سينما الإبهار ومسخ الإنسان
- تم النشر بواسطة طاهر علوان الزريقي/ لا ميديا

طاهر علوان الزريقي / مرافئ -
شرع العالم منذ عدة سنوات في رحلة مذهلة نحو ارتياد آفاق معرفية لا يمكن الإحاطة بنتائجها منذ الآن أو الوقوف عند أي تخوم مفترضة لها. ومن سمات هذا العصر الذي يدشن كل يوم عالماً خلاباً وجديداً معاً بالعلم وإنجازاته المدهشة يكاد يقصي الأذن لمصلحة العين تماماً، فتقنيات الإعلام الحديثة باتت تكتسح كل ما هو قديم وتحيله إلى مستودع الأدوات المهملة، أو في أحسن الأحوال إلى متحف العاديات. إنه عصر الصورة بامتياز.
السينما الأمريكية تمكنت من استغلال عصر الصورة واستخدمت سلاح الإبهار لإيصال رسالة متشائمة حول المستقبل الإنساني. وكان التطور التكنولوجي وحده أبرز العناصر في السينما الأمريكية، بينما ظلت الأهداف سطحية فارغة ولا تخرج في الغالب عن الإبهار والترويج لأفكار وسياسات معروفة. والأطر العامة التي تحكم السينمائي الأمريكي أثناء عمله: صناعة الحلم -أو الوهم- واغتراب الفرد داخل المجتمع الرأسمالي الفاشي والقاسي الذي صار فيه التمرد على الأوضاع السائدة نوعاً من الهلوسة أو الجنون. طوفان من الأفلام التجارية الفجة واستخدام أسلحة الإبهار الفنية الهوليوودية السامة لتوصيل الرسالة ولإبراز المضمون الهابط وسط أجواء شديدة الإبهار تلعب فيها الحيل الفنية والمؤثرات التقنية الأخرى التي تساعد في إظهار تحويل البشر إلى ماكينات تؤدي عملها بانتظام دون حقوق أو آمال، من خلال نظام تنشئه السلطة لتحقيق أهدافها في امتصاص طاقة الإنسان والسيطرة الكاملة عليه بخاصيته الجديدة: «بطارية» مصدرة للطاقة يجري التخلص منها بعد إفراغ شحنتها. وللحصول على أكبر كم من الطاقة ينشئ النظام اللاإنساني (حقولاً) من الأرحام الصناعية لإنتاج البشر أو البطارية بصلاحية محددة.
المصدر طاهر علوان الزريقي/ لا ميديا