«الشرق الأوسط الأخضر» مسمى جديد أطلقه «ابن سلمان» على آخر «هبراته» الكبرى والممتدة 
وهماً حتى العام 2060 وبتكلفة 700 مليار دولار تضاف إلى 500 مليار دولار أخرى ينفقها على إحدى «خرطاته» الموعودة سراباً بإقامة مدينة المستقبل «نيوم» العام 2030.
1.5 تريليون دولار يتوجب على سعودية ابن سلمان دفعها ثمناً باهظاً لأوهامه، تزامناً مع ما تواجهه الرياض حالياً من صعوبات مالية، بما في ذلك دين وطني يبلغ 230 مليار دولار وعجز في الميزانية يبلغ 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي الخام.
يعلق تسيفي برئيل في «هآرتس» العبرية على إعلان ابن سلمان وهمه وعزمه تحويل الرياض إلى واحدة من أكثر مدن العالم تشجيراً بالقول: «إذا كانت جودة البيئة ومعالجة تلوث الهواء هي هواية الرئيس الأمريكي جو بايدن، فيجب على ابن سلمان أن يلعب في الملعب نفسه ويتميز فيه، سعياً لإصلاح علاقته مع المدرب»، والأخير قد يتبرع ببضعة آلاف من الأشجار كبادرة حسن نية تجاه ابن سلمان، الذي يحاول اللعب كذلك مع بايدن في مربعي النفط والتطبيع، وهو ما دفع ابن سلمان -في لقائه الأخير مع مستشار بايدن للأمن القومي جايك ساليبان- إلى أن يشترط إعادة علاقات واشنطن مع الرياض إلى سابق عهدها وتزويد السعودية أولاً بأسلحة أمريكية لمساعدتها في تعزيز أنظمتها الدفاعية أمام الهجمات اليمنية، لقاء الموافقة على طلبٍ/ أمر أمريكي بتدخل «أوبك» في السوق لوقف ارتفاع أسعار النفط، والذي يعتبر تهديداً مباشراً لإدارة بايدن، عبر ضرب التعافي الاقتصادي، فيما يحتاج ابن سلمان إلى أسعار نفط مرتفعة لتخفيف الضغط عليه الناجم عن زيادة الضرائب وتعويض الأموال التي ذهبت لتمويل العدوان على اليمن والمشاريع الاقتصادية المتعثّرة، كما ومقابل إقامة علاقات سعودية دبلوماسية وتطبيع مع كيان الاحتلال، كما أشار إلى ذلك براك ربيد على موقع «إكسيوس».
في هذا السياق، كشف محرّر شؤون الطيران في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إيتاي بلومنتال، أن «طائرة خاصة من طراز بومباردييه تشالنجر 604 مملوكة لملياردير إسرائيلي هبطت الثلاثاء 26 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري في العاصمة السعودية الرياض»، عقب وصول رحلة جوية مباشرة من الرياض إلى «تل أبيب» نفذتها طائرة تابعة لشركة «رويال جيت» الإماراتية.
في حملته لإعادة انتخابه رئيساً لحكومة الاحتلال، وعد بنيامين نتنياهو ناخبيه برحلات مباشرة من «تل أبيب» إلى مكة المكرمة. خسر نتنياهو، وعهد بالوفاء بوعده إلى ابن سلمان، الذي تشهد في عهده السعودية مظاهر صهينةٍ علنية، كان من آخرها وليس أخيرها تجوُّل حاخام يهودي في شوارع المدن المقدسة في وضح ذل النهار، وإقامة فعاليات احتفالية ماجنة في ليالي ونهارات موسم تركي آل الشيخ في الرياض.
إلا أن ثمة ما ينغص على ابن سلمان احتفالاته المتيهودة واحتفاءاته المتصهينة. فبعد أيام من إعلان صندوق الاستثمارات السعودي استحواذه على نادي «نيوكاسل يونايتد» الإنجليزي بنسبة 100٪ فيما عده الإعلام السعودي «نصراً» لا يُضاهى و«هلالاً» لا يُنال، وخلال مباراة «نيوكاسل يونايتد» و«كريستال بالاس» الأخيرة رفع المشجعون في المدرجات لافتة حملت صورة ابن سلمان حاملاً سيفاً بيده ودماء على الأرض وعليها عملات بالريال السعودي إلى جانب لائحة بعنوان «اختبار المُلّاك»، وشملت اللائحة أعمالاً بالإرهاب، انتهاك الحقوق المدنية، القتل، الرقابة والاضطهاد، في فشلٍ أول لمحاولة التبييض الرياضي لجرائم ابن سلمان، التي سعى لتحقيقها من خلال شراء النادي الإنجليزي.
بالتزامن -وفي دلالة على لجوء إدارة بايدن من جديد لأسلوب الضغط على ابن سلمان- استضاف برنامج التك شو الأمريكي الشهير «60 دقيقة» على قناة (سي بي إس) سعد الجبري، المسؤول السابق في المخابرات السعودية، ومحمد بن نايف، مساعد ولي العهد السعودي السابق، وحمل اللقاء التلفزيوني تصريحات مثيرة للجدل من بينها اتهام سعد الجبري لابن سلمان بالتخطيط لاغتيال الملك السابق عبد الله. كما حذر الجبري من خطورة بقاء ابن سلمان في السلطة، ووصفه بـ»الدموي والمصاب باضطراب نفسي»، إذ قال: «أنا هنا لأدق ناقوس الخطر حول سيكوباتي قاتل في الشرق الأوسط يملك موارد غير محدودة ويشكل تهديداً لشعبه ولأمريكا وللعالم ولا يتعلم من تجاربه. لقد شهدنا على جرائم وفظائع ارتكبها هذا القاتل الذي يطمح إلى أن يكون الإسكندر الأكبر».
تصريحات وزير الإعلام اللبناني، جورج قرداحي، التي وصف فيها العدوان على اليمن بالحرب العبثية وأن الشعب اليمني يدافع عن نفسه، أتت لتصب زيتاً إضافياً على نار فشل ابن سلمان المتقدة كما جاءت في سياق كشفٍ متواصل وانكشافٍ مستمر لمشهدية البهرجة السعودية الزائفة.
غير أن أكثر وأكبر وأشد وأعظم ما يعصف بابن سلمان ويقصف مواسمه الاحتفالية المبتذلة هو تأكيد وتعميد وتعميق هزيمته في عدوانه على اليمن، اليمن الذي يصنع مجاهدوه من الجيش واللجان الشعبية أعظم الملاحم الإنسانية وينجزون أكبر الانتصارات العسكرية، وليس آخرها ما تحقق في مأرب، التي صار مركزها قاب قوسين أو أدنى من التحرير، فيما جيش المهفوف ومن خلفه العالم ومن أمامه المرتزقة يجرون أذيال العار والخزي والهزيمة، وكان آخر ذيل ما كشفته وثائق منسوبة إلى وزارة الدفاع السعودية تتضمن توجيها من ابن سلمان بإنشاء مركز للأحوال النفسية يختص بمعالجة نفسية للجنود السعوديين المشاركين في الحرب على اليمن، في دلالة واضحة على حجم الانهيار المعنوي والنفسي والمالي للجيش السعودي بعد سبع سنوات من العدوان تخللها الآلاف من عمليات الاقتحامات والقتل والأسر نفذها مجاهدو الجيش واللجان بحق جيش ومرتزقة عدوان ابن سلمان في جبهات الداخل وعلى طول الجبهات الحدودية، ووثقتها عدسة الإعلام الحربي، وشاهدها العالم وشهد عليها التاريخ.