تنشر «مرافئ لا» نتاجات شعراء الظل بصورة أكثر تركيزا تتيح للقارئ الوقوف على أبعادها وتخومها، لتصدر هذه النتاجات لاحقا في «ديوان لا» السنوي .
القصائد المنشورة في حواشي هذا الملحق للشاعر لـ عبدالباسط السلامي .


عبدالباسط عبدالرزاق السلامي
مواليد 1973  - شرعب - تعز 
بكالوريوس تربية - تعز 1994
مدرس في مدرسة الشهيد عبدالملك قاسم بشرعب السلام


لا ثمـنْ
قل لهم: لا ثمنْ
يكافئُ ذَرَّةَ رمْلٍ عَدَتْها صواريخـُكم غِيلةً
في ترابِ اليمنْ
قل لهم: لا ثمنْ
يعوِّضُ ضحكَةَ طفلٍ أَغارتْ عليها الأَباتشي
فآوى إلى أُمِّهِ مُطْرِقاً يتهاوى على شفتيهِ الزمنْ
لا تُصالح
ولو منحوكَ على كاملِ الوطن العربيِّ الزعامةْ
وهم قصفوا بلداً طيباً .. فَتَأَمَّلْ حُطامَهْ
وقل:
سنناقش أمْرَ السلام صباحَ القيامةْ



صباحُكِ أَخضرْ
صباحكِ أخضر
أنفاسُنا تتقطَّعُ 
يشوي الدخانُ فضاءاتِ أشواقِنا 
والشذى يتعكَّرْ
وفي كلِّ صبح أُربِّتُ صدرَ مَدينتِنا آسِفاً 
وأقول: صباحكِ أخضرْ
المواويلُ حَشرَجَة 
والمَدى مُثْخَنٌ
يستتيبُ الشُّجَيْرات
والجوُّ مسعى 
ومَرعى
لِأحلامِ أفعى
والصَّدى يَتَنَكّرْ
ويبقى: صباحكِ أخضرْ
تقولين: أَسْأَلُ؟ 
-رُحماكِ.. لا تسأَليني
ولا تسألي عاشقاً عن صِباهُ المُسَجَّرْ
كنتُ ما إنْ أشُدَّ الرحيل/ الشذى/ القبلاتِ/ الوَتَر
حَفِيفاً أُغِذُّ -خفيفاً- إلى خافقيكِ السَفَر
أَشُمُّ عَبيرَكِ ما أَروَعَهْ
وأُصغي لِرَجْعِ غدائِرِكِ المتْرَعَةْ
يلملمُ شوقي وعشقي
ورعدي وبرقي
وكانت (عُصَيفِرَةُ) المزرعة
جَنةً مُشرَعَةْ
رِئَةً تتدفقُ في كلّ حيٍّ وبيتٍ وشارعْ
وظلت إلى أَمَدٍ عن هوانا تصارعْ
تقاوم أشباحَ أدخنةٍ ونفوسْ
وحروبَ البسوسْ
وأحكاماً عرفيَّةً وفؤوسْ
وحُمَّى الحديدِ/ الرصاصَ/ المسوخَ/ المجاري/ الخـَدَر
وصوتاً يذودُ السياطَ فتأْبَى
وتنسى -على الجمرِ- أن تتذكّرْ
والصَّـمْتَ.. والصمتُ عار
والقَشَّ.. والأُفقُ نار
وساقيةً بتروا ساقَها
وسحاباً تَخَثَّرْ
فمن يوقف الانتحار
فمن يمنح النسْمَةَ الدربَ نحوَ الرِّئاتِ القِفار
ومن يتصوّفُ في الانتماء 
يقيمُ طقوسَ الحياة هنا جهرةً وخَفاءْ
ويغزلُ صبحَ المدينةِ أَخضرْ
ويصغي لهذا النذيرِ
ويرسمُ هذا الخبر:
كن رفيقاً بصدرِ مدينتِنا الحالمة
لا صفيقاً يُنَتّفُ أهدابَها الناعمة
كن حفيفاً على نسماتِ الهواءِ المسافرِ من ورقاتِ الشجر
كن رحيماً بأَنفِ المدينةِ محشورةً في أنوفِ القذَر
وأغاني المطر
كن رحيماً خفيفاً على ما تبَقَّى لِشَهْقاتِنا مِن وَطر
وتَوَخَّ الحَذَر

أن تكونَ الطريقَ إلى هُوَّةِ المنحدَر
أو تَغُلَّ شرايينَها بالسمومِ
وتُظْمي مشاقرَها والحَوَر
أو تداهمَ وحدتَها والحنينَ
بضوضاء تَحرِمُها المستقَر
أو تسيرَ بأكياسِ جَمْعِ القمائِمِ 
غيرَ مُبالٍ إلى أين تهوي 
ولا أين تأْوي
مخلِّفةً إِفكَها في الهواء التراب
ومعلنةً قبحَنا والخراب
وطافِحةً بالخَطَر
لِنعرفَ كيفَ نقولُ لأحلى المدائنِ كلَّ صباح:
صـباحُكِ أَخضرْ
قليلاً مِنَ الفحم
رِفْقــاً بـِشهْقاتِ أَطفالِنا الأَبرياء الصغار 
قليلاً منَ الجهلِ
فاضَ العمى 
فاسْتباح السما 
والدِّما والمَسار
قليلاً من القبحِ يا شهريار
قليلاً من التيْهِ
ضَلَّ الفنار
قليلاً مِنَ الــ(غَوش)
صِـرنا غُبار
وأُدرِكُ أنَّ الطريقَ إليكِ على زقزقاتِ العصافيرِ في الصيفِ (بَنشَرْ)
ومنكِ الطريقُ إلى كلِّ مَخفَر
وصَيفُ انهِمارِكِ في كلِّ حقلٍ وصبحٍ 
عنِ القَحطِ أَسْفَرْ
ونهارُكِ يَصفر
غيرَ أَنِّي سأَلْهَجُ منطلِقاً في الهَزِيعْ
كَـأَنِّي وأنتِ على موعدٍ مُـعشِبٍ والربيعْ:
صباحُ صِباكِ المُعَتقِ أَخضـرْ 
ولن يَتقَهْقَرْ





صف البلد
قال: إني آنسْتُ نصرا
قال ذاتَ مساء
والدروب مطوقةٌ بالهباءْ:
إنني أقتفي أثري
وأراني على أهبةِ النصرِ أعدو هناك
وقال: تعالوا إلى صفِّكم 
صفِّ هذا التراب
وصفِّ البلدْ 
وقال: سنمضي
-ستمضي إذن؟!
وستمضي لوحدك 
لسنا نرى من أحدْ
رأيناه يحتضن العلم الراية الخالدةْ
ويتمتم -ظل- بأسماءِ بلْداتِنا الرائدةْ
ويردد في كبرياءْ
أناشيدَ أيامِنا الماجدةْ
وتأَمَّلَنا 
ثم قلنا: مضى
وقد سلَّ أحلامَنا وانتضى 
وبلا حذرٍ وبدون انتظارْ
تبسم في وجهنا واستدارْ
ترجَّلَ إلَّا عن الشرفِ اليعربيّ الأصيلْ
وإلا عن الشَّمَمِ اليمني ومجدِ الصعودِ الأثيلْ
وإلا عن الثأرِ للكبرياءْ
وإلا عن العهد للشهداءْ
وإلا عن اليمنِ الشامخِ المستحيلْ
حزِنَّا عليه
وقلنا: وجع
يضاف إلى جرحِنا
قالها وطنٌ لم يكد يتملّى الفتى في زمانِ البجع
علهُ سيكون غداً صوتَه في وجوهِ الدخيلْ
كان يدري الفتى
كان يعني اليمنْ
ومضينا 
ولم ندرِ كيف استـَبَـنَّـا خُطى المجدِ خلفَهْ
ونادى ابنُ نوح 
علينا مرارا
فكيف بحقِّ السماء
ورغمَ الدخانِ الضجيجِ اسْتَبَنَّا الطريقَ
رأينا بلا غبشٍ في ابن نوحٍ عماه وسُخفَهْ
اسـتبنا الطريقَ المجيدَ
العنيدَ
الطويلْ
وركلْنا عواصفَهم جهرةً
تحت بيرقِ هذا العَصِيّ الجَسور
الوفيّ الغَيور
الأشمِّ الرشيد
وركلنا الغبيَّ البغيَّ العميلْ




تعــــز
شارةُ الانتماءِ إلى يمنٍ يغتلي في المُقَلْ
وتعزْ..  شارعٌ في المدينةِ مِعراجُهُ في النجومِ
وأكتافُ رُوَّادِهِ في زُحَلْ 
وتعزْ.. ضوءُ أحلامِنا في السماءِ الفضاءْ
وإشراقُ خطْواتِنا فوقَ أرضٍ حقيقيةٍ
صيفُ عشبِ ترائِبِها لا يُذَلْ
وتعزْ.. شوقُ خمسةِ مليون أغنيةٍ
لحنُها في حلوقِ مواعيدِها غِيْلَةً يُعتقَلْ
وتعزْ.. إعادةُ رسمِ المسافاتِ بينَ السماواتِ والأرض
من أبدٍ لحَوافِ الأَزَلْ
ومن شَفَراتِ السكاكين حتى اشتعالِ القُبَلْ
وتعزْ.. تحتاجُ سبعينَ (سِفْرَ خروجٍ) ليَعْبُرَ نُسَّاكُها بابَ موسى
إذا داهَمَ البابَ جابي الضرائبِ
أو لَمَحوا في وجومِ حَناجِرِها عاصفاً مِن جَدَلْ
وتعزْ.. تُحِبُّ جميعَ الذينَ وكلَّ اللواتي
وترتابُ في كلِّ ماضٍ وآتِ
وفي صَوْلَةِ اليأسِ والجرحِ تتلو نَسِيجَ صباحِ الدُّنى المُحتمَلْ
وتعزْ.. سورةٌ في كتابِ الرسالاتِ منسوخةٌ بالعمى والحَوَلْ
وتعزْ عُزْلَةٌ في البلادِ
وحاراتُها في مَصَافِّ الدّوَلْ
وتعزُّ الهُدى
وتعزُّ السُّدى
وتعزُّ الأملْ
وتعزُّ السلامْ
وتعزُّ الكلامُ الذي لم يُقَلْ