شَعب يمني!
- تم النشر بواسطة أنس القاضي / لا ميديا

أنس القاضي / #لا_ميديا -
«شعب يمني» تُعد أبرز المقولات الشعبية والتعميمات التي تحضر عند كل حديث أو واقعة سلبية، جواب على سؤال مُبطن: لماذا يحدث كل هذا؟ لماذا واقعنا بهذا السوء؟ فيأتي الجواب: «لأننا شعب يمني»!
مقولة شائعة تصادفها في الشوارع العامة، في المقايل، عند حادث أو مخالفة مرورية، أو طابور غير منتظم، أو مظهر غير حضاري، أو جريمة جنائية... إلى آخر ظواهر الواقع السلبية السائدة.
تقوم هذه المقولة بدورين تخريبيين في العملية التربوية النفسية، فهي من جهةِ تقوم مقام منهج البحث العلمي للإجابة على استفسار منشأ الواقع السلبي، فترد عليه بأنه نابع من كوننا يمنيين، وهو جواب خاطئ، وتقوم مقام الحرب النفسية، نشنها على أنفسنا فنيأس من إمكانية التطور وتغير الواقع السلبي إلى ما هو إيجابي.
تتفق هذه المقولة مع تعميمات المُستشرقين الغربيين عن الشعوب العربية وشعوب الشَرق، إذ ترى أن الشعوب العربية متخلفة في جيناتها وغير قادرة على التطور والتقدم، وبأنها في حاجة إلى المُستعمر لكي يُمدنها ويطورها، وعلى هذه الرؤية الاستشراقية أقيمت عصبة الأمم واندلعت الحروب العالمية لتقاسم المُستعمرات بين الدول الغربية الرأسمالية المتوحشة «المتمدنة».
لا يقتصر هذا الوعي اليومي على الشرائح الاجتماعية ذات التعليم المتدني، بل ينتقل إلى النخبة وأصحاب الرأي والسياسيين والقادة، وقناعة راسخة عند الشباب والمراهقين والمُبدعين، ذوي القدرة على البذل والعمل والتغيير والتطوير والتضحية في بلادنا كما في سائر المجتمعات، فتُحرم البلاد من عطائهم ويهيمن عليهم اليأس والسلبية، فتتعطل قدراتهم ويفتر نشاطهم ويفقدون روح المبادرة، ويصل التأثير السلبي بهؤلاء إلى شتم المجتمع اليمني والرغبة في الهجرة والخلاص منه، وعدم استشعار مهمة وواجب وضرورة الدفاع عنه والفداء ذوداً عن سيادته ووحدة أراضيه ومستقبله ووجوده.
إن تاريخنا اليمني غير البعيد في «اليمن الديمقراطي» و«اليمن العربي» وفي الجمهورية اليمنية من بعد الوحدة وفي «اليمن المتوكلية» قبل ثورة 26 سبتمبر، هذا التاريخ اليمني ينفي هذه التعميمات ويُبطلها، فعلى المستوى الإنتاجي الاقتصادي جاء عهد كانت فيه اليمن مكتفية من القمح ومصدرة، وعملتها أقوى من الريال السعودي كما هو عليه الحال في عهد اليمن المتوكلية، وعلى مستوى سيادة القانون واحترام النظام فقد كانت اليمن الديمقراطية سابقاً نموذجاً لدولة القانون.
وعلى سبيل المبادرة الاجتماعية للخير والبناء والسلام فقد شهدت اليمن أثناء عهد الحمدي وهيئات التطوير والتعاون نهضة تنموية وتكاتفاً اجتماعياً وأخوة وتعاوناً واندماجاً وطنياً عميقاً. كما شهدت الأعوام الأولى لقيام الوحدة اليمنية مناخاً من الديمقراطية وحرية التعبير والرأي والقبول بالآخر، فليس مكتوباً على اليمنيين التوحش والتنابذ والاختلاف والصراع ولا التخلف والنكوص.
رغم الحرب العدوانية المفروضة على بلادنا فهناك نشاط زراعي لافت وتطور تقني، مجسداً بالقوة الصاروخية وبمسابقة المخترعين التي ظهر فيها الشباب اليمني على قدر عالٍ من القدرة على الإنتاج ومواكبة التطور العالمي، وهذه البوادر تُسقط هذه المقولة وتُبشر بالتطور المشروط بالسيادة والحرية الوطنية.
المصدر أنس القاضي / لا ميديا