عبد الله البردوني -

يا رفاقي إنْ أحزنَتْ أُغنياتي 
فالمآسي حياتُكم وحياتي
إنْ همَت أحرفي دماً فلِأَنِّي
يمنِيُّ المِدادِ قلبي دواتي
أمضغُ القاتَ كي أبيتَ حزيناً
والقوافي تهمي أسىً غير قاتي
أنا أُعطي ما تمنحونَ احتراقي
فالمراراتُ بذْرُكُم ونباتي
غير أنِّى ومِديةُ الموت عطشى
في وريدي أشدو فأُلغي وفَاتي
فإذا جِئتُ مُبكياً فلِأَنِّي 
جئتكم من مَمَاتكم ومَمَاتي
عارياً ما استعرتُ غير جبيني
شاحباً ما حملتُ غير سِماتي
جائعاً من صدى «ابن علوان» خُبزي
ظامئاً من ذبول «أروى» سُقاتي
رُبَّما أشتهي وأُنعِلُ خَطوي
كلَّ قصرٍ يُومي إليكِ فَتاتي
أقسمَ الجَدُّ لو أكلنا بثديٍ
لُقمةً من يدٍ أكلتُ بناتي
قد تقولونَ ذاتيَ الحِسُّ لَكِنْ
أيَّ شيءٍ أُحسُّ؟ من أين ذاتي؟
كلُّ هذا الركام جلدُ عظامي
فإلى أينَ مِن يديه انفلاتي؟!
يحتسي من رمادِ عينيه لَمْحِي
يرتدي ظلَّ رُكبتيه الْتِفاتي
تحت سكِّينه تناءَى اجتماعي
وإلى شِدقِهِ تَلاقى شَتاتي
آخر اللَّيلِ أوَّلَ الصُّبح لكن
هل أحسَّتْ نهودها أُمسياتي؟!
هل أُداري أحلامَكم فأُغنِّي
للأزاهيِر واللَّيالي شواتِ؟!
عندما يُزهر الهشيمُ سأدعو:
يا كؤوس الشَّذى خُذيني وهَاتي
الشِّتاءُ الذي سيندى عقيقاً
يبتدي موسمَ الورودِ اللَّواتي...
ليس قصدي أن تيأسوا.. لخُطاكُمْ
قصَّةٌ من دَمِ الصُّخورِ العواتي
يا رفاقي في كُلِّ مَكْسَرِ غُصْنٍ
إنْ توالى النَّدى ربيعٌ مُواتِ
يرحلُ النَّبعُ للرَّفيف ويَفْنَى
وهو يوصي: تَسَنْبَلي يا رُفاتي
والرَّوابي يهجُسنَ: في مَا وقوفي؟!
هل هنا يا مدى سأرمي ثباتي؟!
سوف تأتي أيامُنا الخُضر لكنْ
كي ترانا، نجيئُها قبل تاتي