إسماعيل الوريث  / مرافئ -

منذ البداية خيّرتني... ربة الشعر المقدّس‏
أن تكون الأرض لي شجناً‏
فأكتب حزنها شعراً‏
وأحمل همّها‏
أو أن أكون مهرجاً في القصر‏
أكتب مدحة حيناً‏
وتصبغ وجهي الألوانْ‏..‏
فاخترتُ منذ بدايتي وطني وشعبي‏
وكتبتُ أشعاري لأرضي‏
ولثورتي سَخّرتُ كل قصائدي ودمي وحبي‏
الأرض أجمل بسمة ظهرت لعيني‏
الأرض أجمل نشوة هزت كياني‏
مازال يربطني بأوجاع الولادة حبلها السري‏
من آلامها يتوالد الفجر البديع‏
ومن بكارتها يجيء الصبح‏
هذي الأرض منذ بدايتي قدري‏
وعمدتُ اختياري بالعذاب‏
وقفتُ بصف ثورتها‏
فلوّح خائنوها بالردى‏
لكن مثلي لا يخون بلاده أو ينحني،‏
وعرفت جدران الزنازن‏
كان يروي صمتها شعري‏
وبوح الأرض كان وسادتي‏
ولمجدها الآتي مهرت دمي‏
منذ البداية علمتني الأرض أن أهب الحياة قصائدي‏
فكتبتُ للأطفال والفقراء أشعاري‏
وأعلنتُ انحيازي للضياء‏
منذ البداية علمتني الأرض أن الشعر فوق المستحيل‏
فبنيت قصراً من وفاء‏
وسكنت في قبو مع البسطاء‏
أبحث في انكسارات العيون عن التمرد‏
أبحث في مواقدهم عن النار التي خلف الرماد‏.
منذ البداية علمتني الأرض أن أهوى التحرر‏
فانطلقت أحرض الحارات والمدن الخنوعة والقلاع‏
وهمست في أذن الجياع‏
أن امتلاك الحلم مقرونٌ بهجمات السباع‏.