين (المؤتمر وشركة شبام الخاصة).. يتحدث الزميل الحسني بجرأة عن جملة من المعثرات التي قد تقضي على واحدة من أهم المطبوعات الصحفية التي أثْرَت المشهد الإعلامي الوطني المواجه للعدوان، ما لم يعمل المعنيون في الحزب والحكومة والسياسي الأعلى لتذليل العوائق أمام عودتها مجدداً، وما لم يستخدم الشيخ صادق أبو راس سلطاته كرئيس حالي للمؤتمر دفعاً لحسم حالة المراوحة التي تغرق معها الصحيفة في دوامة من التناوش حول هويتها التجارية والحزبية، بينما يعيش الزملاء العاملون فيها أوضاعاً مزرية آيلين للنزوح إلى أرصفة الشوارع تحت استحقاقات سكن بالإيجار متراكمة من فترات سابقة لأحداث ديسمبر.. في الحوار سيتفاجأ القارئ بأن معدات وأجهزة عمل (اليمن اليوم) لم تسلَّم عند تسليم المبنى، بما في ذلك سيارة الزميل حميد دبوان الخاصة، بمحتوياتها، والتي حرزت ضمن الموجودات عندما وضعت المنشأة في عهدة وزارة الداخلية والأمن!

 قبل أكثـر من شهر تم ترشيحكم ـ بحسب علمنا ـ لرئاسة تحرير صحيفة (اليمن اليوم)، وقال البعض متهكماً: (هاشمي يخلف هاشمياً).. ما تعليقكم؟ وما هي آخر المستجدات؟!
لم أتلقَّ حتى الآن عرضاً بتولي رئاسة تحرير الصحيفة، لا من قيادة المؤتمر الشعبي العام ولا من مالك الصحيفة (شركة شبام للإعلام)، ولا أعتقد أن النسب يدخل ضمن معاييرهما في اختيار رئيس تحرير الصحيفة، وما أعرفه وأعتقد أن كل عاقل يعرفه هو أن اختيار الحضرمي لرئاسة التحرير كان لكفاءته، وليس لهاشميته، ولا حاجة للتعليق على هذيان المصابين بعاهة الدوافع والتفسير الإثني للأشياء، كل ما في الأمر هو أن رئيس التحرير غادر البلاد عقب أحداث ديسمبر المؤسفة، ومدير التحرير مختبئ، ويعتقد أنه مطارد وملاحق، وأصبحتُ بحكم التراتبية الوظيفية في هيكل الصحيفة على رأس طاقم الصحيفة الموجود في الداخل، الذين تشردوا بسبب إغلاق الصحيفة، ويسعون جاهدين لإقناع الجميع بأن عودة الصحيفة مهم للجميع، وممكن بتعاون الجميع، وقد قدمنا خطة عمل موجزة بذلك تستوعب خصوصية المرحلة، وتراعي طبيعة الظروف للجميع.

 ما كان مضمونها؟ ومن تقصد بالجميع؟
أقصد بالجميع الطاقم والناشر والمؤتمر وجبهة الصمود الوطني، وقد وضحنا في الخطة المقدمة أهمية صدور الصحيفة كمشروع استثماري، خصوصاً بعد استقرار الأوضاع، وأن إغلاقها سيحمل الناشر مسؤولية سداد الديون، وتبعات الفصل التعسفي لكافة العاملين، وبيّنا فيها حاجة القيادة الوطنية للمؤتمر إلى الصحيفة لتعزيز خطابها الإعلامي في مواجهة التجاذبات الحادة التي تعصف بالمؤتمر، وتستهدف هويته وثوابته الوطنية، وقلنا إن عودة الصحيفة تخدم التنوع المطلوب في الخطاب الإعلامي لتعزيز الجبهة الداخلية بما يعكس حقيقة أن هناك شعباً بكل مكوناته يواجه عدواناً على الشعب اليمني بكل أطيافه، واستعرضنا في الخطة مجمل العوائق المالية والإدارية والفنية، وقدمنا مصفوفة حلول تراعي الحدود الدنيا من الضروريات، وتتضمن موازنة تقشفية مؤقتة يتم من خلالها خفض النفقات إلى النصف، وترحيل أكثر من 80% من الديون إلى ميسرة، وقد قوبلت الخطة بالثناء.

 ما هي تلك الضروريات؟ ولماذا لم يتحول الثناء على الخطة إلى تنفيذ؟
الخطوة الأولى هي تجهيز مقر الصحيفة السابق في مقر الشركة، واستكمال استعادة ممتلكات الصحيفة وتعيين قيادة جديدة لها، وصرف ما تبقى من مرتبات الموظفين لشهري أكتوبر ونوفمبر، وترحيل مرتبات أشهر الانقطاع إلى ميسرة، والتوجيه بطباعة الصحيفة في إحدى المطابع الرسمية (الثورة ـ 26 سبتمبر).
الخطوة الثانية تسديد الديون اللازمة لاستمرار عمل الصحيفة، والتكفل بدفع نفقات الصحيفة الشهرية بعد التخفيض إلى النصف بحسب الخطة، وستسهم عائدات الصحيفة في ذلك.
أما لماذا لم يتحول الثناء إلى تطبيق فهو لأن الشركة قانوناً هي مالك الصحيفة وصاحب الحق في تعيين قيادة جديدة، لكنها واجهة أصول ثابتة لا تملك المال ولا الاستقلالية، وإن استقلت عن المؤتمر، فلن تكون أهلاً للحصول على الدعم الحكومي لصحفها، والمؤتمر الذي يقول الجانب الحكومي إنه ملتزم بالدعم لصحفه، يقول الصحيفة ليست ملكي، وليس لدي قانوناً سلطة اتخاذ القرار بشأنها وتعيين قيادة لها، والجانب الحكومي منتظر قرار المؤتمر.

 والطاقم؟
هويته مؤتمرية، وهويتهم الوظيفية مؤسسة أهلية، وهويتهم العامة إعلاميون في جبهة الصمود بلا منبر، الشاعر الذي كان يشرف على الملحق الثقافي علي النول يساعد قريبه في حياكة المعاوز، ومحرر الأخبار المتألق قابع في المطعم التابع لوالد زوجته، والمحرر الرياضي المبدع راقد في البيت، والجميع منتظرون حلاً لهذا اللغز على أرصفة المعاناة، والمؤتمر والمجلس السياسي الأعلى والحكومة يتحملون مسؤولية أخلاقية عن هذا الوضع، وأنا أناشد الرئيس الصماد والشيخ صادق أبو راس صرف معونة مالية مؤقتة لأفراد الطاقم حتى تحل معضلة إن لم يكن بداعي المسؤولية فبداعي القبيلة، لأن ما هو قائم هو عيب بكل المقاييس.

 القناة والراديو لهما نفس الوضع القانوني للصحيفة، فلماذا اقتصرت المشكلة على الصحيفة فقط؟
القناة والراديو قيادتهما موجودة، والراديو على حد علمي يتحمل نفقات نفسه، والقناة تم دعمها باعتبار واقعها كقناة مؤتمرية، وليس باعتبار ملكيتها القانونية لشركة شبام، ولو بقي رئيس تحرير الصحيفة لعوملت معاملة القناة.

 ومن سيحل لغز الصحيفة؟
وحده الشيخ صادق أمين أبو راس من يقدر على حل اللغز، فالجانب الحكومي منتظر إشارة منه، والشركة تقول إنها مؤتمرية، أي ممتثلة لتوجيهاته.

 وهل قابلته؟
ليس بيني وبينه علاقة شخصية، لأتجاوز الأطر الهيكلية للمؤتمر والشركة، وقد وعدني رئيس الدائرة الإعلامية في المؤتمر وقيادة الشركة بعرض الخطة عليه، ولم يصلني حتى الآن غير: بانتصلك يا أستاذ.

 حتى تحظى (اليمن اليوم) بتمويل مريح كالسابق، فإنه لا مناص من (توقيع السفير أحمد علي)؟
لا أدري ما مدى صحة ذلك، ولكني أعرف أن كل من يمكنه التوقيع على شيك يستطيع أن يفعل ذلك، والأهم هو هل يفعل من يستطيع؟ وقبل ذلك هل يريد ليفعل.

 في حال صدرت الصحيفة مجدداً ـ يقول البعض ـ إنها لن تكون سوى (لسان حال) آخر للحوثيين في خطابها الإعلامي.. إلى أي مدى هم محقون؟
قل إلى أي مدى هم مولعون بنبوءات ماجي فرح وقراءة الفنجان.. يا أستاذ صلاح لدى أنصار الله صحفهم اليومية والأسبوعية وفضائياتهم وإذاعاتهم، ومعها وسائل الإعلام الرسمية، ولا يحتاجون إلى المزيد، ويمكنهم إصدار المزيد لو شاؤوا. ما يحتاجه أنصار الله وتحتاجه الساحة الإعلامية الوطنية هو التنوع في خطاب الصمود، وليس التعدد، وهذا ما طرحناه في خطة العمل سالفة الذكر، وقد التقيت بقيادات إعلامية لأنصار الله، وكانوا متفهمين جداً لهذا الأمر.
هؤلاء المتنبئون الذين تحدثت عنهم في سؤالك هم من الذين يعرجون قبل الشوكة، كما يقول المثل الشعبي.

 يتهم الديسمبريون مؤتمريي الداخل المستمرين في مناهضة العدوان، وأنت منهم، بالخيانة.. ما هي الخيانة والوفاء في هذه الحالة؟
الخيانة في هذه الحالة، وفي كل الأحوال، هي أن تكون مع العدوان ضد بلدك.

 ما هو موضوع سيارة الزميل حميد دبوان؟
سيادة الزميل حميد دبوان أخذت مع ما أخذ من أصول الصحيفة في أحداث ديسمبر، وهي ملكية خاصة بالزميل حميد دبوان، كافح طويلاً لجمع ثمنها من كد يمينه، ولا علاقة لها بالسياسة. وقد طرقنا أبواباً كثيرة بينها باب الأخ وزير الإعلام، والكل يعدنا خيراً، ولا شيء حتى الآن، قال بعضهم إنه سيتم الإفراج عنها مع بقية السيارات التي حرزت على خلفية الأحداث، وأنا أشعر أن كل الأبواب التي طرقناها في متاهة سيارة حميد دبوان، ليس بينها الباب الذي توجد خلفه السيارة. وأنا أتمنى من خلال هذا اللقاء أن نقرع الباب الحقيقي، ويتم الإفراج عن السيارة، فاستمرار احتجازها ظلم صراح.

  كلمة أخيرة..
صرخة كبيرة: أعيدوا صحيفة (اليمن اليوم).