تنشر «مرافئ لا» نتاجات شعراء الظل بصورة أكثر تركيزا تتيح للقارئ الوقوف على أبعادها وتخومها، لتصدر هذه النتاجات لاحقا في «ديوان لا» السنوي .
القصائد المنشورة في حواشي هذا الملحق  لـلشاعرعبده سعيد قاسم قحطان .



عبده سعيد قاسم قحطان 
-من مواليد سبتمبر 1962 شرعب السلام، تعز
-التحق بالجبهة الوطنية في الثامنة عشرة وشارك في نشاطها العسكري. وفي أكتوبر 1983 تم اعتقاله وإيداعه سجن الأمن الوطني. 
-في 2005 التحق بالمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وفي 2008 تم انتدابه إلى ديوان محافظة تعز وأثناء أحداث 2011 تم تعيينه مديرا للمركز الإعلامي في ديوان المحافظة. 
-يعمل حاليا مستشارا إعلاميا لفرع المؤسسة العامة للتأمينات بتعز.



مجازات دائخة
عند منتصف الليل يتسع الجرح 
حتى تضيق بنا الأرض
تذبل في الروح زهر الرؤى 
وتصير الهواجس محض مجازفة يائسة
تصير القصائد أشرعة صنعت من رمالٍ
لتطفو على زبد اليابسة
والمرايا سواداً يكفن ضوء الأهلة في فائض اللحظة العابسة
والمجازات دائخة تترنح في خيبة اللغة العانسة!
عند منتصف الليل تختبئ الحرب بين الضحايا
ويستيقظ النازحون على جوعهم واليتامى على بؤسهم 
والثكالى على ضجة الحزن 
 والشعراء يغنون في الوجع الطلق
للأعين الناعسة!


بروق شاردة
 من سيرعى الأغانيَ 
من بعد موتي 
ويجمع شمل التناهيد في شهقة واحدة؟!
من سيعزف لحن المحبة بعدي 
(غير الذي ستؤول إليه) بوارقي الشاردة؟!
من سيذكرني بعد موتي ويبكي
سوى زوجتي وأنا 
والمقوّت والبنشريّ 
وبائعة الخبز والهاتف الخلويّ
وكوخي الذي في «الصعيد»* و»قوز الطويل»**
وأحلاميَ البائدة؟!
من سيصرخ مثلي 
بأن القوافي التي لا تشذّ عن اللغة السائدة
تصير زحافاً مملاً كحشرجة الريح
في حلق أمسية باردة؟!
من سيفتح في القلب نافذة للطيور 
ويدعو الرفاق إلى البحث في جثة الحزب 
عن جدلٍ طبقيٍّ يضاف إلى القيمة الزائدة؟!
من سيعلق أوجاع عمري قلائد حزن 
على جيد شاعرة خالدة؟!
من سيبصق أحقاده الطبقية في وجه أنظمة السوق 
والسلطة الفاسدة؟!

* الصعيد: قرية الشاعر.
** قوز الطويل: تلة في شرعب السلام شهدت معارك ضارية بين قوات الجبهة وقوات الحكومة مطلع الثمانينيات.



حريــــة 
لفقت باسمنا
كم قلوب قضت نحبها 
في الطريق إليك؟!
وكم أمة لا تزال على جمر 
أحلامها تحترق؟!
كم من الشعراء تفانوا وغنوا لعينيك؟!
كم نزفوا من دموع 
على مسمع البحر
حتى ترنح فيه العباب 
وداخ من الدمع حتى غرق؟!
كم غاص نابُ المقاصل في الدم 
حتى تجشأت الأرض
من تخمة الدم وهماً تناثر من كل جيد شُنق؟!
كم استعبدتنا الشعارات من أجل حرية لُفّقت باسمنا 
في وثائق حزبية في المتاحف مرمية 
تتوجع تحت تلال غبارٍ تصاعد 
من كرنفال الخداع النزق؟!
كم شربنا اللظى من شفاه ليالٍ أصيبت بغيبوبة من نبيذ لظانا
صحونا أفقنا وذبنا... 
ولكنها لم تفق؟!
ماذا نسميك؟!
حرية نبتغيها لأحبابنا والخصوم الألداء؟!
أو هل نسميك وهماً سراباً؟!
 تعالي إلينا لكي نتفق 
زرعناكِ في أول العمر حلما ذكيا
قطعنا إليك المسافات 
زحفا على الجرح حيناً
وحبواً على القلب حيناً 
ولم نكترث للزنازن والقيد والسجن 
حرية كلما اقتربت نحونا نفترق!


مناشدة الروح
أناشدُ روحي أن تتنصّل من وجع الذاكرة
وألّا تلف المساءَ الحزين كشال حدادٍ على الخاصرة 
أناشدُ جيراني الطيبين بأن يدعوا جرس الباب
يغرق بالصمت في لجة الليلة الغائرة 
سيرورة الصمت أشهى 
لدى شاعر خدشت قلبه لفظة جائرة
أقول لحدْسِيْ: إلى أين تأخذك الاحتمالات؟!
يكفي!
غناء العصافير يكفيك عن سفر 
في الفيافي المريبة والمدن العاقرة
لا تسفح الدمع صنعاء إلا لخطب جسيم 
إذا هجرتها البساتين أو رحلت شاعرة!