طاهر علوان الزريقي / مرافىء -

يشهد عصرنا ثورة تكنولوجية بالوسائل التوصيلية، وتعتبر السينما أهم تلك الوسائل. واهتمام صحيفة «لا» الدائم والمستمر يبرهن على مدى قدرة تلك الوسيلة على النفاذ والتأثير والشكل التعبيري الأكثر حساسية، حيث أصبحت الصورة لغة عالمية بتكوينها المركب الجمالي والفني والتسلسل الموضوعي المترابط، بحيث تتمكن من مخاطبة أكثر الجماهير أمية.
قليلة هي الأفلام التي تقول شيئاً ذا قيمة هذه الأيام، خصوصاً في زحمة أفلام العنف والجريمة والعنصرية الأمريكية.
إن انفتاح العالم على أغلب الأفلام الأمريكية الهابطة، والتي تروج لأمريكا أنها مجتمع الديمقراطية والمساواة والعدل. والحقيقة أن العنصرية والجريمة المنظمة والعنف والإرهاب والعدوانية، وكل السمات المشوهة للإنسانية لم تزل قائمة تحت الجلد الأبيض الذي تروج له السينما الأمريكية أنه يتميز عنفواناً وقوة، مقابل آسيوي عاجز وخاضع، وأسود مثير للخوف، أو عربي إرهابي وقاتل وحاقد على المدنية والحضارة الغربية. تلك القوة القادرة على التأثير للسينما الأمريكية وعنصريتها جعلتنا نتعاطف مع الإبادة المنهجية للهنود الحمر، السكان الأصليين لأمريكا، دون التنبه للعصر الاستعماري الذي افتتح بالمذابح. ولست ألمح هنا إلى الماضي، بل حتى اليوم في أمريكا يقتل الهنود والسود، وأيضاً في كندا وغابات الأمازون لا يزال يقتل الملاك العقاريون الكبار الهنود.
رامبو هو القوة الخارقة ونموذج التشوهات وعنصرية الفكر الإمبريالي وانحطاط إمبراطورية الغرب. إن هذه «الرامبوية» التي تستخدم منذ قرون كمبرر أيديولوجي لكل عنف دول الاستعمار القديم والحديث إنما تحاول مرة أخرى لعب دورها الخبيث في آخر المغامرات الاستعمارية في التاريخ، تصفية عنف الجنوب دون الالتفات إلى عنف الشمال. وهذه اللعبة أو المغامرة قدمت وتقدم الآن كأنها آخر هجوم باسم احترام مقدس للقانون الدولي.