«لا» 21 السياسي -
في مؤتمر الكذاب الكاذب تركي المالكي الأخير كان من اللافت تقويل من أظهره المالكي في الفيديو محتوىً مكثفاً بشأن البحر الأحمر والساحل الغربي بما يشير إلى مركزية هكذا مربعات بيضاء سوداء في عموم رقعة شطرنج العدوان على اليمن. وخلاصة تلك الأقاويل هي ضرورة السيطرة على البحر الأحمر وسواحله وربط الدعم المالي واللوجستي بميناء الحديدة. وفي هذا إشارة جديدة إلى السواحل اليمنية ودورها في المرحلة المقبلة من الحرب.
وتَبرز في هذا السياق محافظة تعز، التي تتمتع بموقع استراتيجي يمتد من وسط اليمن إلى ساحل البحر الأحمر ويمتد جنوباً إلى مضيق باب المندب كإحدى النقاط الهامة التي من شأن المعركة فيها وعليها تغيير مسار الأحداث في المنطقة انطلاقاً من اليمن.
يقول عضو المجلس السياسي الأعلى في صنعاء سلطان السامعي لصحيفة «الأخبار» اللبنانية إن الجيش اليمني واللجان الشعبية بعد استعادة مأرب سيتجهون لتحرير ما تبقى من محافظات محتلة ومنها محافظة تعز، وهذا شيء بديهي، مُذكّراً بأن التحالف السعودي - الإماراتي عمل منذ بداية الحرب على احتلال مضيق باب المندب وأخرج سكان جزيرة ميون منها نحو الساحل وبدأ ببناء مواقع عسكرية ليس فقط للسعودية والإمارات، فبحسب السامعي هناك قوات فرنسية و»إسرائيلية» تتلطى خلف واجهة القوات الإماراتية.
يضيف السامعي أن السعودية والإمارات حاولتا قبل نحو شهرين إعادة تجميع المرتزقة وسلمتا قيادة محور المخا - باب المندب لطارق صالح، وقد أعلن الإصلاح -عبر الإعلام- تأييده لهذه الخطوة، إلا أنه ضمنياً غير موافق، ولذا فإنهم لن يجتمعوا، وحتى لو اجتمعوا فلن تكون قوتهم أكبر من قوة 17 دولة اعتدت على اليمن.
قبل أسابيع، وبعد اندحار قوات المرتزقة من مديريات الحديدة الجنوبية، كنت في نقاش مع بعض الزملاء بشأن أمر الساحل الغربي، وتحدثت مجتهداً بأن إعادة التموضع الاحتلالية تستهدف شبوة ومأرب وتهدف كذلك إلى إعادة توزيع أدوار الارتزاق والعمالة في رقعة شطرنج المحافظات المحتلة بحثاً عن استدراك أي خسائر استعمارية مضاعفة، إضافة إلى بروز عنصر قديم جديد في معادلة العدوان على اليمن، ممثلاً بالكيان الصهيوني، الذي كان يجري بالتزامن مناورات عسكرية في البحر الأحمر بمشاركة الأمريكيين وأدواتهم الخليجية. وقلت بأن الصهاينة، وكما يبدو واضحاً لكل مراقب حصيف، قرروا الإعلان رسمياً عن تزعمهم العدوان وأنهم سيديرون مباشرة معركة البحر الأحمر كحربٍ استراتيجية لا مجرد تكتيكٍ داعمٍ لحلفائهم المهزومين من صهاينة نجد واليمامة.
في السياق، كشف رئيس أركان الحرب الصهيوني، أفيف كوخافي، النقاب عن جزءٍ من دور «تل أبيب» في العدوان، متحدثاً ضمن تقرير بثته هيئة «كان» الصهيونية الرسمية عن مهام جيشه للعام 2021 بأن قواته نفذت أكثر من 1600 عملية لإحباط محاولات تهريب الأسلحة في ست جبهات مختلفة. طبعاً إحدى تلك الجبهات هي اليمن، إضافة إلى غزة ولبنان وسورية والعراق وإيران.
النشاط الصهيوني في جنوب البحر الأحمر ليس جديداً ولا طارئاً، بل يعود إلى بدايات إعلان كيان الاحتلال في فلسطين، وبرزت الاعتداءات الصهيونية طوال ما كانت تسمى الحروب العربية - «الإسرائيلية»، بل وكشف عن مشاركة الصهاينة إلى جانب السعودية في الحرب الجمهورية الملكية في ستينيات القرن الماضي، وعن اعتداءاتهم الجوية على جزر البحر الأحمر وباب المندب أواسط السبعينيات من القرن نفسه.
تتحدث بعض التقارير عن أنه وفي كانون الأول/ ديسمبر 2021 عقد اجتماع في شرم الشيخ بمصر ضم ضباطا من الموساد «الإسرائيلي» مع الخائن طارق محمد عبدالله صالح عفاش كامتداد لخيانة عمه رئيس الجمهورية السابق، علي عبدالله صالح عفاش، في تنفيذ أجندة «تل أبيب» في اليمن. وثمة حديث آخر عن تواجد ضباط صهاينة من حين لآخر في المخا بصحبة طارق، إضافةً إلى معلومات تشير إلى مشاركة الصهاينة في معارك الساحل الغربي منذ بدايتها ومصرع بعضهم خلال تلك المعارك... إلا أنه وبغض النظر عن كل ما سبق فمن المؤكد أن أداة أبوظبي يسعى لتنفيذ أوامر ومخططات سيد أبوظبي القابع في «تل أبيب».
تغدو المسألة أكثر وضوحا بإعلان الخائن طارق قبل أيام تدشين عملياته الارتزاقية من جديد، والهادفة إلى استقطاع وتأمين مثلث (الوازعية ـ المخا ـ باب المندب) بغطاء إماراتي صهيوني مباشر، وهو ما سيواجه مباشرةً من قبل الجيش اليمني واللجان الشعبية من خلال تنفيذ عمليات تحرير واسعة ومكثفة ومتتالية وممتدة من ساحل البحر الأحمر إلى ساحل الخليج، ولن يكون للصهاينة من يهود وأعراب ثمة عزاء، لا مما تسمى ألوية العمالقة ولا ممن يطلق عليهم الجعاربة.
تكتيكات عيال زايد بهذا الشأن مكشوفة وغير مجدية، وإن كان طحنون قد نجح في جعل السلطات الإيرانية تسمح بعبور أول حمولة تجارية من الإمارات إلى تركيا عبر الأراضي الإيرانية بما يسرع عملية النقل 8 أيام بعد أن كان نقل البضائع من ميناء الشارقة بالإمارات إلى ميناء مرسين التركي عبر مضيق باب المندب وقناة السويس والبحر الأحمر يستغرق 20 يوماً، فإن مخاتلة الربح والمكسب ومساومة العرض والطلب لن تجديا بورصات أبوظبي ودبي نفعاً حين تجول أبابيل اليمن ديار الذين ظلموا أنفسهم، إن وعد الله قريب.